الفصل 27

36 5 0
                                    

بينما كانت ملاك ترتب القمصان على الرف رأت لؤي يقترب من أحد الرفوف و أخذ ملابسه وقبل أن يخرج سمع ملاك تكلمه فإلتفت إليها ليراها تنظر إليه بكل جرأة وتحد.
ملاك : لا تقل لي أنك تنوي تغيير ملابسك الآن.
إستغرب لؤي من سؤالها وقال : وهل تريدينني أن أبقى عاريا بلا ملابس.
ملاك : بالتأكيد لا .... ولكن إنتظر حتى أغادر على الأقل.
إبتسم لؤي إبتسامة خبيثة واقترب من ملاك مما جعلها تشعر بالإحراج وقال : يبدو أنك أحببتي رؤيتي هكذا فهذا ما يبدو لي.
شعرت ملاك بالخجل الشديد فإحمر وجهها بشدة وبدون أن تشعر ضربت لؤي على صدره بقبضة يدها و صرخت في وجهه قائلة : أنت لست مغرورا فقط بل قليل أدب أيضا.
ولكنها سكتت عندما شعرت أنها بالغت في ردة فعلها و ظنت بأنه غضب منها ،لكنه بدأ يضحك بصوت ساحر ضحكة لم ترى أو تسمع مثلها من قبل فإزدادت غيظا وقالت : ما الداعي للضحك، هيا توقف فأنت تستفزني بضحكتك.
فسكت لؤي ثم إقترب منها أكثر و حاوط خصرها بيده حتى أصبحت ملاصقة لصدره وقال : " كيف أمكنك أن تكوني مختلفة عن الأخريات ، كيف وصلت إلى هنا و أنا الذي ظننت بأن تلك التي ستوقعني لم تخلق بعد " ثم أمسك ذقنها بيده الأخرى وقال بصوت آسر :" إسمعيني يا جميلة ، لا أريد رؤيتك هنا ثانية ولا في أي مكان لأنني أخشى أن أتهور وأفقد السيطرة على نفسي هل هذا مفهوم " ثم تركها وخرج من غرفة الملابس فلحقت به وقالت :" مالذي تقصده بكلمة أتهور، هل تريد أن تضربني مثلا " إطمئن لؤي لأنها لم تفهم المعنى الحقيقي الذي قصده ولكنه لم يجب على سؤالها ولم يلتفت إليها بل قال :" هيا أخرجي من غرفتي ولا تدخليها ثانية "
____________________________________________________________________
مروان : سامي أخبرني مالذي يفعله شقيقك في هذا المكان، هل أنت من دعوته إلى هنا.
سامي : كلا يا أبي، هو من أراد القدوم ليتحدث إليك.
إياد : أبي لقد أتيت للتحدث إليك وأنا أعلم بأنك لن تخذلني كما خذلتك فأنت لن ترضى بأن يعيش إبنك مشردا .
مروان : قلت مشردا ..!؟
سامي : أبي لقد طرد إياد من عمله الجديد لهذا لم يعد لديه المال ليدفع إيجار الشقة فطرد منها أيضا.
وقف مروان ونظر في وجه إياد وقال : ومالذي فعلته حتى طردوك من الشركة ، بسبب الفضيحة التي أصبحت حديث الجميع.
شعر إياد بالخجل والذل بعد أن علم بأن والده يعرف بقصته مع الفتاة التي فضحته وأخبرت الجميع بحقيقة مرضه، وفي تلك اللحظة أحس بأنه قد فقد رجولته وأصبح بلا رجولة حتى في نظر والده، وعندما رأى مروان حالة إبنه وعرف ما يفكر فيه أشفق عليه بالرغم من أنه يعلم بأن هذا هو عقاب من الله على أفعاله وتلاعبه بأعراض الناس، ولكنه يبقى إبنه وهو لا يستطيع أن يتخلى عنه ببساطة فقال : حسن إذهب إلى المكتب وأنا سألحق بك.
وبعد ذلك خرجت من الحمام وعادت إلى المائدة وقد لاحظت أن الجميع أصبحوا في مزاج سيء فهذا باد على وجوههم فإقتربت من جودي وقالت :" ما بكم لما إنقلبتم فجأة هل حدث شيء؟ " فأجابتها جودي :" فلنصعد إلى الغرفة وسأخبرك بما حدث "
____________________________________________________________________
دخل مروان إلى مكتبه فوجد إياد واقفا ينتظره .
السيد مروان : لما أنت واقف ، إجلس حتى نتحدث.
إياد : أبي أخبرني ..... هل يعلم سامي ب .....
قاطعه مروان بعدما عرف ما يريد أن يسأل عنه فقال : لا تقلق ، لقد بذلت جهدي حتى أخفي عنه الأمر فأنا لست مجنونا لكي أسمح بوصول مثل هذه الفضيحة لأخيك أو أي شخص هنا.
تنهد إياد بحزن واطمئنان معا قائلا : شكرا لأنك فعلت هذا، حقا أشعر بالخجل من نفسي فبعد أن طردتني من البيت والعمل ظننت أنك تخليت عني .
مروان : لا أستطيع أن أتخلى عنك ، وطردي لك لا يعني ذلك لكنني لم أكن أريد رؤيتك هنا أو في الشركة لأنك تجعلني أشعر بالأسف عليك وعلى نفسي فأفعالك الوسخة ستضر بصمعة عائلتنا وأنا حريص على صمعة عائلتي .
بقي إياد يتحدث مع والده ولقد أخبره بأنه يشعر بالندم على ما إرتكبه من أخطاء، ثم إن ما حصل معه كان بمثابة عقوبة قاسية على أفعاله ، وطلب منه أن يسامحه ويعطيه فرصة ثانية ليصلح ما أفسده من قبل، صحيح بأن مروان رجل صارم ولا يغفر أخطاء الآخرين بسهولة ولكنه الآن يقف أمام إبنه وقلب الأب العطوف المشفق على إبنه جعله يرأف بحاله ويشفق عليه، لذا وافق مروان على إعطائه فرصة ثانية والسماح له بالعودة إلى البيت أما بالنسبة للعمل فلقد قال بأنه سيسمح له بالعودة إلى الشركة عندما يتأكد بأنه تغير ولم يعد إلى أفعاله، وهذا الأمر جعل إياد يشعر بالسعادة لأن والده سامحه أخيرا بعد أن طرده منذ سنوات.
___________________________________________________________________
و في غرفة جودي :
كانت نور تجلس بجانب صديقتها و تحثها على الكلام، فلقد شعرت بالقلق عليها، خصوصا أن جميع أفراد عائلتها إنقلبوا فجأة فسألتها : جودي أخبريني مالذي حصل يا عزيزتي، هل هنالك مشكلة.
نظرت جودي إليها وقد كانت تريد أن تخبرها بقصة أخيها لكنها تراجعت عن قرارها قائلة في نفسها : " لا أستطيع أن أخبرها فهذه مشكلة عائلية تخصنا وحدنا، صحيح أنها صديقتي لكنني لن أبوح لها بأسرار عائلتنا " لذا حاولت جودي أن تتظاهر باللامبالاة وقالت بإبتسامة مصطنعة : بصراحة لقد إتصل أحد الموظفين بوالدي وقال بأن مدير أحد الأقسام قد إستقال من العمل لذا إنزعج والدي كثيرا وعندما سألناه عن السبب صرخ في وجوهنا وقال بأن الأمر لا يعنينا.
نور بعدم تصديق : جودي .... هل أنتي متأكدة أن هذا هو السبب فهو أمر لا يستحق أن ينزعج الجميع هكذا.
إرتكبت جودي وقالت : مالذي تقولينه، أنت لا تعرفين هذا المدير لقد كان هو أساس العمل في الشركة كما أنه شريك لوالدي وخروجه سيسبب لشركتنا خسارة كبيرة، هل فهمت ؟
نور : أجل معك حق ، فإن كان هذا المدير محترفا في العمل فمن الصعب أن تجدوا مثله.
جودي : الآن فهمت قصدي ..... على كل حال لا دعي لأن نتحدث في هذا الموضوع، فهذه مشكلة والدي و بالتأكيد سيتمكن من حلها ، ولا شك في أنه سيعثر على شخص جدير بهذا المنصب.
نور : أرجوا أن يحدث هذا وألا يتسبب رحيل هذا المدير بخسارة شركتكم، والآن علي أن أودعك فقد تأخر الوقت.
تسارع في الأحداث ........
منذ أن خرجت من غرفة لؤي وهي جالسة في غرفتها ، لم تستطع أن تتحمل تصرفه معها وهي تشعر برغبتها في الذهاب إليه وجعله يدفع ثمن غروره ومعاملته لها، نعم تريد أن تراه لكي تشاجره وتجعله يعجز عن مواجهتها والرد عليها ، فقالت محدثة نفسها :" ذلك الفتى المغرور، لا أفهم لما يتصرف معي هكذا ومالذي قصده بقوله لما (أنت مختلفة عن الأخريات )
من هم الأخريات ؟ ولما أنا مختلفة ؟ هل كان يمدحني ويقصد أنني لا أشبه غيري ؟ ترى هل أعجب بشخصيتي؟ ........ " ثم ضربت وجهها بكلتا يديها قائلة :" كفي عن التفكير في هذا يا فتاة فذلك المتعجرف لا يعجب إلا بنفسه ..... قال يعجب بي ..... منذ متى كنت أفكر هكذا ! " .
ثم قررت النزول إلى الحديقة لتشم بعض الهواء فهي إختنقت من الجلوس طويلا في غرفتها، وعندما نزلت إلى الحديقة رأت السيد سالم يجلس مع زوجته هناك فلم تشأ إزعاجهما فأرادت العودة إلى غرفتها لكن السيد سالم إنتبه على وجودها فدعاها للجلوس معهم قائلا : "لما عدت أدراجك هل هناك شيء يا إبنتي "
فأجابت ملاك بإرتباك :" لا شيء يا سيدي ولكنني لم أشأ أن أزعجكما "
السيدة رنا : " لا تقولي هذا ...... أنت تعلمين بأنك مثل إبنتي يا أسيل فمنذ قدمت إلى هذا المنزل لم نرى منك أي سوء "
ملاك :" هذا من لطفك سيدتي "
سالم :" إسمعيني يا إبنتي، بصراحة أنا ناديتك حتى أشكرك على إعتناءك بأمي فصحتها تحسنت كثيرا هذه المدة وهذا بفضل إهتمامك بها ".
إبتسمت ملاك وقالت :" لا دعي للشكر فهذا واجبي وأنا أعامل الجدة منيرة كما أعامل جدتي"
وبعد لحظات عاد لؤي إلى البيت بعد أن ذهب لتناول العشاء مع أصدقائه فذهب ليسلم على والديه وعندما إقترب وجد ملاك تجلس معهم وهي تبدو سعيدة جدا فهي تضحك من قلبها ولكن سرعان ما إختفت ضحكتها عندما رأته يقترب منهم وهو ينظر إليها بتلك النظرة التي لطالما أغاظتها .
لؤي :" مساء الخير .....
رنا بإبتسامة :" أهلا بك يا بني .
لاحظ لؤي أن والده يحاول تجاهله فقال :" أبي لقد أتيت ..... "
سالم بنظرة جانبية :" مساء الخير ......"
إقترب لؤي وجلس على الكرسي ثم أخذ يد والده ووضعها بين كفيه قائلا :" أبي ألا تزال غاضبا مني "
سحب سالم يده وقال :" سأبقى غاضبا منك طالما أنك ستبقى على عنادك "
إنزعج لؤي من تصرف والده خصوصا أمام ملاك فوقف ورد بتذمر :" أبي إن كان التخلي عن حلمي سيجعلك ترضى عني فأنا مستعد لأن أتحمل غضبك علي مدى الحياة فأنا لن أفعل شيئا لست مقتنعا بأنه مناسب لي "
وقف سالم وقال :" أنت تعلم بأنني ذهبت منذ شهر للحديث مع إبن عمك لكي أطلب منه أن يعمل في الشركة، لكن عمك طلب مني أن أجعل إبنه شريكا لي وأنا لن أفعل شيئا كهذا، كيف أسلم الشركة لإبن أخي و أنا لدي إبن قادر على إستلامها هل تريدني أن أتخلى عن ما عملت لأجله لسنوات "

ليتني أرحل " الجزء الأول " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن