لم تستطع إخفاء مدى سعادتها أنه الآن يتحدث إليها ولكنها استغربت اتصاله هذا، خصوصا في هذه الساعة المتأخرة، وبينما هي تسبح في بحر من السعادة والدهشة والاستغراب معا سمعت صوته وهو يكلمها :" أنا آسف فأنا أعلم أنني أتصل في وقت متأخر ولكنني لم أستطع منع نفسي من النوم قبل سماع صوتك "، وهنا إزدادت دهشت نور فما تسمعه ليس حلما بل هو حقيقة فقالت :" عذرا أيها السيد المحترم لكنني لم أفهم إلى الآن سبب اتصالك بي "
(( قالت أيها السيد المحترم....محترم جدا ....ليتك تعلمين حقيقة هذا السيد المحترم ))
أجاب إياد بضحكته التي لطالما سلبت عقول الفتيات ، ضحكة جعلت نور تسقط في سحر هذا الشاب أكثر فأكثر و هذا الأمر لم يخفى عن إياد فبعد أن عرف تأثير هذه الضحكة عليها واصل برقة أكبر :" اسمعيني بصراحة أنا محتار في أمرك فأنا لا أعرف ما الذي فعلته بي يا
آنسة، باختصار أنا ومنذ أن رأيتك لم أعد قادرا على التفكير بغيرك لقد أعجبت بك وأحببتك من أول لقاء فأرجوا أن تفهمي ما أحس به الآن "، لم تصدق نور أذنيها فهو لم يعطها فرصة للتصديق فهو كل دقيقة يقدم لها مفاجأة جديدة فأولا فاجأها باتصاله وهاهو الآن يفاجئها باعجابه بها بل ليته كان اعجابا فقط بل هو أحبها من أول نظرة، فسألته :" ولكن كيف تحب فتاتا لا تعرف عنها شيئا، فأنت لا تعرف حتى إسمي وأنا لا أعرف عنك شيئا " فرد عليها :"
آ ... تقصدين أنه يجب علينا أن نتعارف أولا لا بأس إسمعي أنا أدعى إياد عمري 24 عاما أدرس المحاسبة وأنا أقيم مع صديق لي في أحد المجمعات السكنية وهذا العام الأخير لي في الدراسة أي أنه عام التخرج، وماذا عنك ؟ "، وبلا تردد أجابت نور :" حسن وأنا نور عمري 18 عاما أدرس علم الاجتماع وأنا أيضا أقيم مع صديقتي التي تدرس علم الأدوية والعقاقير *( وهو علم يهتم بصناعة العقاقير المستخلصة من الكائنات الحية بشكل عام والنباتات بشكل خاص ويدرس استخداماتها العلاجية و خصائصها السمية )* "، وبعد أن تعرف كل منهما على الآخر وتبادلا أطراف الحديث أنهى إياد المكالمة على وعد بأن يعيد الإتصال في الغد، ونور ولأول مرة تشعر بهذا الشعور فالمسكينة صدقت كل كلمة قالها ، أما هو فقد كان يسخر من بلاهتها وسخفها فلم يتوقع أن تكون مهمة خداعها سهلة إلى هذا الحد.
اليوم هو اليوم الأول للصديقتين في الجامعة، كانت ملاك تشعر بأنها في قمة سعادتها
فالدراسة في لندن كانت من أكبر أحلامها وهاهي الآن تدخل الجامعة وكلها حماس للدراسة والنجاح، أما نور فلم تكن تفكر في الدراسة أبدا بل كان هناك أمر آخر يشغل تفكيرها إنه إياد.
اتجهت كل من ملاك ونور إلى محاضرتهما ومن حسن حظهما أن جامعة نور كانت على مرمى حجر من جامعة ملاك، و بدأت محاضرة ملاك وكم كانت مندمجة معها وبعد انتهاء المحاضرة اتصلت ملاك بصديقتها وطلبت منها أن تنتظرها حتى تصل إليها ليعودا معا إذ أن محاضرة نور أيضا قد إنتهت، وبينما كانت نور تنتظر صديقتها رأت سيارة فخمة توقفت أمامها، لم تدهش نور بجمال السيارة بقدر ما دهشت بمعرفة صاحبها الذي نزل من سيارته واتجه نحوها ثم خلع نظارته الشمسية ذات الماركا العالمية وابتسم قائلا :" أنا أعتذر لأنني لم أفي بوعدي ولم أتصل بك لكنني أردت أن أفاجئك بقدومي إلى هنا "، فردت نور بمثل ابتسامته :" إنها حقا مفاجأة رائعة "
إياد :" سعيد بسماع هذا يا عزيزتي والآن اسمحي لي بأن أدعوك لتناول الغداء في أحد المطاعم المعروفة هنا وارجوا ألا ترفض دعوتي "
نور بتردد :" لكنني وعدت صديقتي بأن أنتظرها وأخاف أن تغضب مني إن هي أتت ولم تجدني "
إياد وهو يتظاهر بالحزن :" أفهم من كلامك أنك ترفضين دعوتي، حسن لا بأس أنا آسف على إزعاجي لك .....الوداع " ثم التفت واتجه إلى سيارته منتظرا نجاح تمثيليته ولقد حدث ما كان يتوقعه فنور أسرعت باللحاق به وهي تقول :" مهلا لا تذهب أرجوك .... لا أريدك أن تغضب مني ، حسنا لقد قبلت دعوتك ولكن أمهلني دقيقة حتى أكلم صديقتي" ، فاقترب منها إياد ثم غمزها قائلا :"كنت أعلم بأنك لن تدعي حبيبك يذهب حزينا "، فاحمر وجه نور من الخجل ثم أسرعت بالإتصال بملاك وعندما ردت عليها قالت نور بارتباك :" عزيزتي لا دعي لأن تأتي فلقد تذكرت عملا علي القيام به، عودي إلى الشقة بمفردك وأنا لن أتأخر كثيرا "، ثم أغلقت الخط قبل أن تسمع رد ملاك أو بالأصح إعتراضها فنور تعلم بأن صديقتها ستبدأ فورا بسؤالها عن طبيعة العمل الذي ستقوم به، وبعد ذلك ركبت سيارة إياد وهي تشعر بسعادة غامرة، أما ملاك فقد عادت إلى الشقة لوحدها وهي مستغربة فماهو هذا العمل الذي لا يحتمل التأجيل .
وصل كل من إياد ونور إلى أحد المطاعم الفخمة ولقد واختار إياد طاولة بجانب واجهة تطل على شاطئ البحر وكم أعجبت نور باختياره، وبعد لحظات وصل طعام الغداء وبدأ كل منهما يتناول طعامه إلى أن اقترب إياد من نور وسألها :" حبيبتي هل أعجبك المطعم؟" شعرت نور بالخجل من قربه الشديد فابتعدت عنه قليلا ثم أجابت وهي تتأمل المكان :" إنه جميل جدا، خصوصا المكان الذي اخترته لنا لقد أعجبني كثيرا "، صحيح أن إياد أعجب بردها ولكنه تضايق من ابتعادها عنه ولكنه لم يظهر لها ذلك فهو يريد أن يكسب ثقتها به أولا، وبينما كان يفكر سمع صوتها وهي تقول :" سأذهب إلى الحمام قليلا ولن أتأخر " ، ثم وقفت وسارت مبتعدة عن الطاولة و في هذه اللحظات كان إياد يمعن النظر في جسمها ويتأمل تفاصيله فنور كانت تتمتع بجسم متناسق و جذاب وطبيعة الملابس الضيقة التي كانت تلبسها والتي كانت تظهر من مفاتنها أكثر مما تخفي جعلت إياد يرغب في الإسراع بالنيل منها بأية وسيلة.
مر وقت طويل وملاك تنتظر صديقتها بقلق فقد تأخرت كثيرا عن العودة ، هي تخاف من أن يكون قد أصابها مكروه بينما كانت نور عائدة من المطعم برفقة إياد والسعادة تغمرها، وبعدما أوصلها إلى الشقة أرادت أن تنزل من السيارة إلى أن إياد أمسكها من يدها وأدارها إليه ثم طبع قبلة على خدها وهو يقول :" تصبحين على خير يا حبيبتي "، ثم مد يده وفتح لها باب السيارة ملامسا الجزء الحساس من جسمها ولكن براءة نور وعقلها النظيف الخالي من أفكار الدنس جعلاها تعتقد أن هذه الحركة غير مستقصدة و بعد نزولها التفتت إلى السيارة فرأته لا يزال ينظر إليها فلوحت له بيدها ثم دخلت العمارة وهي تصعد الدرج وتضع يدها على خدها وتتذكر تلك اللحظات التي قضتها مع إياد إلى أن وصلت إلى الشقة ، وما إن فتحت الباب حتى رأت ملاك تنظر إليها نظرات قلق وعتاب معا و قالت لها بغضب هادئ :" كم الساعة الأن؟ " أجابت نور بتوتر :" أعلم أنني تأخر ........." ولكن ملاك قاطعتها وأعادت السؤال بغضب أكبر ،فنظرت نور إلى ساعتها وقالت بعد أن أدركت أن غضب صديقتها في محله :" إنها العاشرة و النصف " فسكتت ملاك قليلا ثم تابعت :" أخبريني أين كنت طول هذا الوقت، ما هو هذا العمل الذي تطلب منك عشر ساعات للقيام به ؟ أتعلمين أنني أنتظرك هنا منذ الظهيرة " ، وبقيت ملاك تصر عليها وتطلب منها أن تخبرها بالحقيقة فوجدت نور نفسها مجبرة على إيجاد حل لهذا المأزق .
ترى كيف ستخرج نور من هذه الورطة؟ .
وهل ستخبر ملاك بالحقيقة؟
أنت تقرأ
ليتني أرحل " الجزء الأول "
Teen Fictionأن أختار الرحيل لايعني بأنني ضعيفة ولست قادرة على المواجهة لكن أحيانا لسنا نحن من نختار بل الظروف هي التي تجبرنا على ذلك 👋