كادت رنا أن تتعثّر أكثر من مرة علي الدرج المؤدي لمنزل الطفولة لزيتد و ياسر و الذي حفظته بقلبها قبل قدميها، لكن ما باليد حيلة، فتوتّرها بلغ أقصي جنونه منذ أن أرسل لها زياد رسالته السخيفة تلك.. لقد عرف اخري! سينظر لاخري بعينيه العاشقتين حتي يلمع سوادهما كما كانت تلمعان لها وحدها! .. لن تسمح له! لن تتركه لغيرها، فليقل أنها أنانية أو جنون، فهو كذلك!
" خلي بالك "
قالها ياسر حين وجدها تتعثّر للمرة الثانية بالذيل الطويل لتنّورتها، فزفرت بحنق قائلة:
" ياسر.. لو اتجنّنت عليه سيبني.. سيبني و متتدخلش أرجوك "
أرجعت الخصلة المتمردة التي تسقط علي عينيها بمجرد أن تنجرف بها المشاعر، و ارتعدت بتحفزٍ قائلة من بين أسنانها:
" هيبقي جنان بجنان بقا! "
تنهّد ياسر بينما فيروز المسينة تتعلّق بذراعه، وجهها مخفي عنه بسبب قبّعتها الشتوية الواسعة التي تشمل رأسها كله، فقال بشرود و هو لا يعلم لمن يوجّه عبارته بالضبط:
" كل حاجة بالهدوء ممكن تتحل.. "
صعدت إلي الفراغ الواسع البارد بالسطح، ظلّت تتلفّت يميناً و يساراً تبحث عنه بجنون، و حين لم تره صرخت باسمه:
" زيااااااد .. "
اسرعت بغضب لباب الغرفة و دفعت الباب فلم يُفتح، و لاحظت القفل الصدئ الذي يغلقه، فصرخت بغضب و ظلّت تركل الباب قالة:
" هربت مني.. هربت و رحت لواحدة تانية بالسهولة دي! "
اعتصر ألم التوتّر معدتها فصرخت صرخة مكبوتة و انحنت قليلاً.. و عندما هدأ الجو.. سمعت صوتاً أثار غضبها أضعافاً، و حفّز فرز الأدرينالين بدمها بنسبة قادرة علي هلاكها، كانت ضحكة انوثيّة رقيعة.. تأتي من الأسفل... نعم! .. تأتي من شقة جارته اللعينة!
هرولت بسرعة و ركضت دون الالتفات لذيل تنّورتها العصرية التي يهفهف خلفها كالإعصار، دفعت ياسر قليلاً لتعبر، بين نظراته التي تؤكد كونها قد جُنّت، و قفزت للأسفل بسرعة ماردٍ غاضب خرج من قمقمه و ما إن رأت باب بيتها حتّي طرقته طرقاً مبرحاً كطرقة شرطة الأداب حين تقتحم أحد البيوت المشبوهة.. تأوهت بسبب وجع مفاجئ و شديد بيدها، و الذي أحدثه طرق باطن يدها علي مسمار ملتويٍ بأحد أركان الباب الخشبي القديم متعدد الألوان.. و في نفس اللحظة فُتح الباب.. لتختفي الحواجز بينهما.. بينه، و بينها!
ترك ياسر فيروز تجلس علي درجة السلم السفلي أمام باب المنزل حين وجد زياد هو من فتح الباب، مشعث الشعر و قميصه مفتوحٌ حتّي سُرّته، فاتّسعت عينيه بقلق، ليس من بوادر الخيانة علي زياد، بل من نظرات رنا المتوعّدة بالجنون الكاسح ...
أعتقد أن الجميع قد سمع صوت رنا و هي تصرخ و ترمي كل ما ترَ أرضاً و سماءاً، تحاول إصابة زياد الذي دفع بجارته للداخل و أغلق عليها الباب، و ظل يناديها بصوتٍ يفوق صوت صراخها العنيد:
أنت تقرأ
بورتريه
General Fictionبينما انت تنظر لملامحي لترسمها بفرشاتك، أحفر أنا ملامحك بذاكرتي و أوشمها علي جدار قلبي... قد يرون حبي لك جنون .. أو غير حقيقي بالمرّة .. لكنّني سأحبك للأبد، و سأستمر في البحث عن الحب بعينيك .. و مقارنة نفسي بمن تستحقك، حتي تثبت لي أنني هي .. ف هل رأ...