الفصل الثاني عشر: "كله حسب الخطة! ك دُمَي الماريونِت!"

541 31 9
                                    


وقف زياد في غرفته الخاصّه بمنزله، غرفة الرسم... وقف أمام بورتريه ما،، مغطي بستارٍ أسود. أزال الستار بأنامله و عبس حين واجه عبوس مَن في اللوحة ..والده .. في بورتريه رسمه له في ليلة مشئومة، زعم فيها أنه محق، حين أخرج صوته ببعضٍ مما يحمل صدره مواجهاً شخصاً لم يكن يفهمه.. بقدر ما يفهمه الآن .. هو ليس بقاسي القلب .. ولم يكن يوماً...

لعنة الله علي الغيرة التي تجعل قلوباً تعمي فتعمي البصر و العقل معها! .. فلولا الغيرة تلك لما اختلّ توازن مشاعر رؤوف و أثّر علي تعامله مع زياد بالمقابل ..

نظر إلي جانب الغرفة فوجد إحدي أنابيب الألوان، فأخذ انبوب اللون الأبيض و اتّجه للوحة و فرغها في خطوط عرضية بدئاً من رأس اللوحة، و أخذ يوزع اللون بكفّه اليمني من أعلي لأسفل حتي ينتشر اللون، و يعيد وضع الطبقات حتّي أصبحت اللوحة ما هي إلّا لوحة بيضاء .. كالصفحة البيضاء التي سيبدأها مع والده دون أن يفكر بالماضي ..

نظر علي بقيّة الغرفة، و حدد ما يريد أن يأخذه .. الإثني عشر لوحة التي رسمها لوالدته منذ أن أصبح محترفاً، يرسم لها بورتريه في كل عيد ميلاد لها، يستعين بذكريات وجهها بعقله و بصور لها، و يغير من رسم هيئة شعرها و ما ترتديه، و كأنها حيّة تفعل كل هذا بنفسها .. ابتسم بحنين و مرّ بنظره علي العشر لوحات واحدة تلو الاخري .. حتّي وصل للوحة ما .. الثانية عشر تحديداً .. و هي لوحة تصويرية لها بأواخر الثلاثينات .. ليجد أن بعض التجاعيد حول عينيها أضافت لها وقاراً .. و مع ابتسامتها الحزينة التي رسمها بها لا إرادياً، وجد أنها تشبه شخصاً ما يعرفه .. لا يوجد فرق كبير، فها هي خصلة من شعرها تتمرّد لتنزل علي عينها اليسري .. لم يجد فرق عظيم .. إلا لون الشعر و العينين .. فلون البشرة واحد .. و الإبتسامة واحدة!

____________

طرق ياسر باب غُرفة رنا و ابتعد قليلاً .. بضع ثوانٍ و فتحت رفاء الباب مبتسمة قائلة:

"ياسر"

ابتسم ياسر قائلاً بمرح:

"رؤوف قالّي آخد رنا أوصلها بيتها تجيب الي هي عايزاه و بعدين نفوت علي زياد نساعده"

اختفت ابتسامة رفاء تدريجيّاً و نظرت داخل الغرفة علي رنا التي نامت -في مكانها علي المقعد- و الخادمة تدلّك لها ساقها اليُمني، و أعادت النظر لياسر و قالت بخفوت:

"لازم تروح تجيب الحاجة؟ ده رؤوف قال هنصدمهم بالخبر النهارده!"

هزّ ياسر رأسه بثقة مؤكداً، فهزّت كتفيها باستسلام و خلعت نظّارة القراءة عنها و بدأت تنادي رنا بصوتٍ مسموع:

"رنااا .. رنا قومي إلبسي و روحي البيت"

فتحت رنا عينيها بتثاقل و رفعت رقبتها التي تؤلمها برفق و نظرت لوالدتها و للباب قائلة بغير وعي:

بورتريهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن