الفصل الحادى والثلاثون

10.3K 189 2
                                    

وفى مقهى مطل على كورنيش النيل فى ضواحى القاهره كان مالك يجلس فى انتظار حلا بعد ان اتصل عليها واخبرها برغبته فى مقابلتها ورغم رفضها الا انها رضخت للأمر حينما قال انها ستكون اخر محادثه لهم اذا ارادت ذلك ...
ليلمحها من بعيد وهى تبحث عن طاولته بعينيها وتلعب فى حقيبتها بتوتر ،ليقف حتى تراه ويلوح لها بيده فتتوجه نحوه بهدوء وتريث .
ظل مالك جالس مقابلاً لها بهدوء دون ان يتلفظ بأدنى كلمه مما زاد من توترها وخجلها من مراقبته لها بهذا الشكل .
رفعت نظرها اليه بتأفف هاتفةً :
-انتَ جايبنى هنا عشان متقولش حاجه ولا ايه .
نظر اليها بلمحه من الحزن بسبب طريقتها الهجوميه فى الكلام معه ،ثم قال بهدوء:
-حلا انا معملتش حاجه غلط لما قلتلك ان انا بحبك عشان تغيرى طريقتك فى التعامل معايا كدا تعرفى انى حبيتك من قبل ما اعرف انك بنت حسيت ان فى حاجه بتشدنى ليكِ حتى استغربت اوى من نفسي بس لما عرفت انك بنت عرفت ان دا حب بجد وعشان كدا مرديتش اعرف حد ولا حتى اعرفك ...
لتصدم حلا من كلامه اكان فعلا يعلم حقيقتها منذ مده؟
-ايوا انا عارف من لما كنا فى شرم انك بنت مش ولد سمعتك وانتِ بتكلمى تسنيم فى الموبايل ..وانا مبقولكيش تعالى نتجوز دلوقتى ولا مستنى انك تحبينى زى ما انا بحبك ...بس متنقطعيش عن العالم بسببي .

دس يده فى جيبه واخرج محفظة نقوده ليخرج منها بضعة نقود ويضعها على الطاوله ،ثم اخذ هاتفه ومفاتيحه ووقف متجهاً ناحية باب المقهى ،ولكن اوقف نفسه رغماً عنه ليلقى عليها نظره اخرى فوجدها منكسه الرأس على الطاوله ...احس مالك بنغزات فى قلبه بسبب رؤيتها هكذا ولكن لن يضعف الأن ويرجع من اجلها نعم فهو لن يترجاها اكثر من ذلك فكرامته فوق كل شئ سيرجع مالك الذي لا يبالى بأي شئ مره اخرى .
بينما كانت حلا تملئ عيناها قطرات من الدموع لتنزل دون توقف ..فما هذه الحياه ؟وما هذا القدر العجيب ؟ هى بالفعل تحبه ولكن فى حياتها لا يوجد مكان للحب فلديها ام مريضه وكذلك اختها التى لم تنتقل الى مرحلة التعليم الثانوى بعد وتحتاج الى مصروفات كثيره بالأضافه الى عملها وجامعتها ...
فالديها فعلاً من المشكلات الكثير ..ولا تقدر على التفكير فى اى شئ اخر ،ولكن ما احزنها بالفعل هو الحزن الذي يملئ اعين مالك ...فهى قد احزنته بالفعل .
.......................................
وعند ملك وصلت الى الشركه لتدلف الى مكتبها وتجلس بغضب من انس ذلك البغيض الذى افسد عليها حياتها ...لم تكن تحلم فى مجرد احلامها ان تتزوج بهذه الطريقه فهى كانت كباقى الفتيات مليئه بالحلام الورديه ...واضافة الى ذلك فهى قد تزوجت بأكثر الأشخاص الذي يمكن ان تحقد عليه فهو قد استغل ضعفها ومرض اخيها ليتزوج منها ويتحكم فيها بالأضافه الى احكامه السابقه عليها ،ولكنها لن تنكر حاجتها الماسه اليه فأخيها عندها اغلى من حياته ومن الممكن ان تفديه بحياتها ان لزم الأمر .
قطعت عليها خلوتها يارا :
-ملك جبتى الورق .
-اه جبته ،ومستر انس وقع عليه كمان .
-الحمد لله دا ورق مهم جداً ولو اى حد عرف محتواه ممكن نخسر الثفقه الجديده ..وفى ناس كتير بيحاولو يسرقوه .
-ياه للدرجه دى مهم .

يارا بأبتسامه :
-امال ايه ...يلا معطلكيش عن شغلك سلام .

لوحت لها ملك بيدها لتغرق فى تفكيرها من جديد فور ان خرجت يارا .
..................................
وعند انس كان مستلقي على ظهره يفكر فى ملك ...
ذلك الأسم الذي اصبح يشغل تفكيره دائماً يفكر فيها ...هو لم يقابل شخص بتلك البراءه من قبل وتلك اللمعه الموجوده فى عينها تأخذ اى شخص الى عالم اخر بمجرد نظره واحده ونبرتها الرقيقه فى الكلام ...وادبها والتزامها الدينى كل ذلك كافى ليشغل تفكيره ...اضافة الى مجئ والده الذي عكر عليه كل شئ فهو يبغض والده اشد البغض ...ليس فقط لأنه تركهم وهم صغار ....بل لأنه يحاول ان بأخذه الى صفه بكل الطرق حتى لو اذاه بهذه الطريقه هو لم ينسي ماذا فعل به منذ سنه فقط ؟وما الذي كان سيصيبه بسببه ؟
هو خائف على والدته واخته من بطش والده وليس هم فقط بل خائف على مالكة تفكيره ايضاً خائف على ملك .
.....................................
وفى الساعه السادسه مساءً
دلف عمر من باب المنزل ليهتف :
-لوكه انا جيت .

-تعالى يا عموره انا فى المطبخ .

رمى حقيبته على الأريكه الموجوده فى الريسبشن وتوجهه الى المطبخ :
-الله ...ايه الريحه الجميله دى يا لوكه .

ملك بأبتسامه مشرقه على وجهها:
-عملتلك النجرسكو البتحبها يا حبيبى .

اقترب منها ليقف بجوارها ويستنشق رائحه الطعام :
-الله شكلها جميله ...يلا انا جعان اوى .
-ادخل غير هدومك الأول على ما مالك يكون وصل عشان ناكل سوا كلنا.

ليهتف بمشاكسه :
-هو لازم يعنى تستنى العم مالك .

ضربته بيدها على رأسه بمزاح قائلة :
-اه لازم مينفعش كل واحد ياكل لوحده ،ويلا غير هدومك بسرعه .

ذهب عمر الى غرفته بينما وقفت ملك لبرهه تفكر فكيف سيكون الحال لو كان اخيها محسن ورانيا موجدين ،وماذا سيحدث لو ظلو بدون محسن ستكون بدون سندها وحيده دون اى معين فى الحياه لن تكون عائلتهم مكتمله فمحسن بالنسبه لهم جميعاً هو اساس هذه العائله ...
لتفر دمعه من عينها ...وفى هذه الأثناء كان مالك قد وصل ليتفاجئ من هيئتها الحزينه :
-ايه مالك يا ملك ايه المزعلك .

التفتت بسرعه ومسحت دمعت ،ثم نظرت اليه بأبتسامه :
-مفيش يا حبيبى دا الدخان الطالع من الأكل هو التعب عينى ..هروح اغسلها وهبقي كويسه.
خرجت ملك من المطبخ بينما ظل مالك واقف يفكر فى كلامها :
-دخان ايه مفيش دخان ليكون خطيبها مزعلها واللهِ لوريه وعامل فيها جدع.
ثم اخرج هاتفه واتصل على انس ليرد عليه بعد برهه .

مالك:
-سلام عليكم .
-وعليكم السلام ... اخبارك يا مالك .
-الحمد لله يابو النسب مش ناوى تزورنا مره كدا ولا ايه .
-مشغول واللهِ فى الشركه ...بس بأذن الله هبقي اجى قريب.
-مستنينك البيت هينور واللهِ ...ثم هتف مكملاً :
-هو انتَ كنت كلمت ملك من شويه .

استغرب انس من كلامه فكيف فكر انه كلمها اهى من كذبت عليه بهذا الشأن ام كانت تكلم شخص اخر وحاولت اخفاء الأمر عن مالك فقالت له انها تكلمه .

...................................
استنونى فى فصل جديد بكرا بأذن الله تعالى

ملك روحي(الجزئين ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن