اللّهيبُ الأخير 1

21.7K 487 39
                                    


مع همسات الصباح، كانت إيلياء تتقدم باتجاه الصالة بتردد...

تقدّم خطوة وتؤخّر الأخرى!
تعلم أنّه هناك، لم تسمع صوت الباب ينغلق لذا هو مازال ينام هنا.
استرقت النظر لتجده بالفعل يتمدّد على الأريكة بقميصه الأرجوانيّ وبنطاله الكابوي، حتى حذاءه لم يخلعه، يضع يده على عينيه والأخرى تحت رأسه.
تنهّدت بألم وشعرت بالجبن فجأة، فتراجعت للغرفة مكسورة تمسح دموع خيبتها...

توقفت عند الطاولة ورأت ذلك الكيس الذي كان معه، فتحته، كان فيه أربع علب مجوهرات، وفستاناً ناعماً...
أخرجت العلب بهدوء حتى لا توقظ يامن، ورأت اسم وئام على الأولى والثانية كانت لرشا... الثالثة لأمّه، والرابعة لها.
لم يكتب اسمها عليها ولكنّه كتب " إ.ر "
اختصار تعرفه، إيلياء روحي.
فتحت علبتها بفضول، فهي ليست مِمّن تغريهم تلك المجوهرات الباهظة من الذهب والألماس، لم تكن يوماً مُهتمّة بها.
ولكنّ القطعة التي أمامها جعلتها ترتجف عِشقاً لذلك المخلوق الذي في الخارج، عشقاً يُصاحبه هيبةً منه...
كان اسمه، بخطٍ عربيّ، يتوسط سلسالاً ذهبيّ..
لمست حروف اسمه بهدوء كمّن يدوس على لُغم.
ثمّ نظرت للخاتم الذي معه وإسوارته، تنهّدت بوجع وأخرجت ذلك الفستان الأسود...
كان طويلاً بأكمامٍ طويلة ويغطي الرقبة بالكامل، ضيّقت عينيها بتفكير، أينوي خنقها بهذا اللباس؟!
وضعت الأغراض جانباً وهي تشعر بالأسى لعدم قدرتها على مواجهته، لا تريد أن يغضب عليها أيضاً... آخر ما تريده الآن أن تتشاجر معه وتزيد الأمر سوءاً.

غيّرت ملابسها وارتدت وشاحاً أخفى شعرها، وانتبهت على يامن الذي يتحرّك بالغرفة مُتجهاً لها وتفاجأت به يضمّها بقوة ويقول/ ماما حلمت حلم بشع.
جلست على السرير وسحبته إلى حضنها بألم/ إيش هو؟
يامن كان يبكي بقوة ولم يردّ عليها.
حاولت تهدئته/ حبيبي يامن شوف انا هون لاا تبكي.. هاد كابوس راح وانتهى، اشي مش حقيقي أبداً!

وكأنّها لم تتكلم، دفن رأسه في عنقها وهو يبكي بقوة، خافت عليه جداً وهي تضمّه...
وفجأة بكت معه حين عجزت عن تهدئته.

دخل يوسف مُسرعاً كالمجنون حين استيقظ على صوت بكاء يامن، لم ينم كثيراً أصلاً، نام بعد أن فكّر وشعر بالجنون!
وقف بصدمة يراها وهي تضمّه ويبكيان...
/ يااامن!!
انتشله من بين يديها بخوف وضمّه له/ مالك يامن؟ شو صاير؟
كان وجه يامن الأحمر يوقع في قلبه رعباً وخوفاً انعكسا في عينيه!
حاول يامن الكلام ولكنّه لم يقدر بسبب شهقاته المتتالية، ويوسف شعر برأسه يؤلمه من صوتهما فهو لم يكن قادراً على فهم ما يجري.

نظر لها بغضب/ شو فيه!!! ليه ببكي؟؟؟ صارلو شي؟ وقع؟
هزّت رأسها بالنفي وهي تخفي دموعها وتهمس/ حكا إنو شاف كابوس...
قاطعها وهو يخرج من الغرفة محتضناً يامن الذي يصرخ بجنون/راااح انتهى! خلص شوف انا معك هون وانت بخييير لا تبكي...
جلس يوسف على الأريكة ويامن بحضنه يمسح على شعره بحنان/ بسم الله علييك...
دخلت أيلياء مُسرعة وهي تمسك بمنشفة، جلست بجانب يوسف واقتربت لتمسح وجه يامن وتبلّله بالمياه/ يا عمري...
يوسف أمسك خدّه بحب/ بابا اطلع فيي... انت بخير، هينا هون معك وكل شي تمام... خلص؟
هدأ يامن وهو يراهم وكلّ ما جاء بباله قاله/ ماما راحت بعيد، أجت عنا وراحت!!
إيلياء بقلق/ لا يا عمري انسا انا هون.
أمسكت بيديه ولكنه سحبهما بقوة وهو يقول/ ماما مش انتي.. ماما هدييييك ماما ليلى!!

اللهيبُ في عينيه/مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن