الفصل التاسع عشر: "دموعي .. و دقّات قلبي بحُبِك انت.."

540 29 2
                                    

رنّ هاتف ياسر برقمٍ مجهول، فردّ علي الفور، بإحساس غريب لديه، يشعره بأن الأمر يتعلّق بفتاته .. فيروز..

"سيد ياسر .. فيروز تحتاج لمساعدتك.. تهذي باسمك و حالتها خطيرة للغاية!"

و بجرّد أن سمع تلك الجملة بصوت مربيّتها الأجنبية قام منتفضاً، و غادر الردهة بسرعة قائلاً:

"أين هي الآن؟ أخبريني بالعنوان و سأكون عندكم خلال دقائق فقط!"

عاد رؤوف ممسكاً بهاتفه الذي قد أنتهي من الرد عليه للتوّ، و لم يجد ياسر .. فجلس بغرابة، منتظراً أياه كي يظهر، قبل أن يحضر صديقه .. الطبيب النفسي ..

____________
علي أريكة قديمة مغطّاه بإحدي الأقمشة الرخيصة، جلس زياد بشعور من الحنين و الالفة .. فهو الآن جالسٌ علي نفس الأريكة التي جلس عليها منذ سنين بين دوي الرعد و المطر، طالباً من ربّه أن يأخذ بصره، و روحه معاً ليلحق بوالدته! .... ابتسم بحزن لتلك الذكري و نظر حوله علي السطح القديم، و الذي اكتشف أنه لم يكن بعيداً بعداً عظيماً عن الأرض، مما جعله يدرك كم كان طفلاً صغيراً، يخشي المرتفعات منذ نعومة أظافرة! ... راح بصره يتفقد الغرفة الصغيرة الملحقة بالسطح، و التي في يومٍ من الأيام كانت مسكنه و ياسر، و والدتيهما .. يتناولون طعامهم و ينامون بدفء .. حتّي فرقّهم ذلك اليوم الذي انتقلت فيه والدته للسماء ...

نظر للسماء مبتسماً، و همس بينما مسح دمعة خائنة فرّت من عينيه:

"لقد افتقدتك كثيراً أمي! .."

تنهّد بشوقٍ و راح ببصره إلي دفتر رنا .. مذّكرتها الصغيرة .. و فتح أول صفحة بها .. مقرّراً قراءة كل حرف بها ... علّه يعرف أكثر عن ما تخفيه عنه محبوبته بقلبها .. قلبها الذي دقّ و لأول مرّة بأنانيّة .. كم أراد أن يحكي عنها لوالدته!
_________
خرج ياسر من سيّارته بتحفّز بعد أن أوقفها أمام منزل عزمي الجرف .. و اقترب من حبيبته ذات الشعر الأشقر التي سارت ببطئٍ و وهن بجانب مربيّتها، مستندة عليها بكل حملها تقريباً .. لم يتحمّل أن يراها هكذا، فأخذ حملها كلّه بين ذراعيه، و بينما حملها تسائل بقلق عن ما بها، فأجابته المربيّة أنها ستشرح له كل شيء لكن ليس أمام الفتاة .. و أن عليهم أن يسرعوا قبل أن يستيقظ عزمي و يعلم بفعلتهم .. في التجسّس علي هاتفه.. و الهروب!

ممكن تسمعوا دي وقت القراءة:
https://www.youtube.com/watch?v=UHvGpxOMN6U

بينما ياسر يقود بتحفّز و عصبية، ينظر لمرآته ليلقي نظرة تطمأنه علي فيروز، لكنّه لم يطمأن في كل مرة .. فرفع صوته قليلاً إليها و قال بحنانٍ قلِق:

"فيروز مهما كان الي حصل .. أنا جيت و مش هخلّي حاجة تأذيكي تاني ابداً.."

و همس لنفسه بلوم:
"كل ده بسببي .."

وصل للعنوان الذي ظلّت المربيّة تصفه له طوال الطريق، ترجّل من سيّارته ليحمل فيروز التي كانت مستيقظة، تفتح عينيها بهدوء و لا تصدر أي صوت .. جسدها ساكن بين أحضانه، ك طفلة مسكينة لا تعي شيء مما حولها ... أسبل أهدابه بقلق و سار خلف المربيّة التي اتجّهت لباب تلك الفيلا العريقة ... ثوانٍ و فتحت الباب إحدي الخادمات و ابتسمت للمربيّة، و سمحت لها بالدخول .. و في تلك اللحظة أتت صاحبة المنزل، والدة ليلي .. تأوهت بخوفٍ و توجّهت ل ابنتها المحمولة بين ذراعين قويّتين و تسائلت عن ما حدث! فأجابتها المربية بيأس:

بورتريهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن