الحلقه (2)

45.4K 656 14
                                    

في المشفي
ترقد فيروز علي السرير الأبيض بالملابس البيضاء .. لطالما كرهت جو المشفي لينتهي بها الحال علي احد اسرتها  منذ أسبوعان وهي تصارع المرض لكن لا امل يبدو ان هذه هي نهايتها لكن طفلها وزوجها من سيعتني بهم بعد رحيلها..هي فيروز ذات الأثنا والثلاثين ربيعا من عمرها تفكر بالجميع قبلها. وهذا ما جعلها تطلب زيارة مروه لها فهي صديقتها التي تثق بها لتستحلفها بمعزتها عندها ان تلبي لها طلبها.
وعندما سألتها مروه عن طلبها أجابت: عايزاكي تتجوزي جوزي
لتشهق مروه بصدمه وترفض ولكن ينتهي الأمر بزواج بين مروه واحمد زوج فيروز امام ناظري فيروز التي اصرت علي ان يتم الزواج بسرعه
عندها ارتخت ملامحها وأحست براحه تسري في قلبها وأبتسمت بوهن لتكون تلك بسمة الرضا ثم الوداع الأبدي..
لتنشق بعدها جدران المشفي بصراخات مروه..
بعد شهر
بدأت مروه تلملم شتاتها فالحزن لا يعيد لنا من فقدناهم ...مازالت تتذكر وصيتها الأخيره لها عندما قالت لها فيروز قبل ان تلفظ آخر انفاسها: عارفه ان طلبي غريب شويه بس لو ليا معزه عندك بجد نفذهولي ...ده هو رجائي الأخير ليكي..
لتستوقفها مروه بدموع: متقوليش كده  انتي هتعيشي وهتربي ابنك وكمان هتخلفي ولاد تانيين..
ابتسمت فيروز بوهن لتجيبها:مفيش امل في علاجي..خلاص دي محطتي الاخيره في الدنيا
تحولت نبرتها لرجاء وهي تكمل: ارجوكي مروي نفذيلي رجاء الاخير ليكي انتي الوحيده  اللي لومت هكون مطمنه انك هتاخدي بالك من راكان وأحمد جوزي..مش عايزه راكان يحس بانه اتيتم من بعد من حنان الأم ...انتي هتكوني احن عليه مني ..
أغمضت عيونها بتعب وهي تكمل: وأحمد دايما تكوني جنبه والله هو طيب اوي وحنين ...ومش هتلاقي واحد زييه في حنيته..
عادت لواقعها آثر طرقات أحدهم علي الباب
مسحت دموعها ثم نهضت لتفتح الباب
لتفاجئ به امامها ارتبكت بشده فهي وسط هذا كله تناست بأنها بالفعل اصبحت زوجته...
تنحنح الواقف بحرج: انا آسف لو مش جيت في وقت مناسب..
اسبلت جفنيها بحرج ثم تراجعت بضع خطوات وهي تتحدث: لا  طبعا ده بيتك تيجي في الوقت اللي حضرتك عايزه..
ابتسم بخفوت: حضرتي..
لتجيب بأعتذار: انا آسفه..اصلي لسه متعودتش علي الوضع...
ليجيب: عادي ولا يهمك
ليسير معها الي غرفة الضيوف
بعد ان جلس علي الأريكه قالت له برسميه: تحب تشرب إيه..
ليجيب: مفيش داعي .. اقعدي انا عايز اتكلم معاكي شويه
تفرك يديها بتوتر وهي تطاطأ رأسها تنظر لأسفل قدميها بعد ان جلست كما طلب منها
يأخذ نفس عميق ثم يهم:طبعا الوضع اللي انا وانتي اتحطينا فيه كان غصب عني وعنك..وانا جيت عشان اوضحلك انك لو عايزه تنفصلي انا مش هعترض لان ده حقك ولو عايزه تكملي وده طبعا اللي انا بتمني انه يحصل فصدقيني هعمل كل جهدي عشان أسعدك..
هي من الأساس كانت موافقه لأجل راكان طفل صديقتها الوحيده فهي ستسعي جاهده لتعوضه عن والدته كما اوصتها فيروز  ولكنها لن توافق لأجل هذا فقط بل لأنها في الايام الأخيره اعجبت برجولته ونبل أخلاقه
أغمضت عيونها وفتحتها في اقل من الثانيه لتهمس ووجنتيها تحمر خجلا: انا .. يعني
يعني. ...
وهو بأنتظار ردها لذي يخرج بكلمات لا يفهمها
لتستجمع شجاعتها بعد ان لاحظت الحيره علي قسمات وجهه: انا موافقه أكمل معاك..
ليزفر أحمد بأريحيه وكأن حملا ثقيلا انزاح من علي أكتافه...
احمد وهو ينهض: طيب بما انك أسعدتيني بموافقتك فأستعدي عشان هاخدك علي بيتنا  دلوقتي  . وبعدها هسافر السويس عشان اجيب راكان من عند خالته
احمرت وجنتيها عندما قال بيتنا... وأمأت له: حاضر...
فتح لها باب الشقه لتدلف للداخل ويدلف هو خلفها حاملا حقيبة ملابسها...
وضع الحقيبه علي الارض وابتسم قائلا: نورتي بيتك...
بادلته البسمه لتشتم بعدها رائحة صديقتها في كل انش في المنزل اخذت تبكي وهي تسترجع شريط حياتهما معا..كم تشتاق لها الأن..
ادرك حزنها وتفهم دموعها فربت علي كتفها: لو عايزنا ننقل لشقه غير دي انا معنديش مانع
قاطعته علي الفور: لا طبعا انا عايزه اعيش هنا مع ذكرياتها...
ابتسم لها بتفهم ثم تنحنح قائلا: طيب انا همش دلوقتي عشان الحق ارجع بدري عشان متباتيش لوحدك
..............................................
عادت عبير للمنزل قبيل المغرب لتجد بسمه تجلس في التراس علي الكرسي الهزاز وهي ترتشف من مشروب الشيكولاته التي تحمله
عبير: تيم نام..
لتومئ لها بنعم وتكمل: نام بعد ما عشيته ماتخافيش...
تبتسم عبير وتقول: لأ ما انا واثقه فيكي ..وبعدين هو مفيش غير مشروب الشيكولاته ده اللي تشربيه
قالت وهي ترتشف بعضا منه بتلذذ: ده إدمان مستحيل ابطل أشربه ...
زفرت عبير بيأس وهي تقول: مفيش امل فيكي هتفضلي زي ما انتي مش هتتغيري ابدا
بسمه بشقاوه: وأتغير ليه انا عاجبني نفسي كده...
ثم نهضت لتطوق عنق امها بذراعها وتطبع قبله علي خدها الايمن هامسه: وانتي بتحبيني كده صح يا مامتي..
لتقول عبير بحنان: صح يا قلب وعقل ماما...
........... ‘‘‘‘‘‘‘ ...............‘‘‘‘.‘‘‘‘‘‘‘‘‘.................
كان راكان يصعد الدرج خلف والده بعد ان أحضره من عند خالته في السويس وعاد به
يتذكر كلام خالته قبل ان يرحل مع والده عندما أخذته للغرفه وحدثته بعيدا عن والده: راكان مهما الست دي حاولت تمثل عليك الحنيه اوعي تصدقها دي كدابه خلت ابوك يتجوزها علي أمك وموتتها بحسرتها عليه ..هي السبب في موت امك ..دي هتعاملك حلو بس ادام ابوك لكن من وراه هتوريك الوش التاني وش مرات الاب....اوعي تصدقها مهما عملت .خليك فاكر دايما ان هي اللي ورا موت امك.....
كانت تبث له السموم في اذنيه عن مروه طوال تلك الايام التي قضاها معها حتي صار يكرهها ويحقد عليها وفي اذنه تردد فقط تلك الكلمات( هي السبب في موت امك)
تغير قلبه وصار الحقد عليها هو قاطنه الوحيد لا مجال فيه للحب...
ادار المفتاح في البات فعلمت انه قد وصل مع راكان فأسرعت لأستقبال راكان بين احضانها لكن آمالها تحطمت عندما خذل الصغير ذراعيها الممدودتان له لكن ما اوجعها أكثر  تلك النظره بعينيه لا تعلم اهي حقد وكراهيه ام حزن علي والدته.سار بصمت نحو غرفته واغلق الباب خلفه بعنف..
ابتسم لها احمد بأرتباك وقال ليبرر تصرف ولده: معلش لسه متعودش عليكي..
لتبتسم بحزن وخيبة امل...
.....................................
بدلال قالت: ماما عشان خاطري عايزه أخرج ..عشان خاطري عشان خاطري..
اجابتها هند بتصميم: قولت لأ يعني لأ يلا علي اوضتك..
لوت شفتيها بامتعاض وسارت نحو الغرفه وهي تخبط قدميها بالأرض وتغلق الباب بعنف.
لترتعب نرجس الجالسه علي المكتب وتضع يدها علي صدرها لتقول: حرام عليكي خضيتيني...
تتجاهلها وهي تجلس علي السرير وتكتف ساعديها امام صدرها بغضب
تترك نرجس الكتاب بيدها علي المكتب وتلتفت لها قائله: مالك يا روبا شياطين الجن ركباكي ليه..
لتزفر روبا وهي تصيح: ماما رفضت تخرجني...
نرجس: طب وأنتي عايزه تخرجي ليه...
روبا: هنخرج وانا وأصحابي نتفسح..فيها حاجه دي..
نرجس:  يا بنتي اتهدي بقي مشبعتيش خروجات من اول السنه..وبعدين لازم تذاكري شويه ..امتحاناتك قربت...
لترد روبا بغيظ: حتي أنتي كمان هتقولي زي ماما..وبعدين كفايه انتي في البيت بتذاكراي اكتر ما بتتنفسي..
نرجس بفكاهه: الله اكبر من عنيك ..انت هتقري علي اختك يا بت..وعشان تبعدي عني بعينك دي هكلملك ماما وأحنن قلبها شويه عشان ترضي تخرجك..
روبا وهي تصفق بانتصار: هيييي فلتعيش اختي نرجس..انا بردوا بقول نرجس وبس..
نرجس: بس بعدها توعديني تلتزمي بمذاكرتك.
روبا: هحاول..
نرجس تكبر روبا  بعام ..وهما اختان وحيدتان
........................،
بعد مرور اسبوعان
خبر صادم توفي محمد الطوباجي في حادث سير واصبحت الام وابنتيها وحيدتان دون سند

جنيه غزت قلبي(الجزء الاول كامل) للكاتبه/آيه سيد قرنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن