نحن نلتقي مع أنفسنا يوميا دون أن ندري، أو دون أن نهتم حتى لذلك، أمام المرايا، في جلسات عفوية تسلب منا أذهاننا على حين غفلة، فندخل في دوامة شرود نرى ونحن ندور فيها انعكاس صورنا وذواتنا، نرى فيها أسرارنا وخبايانا، أزهارنا وأشواكنا، مزايانا وعيوبنا، أفراحنا وأوجاعنا ... نصحو على واقعنا، لنكمل حياتنا وكأن شيئا لم يكن، ودون أن يحدث ذلك اللقاء فينا أي تأثير !!
نحن نلتقي مع أنفسنا بين دفات الكتب، في وجوه المحيطين بنا من البشر، في ألبومات الذكريات والصور، كم مرة قابلت شخصا أو أمسكت بين يديك رواية وقلت : كم تشبهني تلك الشخصية بخصالها وتفاصيلها ؟! أشعر أنها تجسدني .. أو أجسدها ! نحن نلتقي بأنفسنا كل يوم ، نعرفها جيدا ، لكن ما أجهله لماذا لا يحرك فينا هذا اللقاء شيئا ولا يترك فينا أي تأثير !!أغلب الظن، لأن المرايا والصفحات والوجوه أمامنا لا تعكس صورنا كاملة، بل تعكس النقص فينا فقط، أو الكمال فقط، أو أن هذا ما يلفت انتباهنا من صورنا فيها، صورنا في المرايا كتلة واحدة لا تتجزأ، ومن يريد التغيير والتأثير عليه أن يرى في هذا اللقاء صورته كاملة, ليعرف أنه بإنسانيته مزيج من الخير والشر، السلبية والإيجابية، القوة والضعف، مزيج من متناقضات لا تثبت على حال واحد، المرايا تصور لحظة الوقوف أمامها فقط، لا تصور ماضيا، ولا تعرض مستقبلا، ومن البلاهة والسذاجة أن تحكم على حياتك كاملة من لقاء واحد مع نفسك في المرآة .. أو لقاء واحد مع ذاتك في الطريق ..
أنت تقرأ
خواطر منسية ٢
Poetryخواطر تملؤني تشعرني بوجودي في خضم حياة قاسية . متناقضة تبعثرني وتذهب بي الي الشتات والحيرة .... خارجي هادئ ولكن داخلي ضخب مفزع