Part 17

2.2K 62 0
                                    

الفصل السابع عشر

يصيبنا الحب بعقدة التملك والتحكم ربما دون إرادة منا
يدفعنا بكل طريقة إلى الحفاظ على من نحب بأي شيء وأي أسلوب
حتى وإن دفعتنا قلوبنا للخطأ ومشاعرنا للتحكم بمن تملك من القلب وتقييده في بعض الأحيان لو تطلب الأمر.
ربما هو خوف عظيم من الفقد
أو تلاشي من الوجود وهذا أصعب بكثير..
لذلك نضطرب ، نخاف ، نتشتت ، نفقد اتزاننا وتعقلنا وتتحكم بنا مشاعرنا وكأن عقلنا غير موجود !!
فاحذر إن أصابك سهم عشق فضائع أنت لا محال !!
وكذلك يغيرنا الحب
يبدلنا إلى أشخاص لم نظن أن نكون عليها يومًا
نندهش مما نفعل وكأننا نسير بلا قيود نحو الهاوية
ولا نقدر على التراجع..
فالعشق آفة القلب.
★★★★★★
ضعف ، قلة حيلة ، إحباط ، شعور بالهزيمة!
كل ما عصف بها وهي تجلس بغرفتها منذ ثلاثة أيام من مقابلة الطفل والقضية الجديدة التي تتعرض لها
"عمالة الأطفال"
عوضًا عن كل ما مرت به طوال الفترة السابقة
رجوع كريم مرة أخرى بعد خمس سنوات!
ظهور مازن في حياتها!
أزمة والدها وكل ما تتعرض له!
حادثته.. ماضيه.. نادين.. رأفت!
مشاكل عملها والمصائب التي تسقط على رأسها جراءه مما جعل أحد لأول مرة يتدخل فيه!
كل هذا سبب كم هائل من الضغط النفسي بداخلها دفعها إلى الهروب ، إجازة من العمل.. أغلقت هاتفها.. رفضت مقابلة أحد بل رفضت الخروج من غرفتها.
طعامها أصبح قليل ، عائلتها تراقبها بصمت من جهة يعطوها مساحتها التي تريدها ، والجهة الأخرى لا يعلمون كيف يساعدونها؟
كل ليلة تدلف إليها والدتها تأخذها في أحضانها بصمت تربت على ذراعها وخصلاتها ، تهدهدها في أحضانها كطفلة صغيرة تريد الاطمئنان.
مالت برأسها على حافة الأريكة الجالسة عليها ، تضع كفيها في جيبي سترة منامتها السوداء  ، عيناها على القمر لكنها لا تتأمله لجماله ، بل عقلها مشتت فقط نظرها مثبت عليه لا غير .
لم تفطن للسيارة التي دلفت للتو من بوابة المنزل ، ولم تره يهبط من سيارته مندفعًا يقطع الممر المؤدي للدرج الرئيسي باندفاع بعد أن رفع رأسه فرأى خيالها قابع في الشرفة .
دق الباب مرتين ففتحت له والدتها التي تسمرت للحظات مندهشة من وقوف زوج ابنتها وكانت تعلم أنه الآن في ألمانيا من أجل العمل!
أفاقت من شرودها على ابتسامته :
-"إيه يا أمي مش هتدخليني ولا إيه؟"
هرعت تعتذر مربتة على كتفه بحنان قائلة بتقطع :
-"لا لا.. إزاي ، أعذرني يا حبيبي بس المفاجأة أنما أنت صاحب مكان ، تعالَ أدخل"
دلف معاها بتروي إلى الأريكة في المجلس الواسع وجلست بجانبه تطمئن :
-"أنت كويس؟
رجعت امتى من السفر؟"
أمسك كفها بين كفيه يربت عليهما بابتسامة طمأنينة :
-"أنا كويس الحمد لله ، المفروض كنت أرجع كمان يومين ، بس رجعت النهاردة لما لاقيت هدير لا بترد ولا حد عارف يوصلها وكلامك ليا قلقني أكتر ، نزلت بأسرع ما يمكن وجيت من المطار على هنا"
تنهدت بعمق تهز رأسها بقلة حيلة وشرعت تسرد له حالها خلال الأيام السابقة بقلب أم مكلوم فاقدة الحيلة التي تساعدها بها خاصةً أنها لم تتحدث عما يجيش بها .
دمعت عيناها بآخر حديثها فضمها بحنان.. صدقًا لقد أحب تلك المرأة المفعمة بالطيبة والحنان!
لم يتلقَ منها نبذ ولا كره ، بل كل الحب وتعامله كابنها ، بل أوقات تقف بصفه أمام ابنتها!!
وهي رأته بعين أم ، بعين صادقة وعلمت أنه لا يكن الشر لابنتها ، أنها كانت خاطئة وحكمت من بداية الأمور!
لكنها تيقنت أن تربية صديقة طفولتها لن تكون هباءً!
-"هي فين؟"
سألها بحزم فكادت أن تخبره أنها سترفض رؤية أي أحد ، لكنها استغلت الفرصة علّه يخرجها من فوهة الاكتئاب التي تجذبها وهي مرحبة باستسلام.
تقدمته نحو غرفتها دخلتها ولاحت بنظرها باحثة عنها تناديها:
-"هدير... ، فيه حد عاوز يشوفك"
-"قولي له يمشي"
نطقتها بجمود شديد ولم تكلف نفسها عناء الالتفات لها ، نظرت لمازن بيأس فربت على كتفها أن تترك الأمر له ، تنهدت بقلة حيلة والتفتت تخرج من الغرفة .
جدران وردية ، شراشف زاهية ، دُمى محشوة تزيت الغرفة تميزها أنها غرفة فتاة.. هو ما ظن أنه سيلاقيه عندما يدخل!!
لكن ما قابله غير ذلك ، جدران زرقاء تزينها ستائر قرمزية ، شراشف بنية ولا يوجد أثر لأي دُمى بها!
ابتسم برضا أنها مختلفة كما هي دائمًا.. نظر لجلستها التي لم تتغير منذ أن لمحها بالأسفل ، اقترب منها ببطء وجلس على الكرسي مقابلها يشبك أنامله أمامه ينظر لها بصمت وترقب.
نقلت عينها إليه بجمود بنظرة واحدة قبل أن تعود لجلستها وتزيح عينها من عليه قائلة بجمود :
-"الحمد لله على السلامة.. قوم ارجع البيت ونام وجودك هنا ملهوش فايدة"
لم يعبأ بحديثها بل تنهد بعمق يزفر الهواء ببطء :
-"مالك يا هدير ؟
إيه اللي حصل وصلك لكل ده؟
مبترديش على التليفون ، رافضة تقابلي حد ، خدتِ إجازة من الشغل!"
تنفست ببطء وقد تلبستها حالة من البرود أثارت حفيظته :
-"يومين لنفسي ، يومين أبقى لوحدي مع هدير ، فيها حاجة دي؟"
-"أه فيها.. أنتِ مبقتيش مسئولة عن نفسك علشان تختفي بالطريقة دي ، فيه كتير حواليكِ قلقانين ، عارفة حالتي وأنا بحاول ألاقي رحلة لمصر لحد ما جيت بطيارة خاصة بس عشان أطمن...."
تحدث بحدة غير مقصودة نابعة من قلقه عليها ، قاطعته  بوقوفها ودلوفها لغرفتها هاتفة ببرود :
-"مطلبتش من حد يقلق ، ومطلبتش منك تسيب شغلك وتيجي ، تعبانة من الشغل والضغط وعاوزة أرتاح ، تقبلتوا أو لا دي حاجة ترجع ليكم مش ليا"
نهض فجأة يجذبها من مرفقها يثبتها أمامه وعيناه تتفحصها بذهول وعقله يفكر ما بها؟
آخر مرة رآها بها كانت سعيدة ، نشيطة ، حماسية.. لكن الواقفة بين ذراعه ليست هدير ، هذه محبطة ، قليلة الحيلة ، جامدة ، منطفئة!!
همس بذهول يهز  رأسه بتيه :
-"حصل لك إيه مكنتيش كده؟"
ضغط على زر الانفجار لضغط مكتوم أيام كثيرة!
كالقنبلة الموقوتة حان وقت انفجارها!
دفعته في صدره بعنف فتركها وعاد خطوة للخلف وعيناه تتسع بذهول ودهشة من حالتها لكنه صمت وتركها تخرج ما بداخلها فهذا ما يريده .
-"عاوز تعرف حصلي إيه؟
متأكد إنك عاوز تسمع أنا فيا إيه؟"
حاول الاقتراب يحيطها لكنها عادت للخلف هاتفة بجمود :
-"اللي حصل إن كل حاجة حواليا حالفة تكسرني ، كل اللي تخلصت منه رجع يظهر ويخرج زي الدود من الأرض وكأن مفيش أمل إني ارتاح"
نظرت له بشذر ووجهها بدأ احتقان الدم به ينتشر فيه ، رفعت سبابتها تشهره في وجهه باتهام هاتفة من بين أسنانها :
-"أنت نفسك أكبر ضغط نفسي بالنسبة لي"
رفع حاجبة بصدمة وعدم استيعاب من اتهامها له ، هز رأسه بتساؤل كيف؟
منذ أن بدأ قلبه يدق لها ، منذ اعترافه بكل ماضيه لها يحاول أن يصلح الأوضاع بينهما!
فكيف تتهمه هكذا لا يفهم؟
تقدمت منه حتى وقفت على بعد خطوتين منه تومئ برأسها تأكيد على حديثها :
-"أيوه.. من ساعة ما عرفنا بعض وكل مشكلة بتجر التانية ، أنت بتتأذي بسببي من كريم وآخرها كانت الحادثة.. وأنا بتأذي بسببك من اللي أنت بتعمله"
ابتلع ريقه بصعوبة يسألها بهمس :
-"من اللي أنا بعمله!!
هو إيه اللي أنا بعمله؟"
-"بتدخل في كل حاجة تخصني ، تصرفاتي.. حيات .. شغلي!!
من خمس شهور من قبل ما تظهر  كنت بعمل أي حاجة من دماغي ، مفيش حد يتدخل في حياتي وبالذات شغلي"
صمتت تلهث بقوة ، عضلات صدرها آلمتها بسبب قوة حركته من تنفسها ، وجهها عصف به الاحمرار من انفعالها.. يراقبها بصمت ويسمعها بصبر :
-"دخلت إعلام ضد رغبة أبويا.. بنشر مقالاتي رغم اعتراض أهلي ورئيس التحرير نفسه طالما مفيش خطر .. في أزمة أبويا وقفت في وسط شركة كريم وهددته رغم رفض أصحابي وقتها!!
وأنت!!
بكل بساطة تيجي تغير كل ده.. تدخل في شغلي بالطريقة دي اللي عمرها ما حصلت؟!"
ضغط على شفته بصمت ، يضع يده في جيبيه يضغط على قبضتيه بقوة ، يحني رأسه لأسفل مفكرًا بصوت عالِ :
-"أنا كنت خايف عليكِ ، خايف من المشاكل اللي كنتِ هتقابليها من بعد نزوله"
عادت لصراخها الهستيري تشيح بذراعها في كل مكان :
-"كنت تقولي.. تتصل بيا أو تشوفني تفهمني وجهة نظرك ، أسبابك.. وافهمك أسبابي ، نتناقش!!
أنا مش لعبة تشيلها وتحطها في المكان اللي تحبه والمبرر خايف أو حب.. الحب مش تملك مش سيطرة"
صمتت تهز  رأسها بيأس ، ترفعها زافرة بقوة ، وتهدلت أكتفاها بضعف وجلست على حافة الفراش تدفن وجهها في كفيها في سكون.. وقف يتأملها وكل كلمة كالسهم الموجه لعقله قبل قلبه!
في عرفه كان يفعل هذا خوفًا عليها ، فكّر بعقله هو!
أخطأ عندما أبخس تفكيرها ولم يضعه في الحسبان..
عندما ظن أنها ستتفهمه وتمررها مرور الكرام
عندما جعل غروره وتسرعه هما ما قاداه ، وهي أشد ما تكره هذا الأسلوب.
أخطأ عندما لم يلتفت لما تعرضت له الفترة الماضية ليأتي يزيد الطين بلة!
يجلد ذاته لأنه لم يتفهمها ، لم يساعدها ، بل كان كالجميع يزيد ما تتعرض له حتى أصبحت ما عليه الآن!
لكن صوت بداخله أخبره أنه يحدث معها شيء أدى لتلك الحالة.
أخرج يده وتقدم يجلس بجانبها يتخلل خصلاته ثم نظر لها بصمت يدفع ذراعه يحيط ظهرها يمسح عليه بحنو واقترب برأسه منها يقبل رأسها قبلة طال وقتها تشنج لها جسدها.. يبثها الاطمئنان والحنان.. يمتص منها الغضب و اليأس.
استندت بجبهته على جانب رأسها ، أنفاسه تلفح خصلاتها ، ثم همس بنبرة عميقة صادقة ويده تشتد حول خصرها :
-"أنا آسف.. آسف على كل حاجة!
إني تعاملت بتسرع واندفاع بسبب خوفي ونسيت أهم نقطة وهو فعلًا لازم نتناقش في كل حاجة..
آسف إني كنت سبب في ضغوطاتك وبدل ما آخد بأيدك كنت بزيد عليها!
آسف مع وعد إن كل حاجة تتغير  ، بس هكون أناني ومش طالب غير إنك تسامحيني"
رفعت وجهها تستند بوجنتها على كفها تنظر له بصمت وقد جعلت كلماته مع انفجارها السابقة دموعها تهبط بهدوء واستحالت عيناها للون الأحمر .
نظرة صمت يقابلها بنظرة اعتذار
نظرة تساؤل يقابلها نظرة وعد
طلب للراحة يقابله طلب للرفق به!
حتى همست بصوت محشرج تبتلع لعابها بصعوبة :
-"أنا مش عاوزة أكرهك وفي نفس الوقت مش عاوزة أكره نفسي بسبب ضعفي وبسبب الحب ده!
مش عاوزة أخسرك وفي نفس الوقت مش عاوزة أخسر شخصيتي وكبريائي بسبب تنازلاتي واستسلامي!"
لم يجبها ، لم يتحدث ، لم يفعل شيء سوى أنه رفعها من خصرها يجلسها على قدمه وذراعيه تحيطان بها بقوة ، كفه يرتفع لمؤخرة رأسها يخلل خصلاتها بأنامله دافنًا رأسها في تجويف عنقه مقبلًا وجنتها باعتذار  حنون  ، فأحاطت عنقه بذراعيها تريد الهرب من مخاوفها ، ضعفها ، تشحن قوتها من جديد التي تشعر أنها بدأت في فقدها.
هزها في أحضانه كالطفل الصغير وكفه يمسح على رأسها ، فرفعت رأسها بعد فترة تنظر له بصمت ، فاستند بجبهته على خاصتها مغمض العين :
-"بداية جديدة وفرصة جديدة.. أنا كمان مكنتش حابب هدير الوديعة دي ، وحشتني هدير اللي ضربتني يوم الحفلة ، واللي رفضت الشغل معايا.. عوزها ترجع ، زي ما ضيعتها هرجعها"
وضعت كفها على كتفه وحركته بطريقة تلقائية ، ابتسمت بخفوت إلى نبرة المرح التي تصدر  منه وهمست :
-"عارف دي المرة التانية اللي تعتذر فيها ، وده إنجاز عظيم يا سيد مازن"
ضحك بسعادة حتى ظهرت غمازتيه بوضوح فارتفعت أناملها تلمسهما بلا وعي ليبتسم بحنان لها ، يرفع أنامله يعيد خصلاتها للخلف يتأمل قسمات وجهها بحب هامسًا بكل ما يكنه لها :
-"أنا بحبك..!"
توقفت يدها على وجنته ، وتسمرت نظراتها بداخل عينيه ، تصلب جسدها بين ذراعيه.
ليست غبية حتى لا تشعر  بها ، تراها في عينيه ، لكنه لم ينطق بها!
تنقلت بحدقتيه بين عينيه ببريق جذبه وكأنها تريد إثبات على ما تفوه به ، فهمس لها :
-"أنتِ خلتيني أحبك ، ومين يعرفك وميحبكيش؟
واللي يحب الاعتذار ده أقل حاجة ممكن يقدمها ، اعتذار  ووعد بتصليح كل حاجة غلط"
أغمضت عينها وابتسمت ، وقع الكلمة على أذنها ، تسللها لقلبها نشرت طمأنينة بداخلها كبيرة!
لم تجبه ولم تفعل شيء سوى أنها وضعت رأسها على كتفه وضمته لها ، فابتسم بحب يضمها أكثر إليه!!
فهدير  كما وصفها منذ أول يوم رآها فيها ، ليست كالفتيات التي تسعى للفت الانتباه بجمالها ، لكن لديها اليقين بأنها تستحق أن يُسعى إليها..
وهو سيسعى وسيظل يسعى حتى يظفر  بها بالكامل!
★★★★★★
تفكير.. تفكير.. تفكير
انتقام العقل من الانسان
مشتت بين عدة طرق ولا يسعه إلا التفكير  أي الطرق أسهل وأفضل!!
فجوة عميقة تسحبه إليها ببطء حتى يفقد شعوره
ويبقى بين نارين.. إما الإفاقة أو الاستسلام لها
ظلت بضعة أيام لا يشغل تفكيرها غير  ذلك الموضوع!!
كيف لأناس أن يستغلوا الأطفال بهذا الشكل؟
صورة ذلك الطفل لا تفارق عقلها ، وبداخلها يقسم أنها ستجده وتنقذه من براثن هؤلاء المجرمين.
يوم يليه الآخر ولم تنفك أن تذهب إلى نفس المكان لكنها لم تجده ، ولم تره حتى يئست.
وفي يوم كانت تخرج من سيارتها تتحدث في الهاتف ، وعندما التفتت إلى الجانب الآخر من الطريق ، وجدته جالسًا على إحدى الأرائك الخشبية المصفوفة بطول الرصيف.
أغلقت الهاتف بسرعة ، وهرولت باتجاهه حتى وصلت إليه ، هاتفة بلهفة تجلس بجانبه :
-"مصطفى.. الحمد لله إني لاقيتك"
نظر لها برهبة وانكمش في مكانه خوفًا منها ، فقالت بابتسامة هادئة تجعله يطمئن لها ، تعلم أنه لن يثق بها بسهولة :
-"متخافش.. أنت مش فاكرني؟
أنا هدير"
دقق النظر إليها ، وتذكر أنها نفس الفتاة التي جلبت له الطعام ، وأعطته النقود لتحميه من العقاب فقال بتردد :
-''لا فاكر ، أنتِ اللي أديتني الفلوس لما كنت بعيط"
أومأت برأسها بابتسامة صافية ، وربتت على كتفه بحنان قائلة :
-"أيوه أنا.. بقولك إيه أنت جعان؟"
أشار لها بكيس بلاستيكي يحمله بيده به بعض الطعام الذي لم تتضح ماهيته علامة لها أنه يمتلك ، فأخذته منه تتفحصه بتعجب ثم التفتت تضعه في أقرب سلة مهملات ، نفضت كفيها ببعضهما وقالت :
-"الأكل ده مش نضيف ، يلا نجيب أكل حلو وناكل هنا ، أنا كمان جعانة قوي"
اشترت الطعام لهما وجلسا يتناولانه ، ظلت تحاول التقرب منه وكسب ثقته بطريقة لا تثير الشك.
في خضم هذا تعلقت به ، لا تعلم كيف و متى؟
تعلم أن هناك غيره من الأطفال في مثل حالته ، لكن قلبها تعلق به.
كان هدفها من التقرب منه من البداية معرفة الأمور المتعلقة بهذا العمل.. لكن بعد ذلك تحول الهدف إلى محاولة إنقاذه من براثنهم..
استطاعت اكتساب ثقته ، واتفقت معه أنها ستراه في نهاية كل أسبوع في نفس المكان مما جعله يفرح عندما وجد الاهتمام منها ، اطمأن لها وعلم أنها لن تضره.
في يوم ما..
رآه أحد أصدقائه يجلس معها يتحدث ويأكل ويضحك ، فأسرع إلى رئيسه يدعى متولي يخبره بأمر هذه الفتاة ، وأنها ليست المرة الأولى التي يراه معها.
ليهاتف شخصًا يدعى عادل ، يعتبرونه الوسيط بينه وبين "الرئيس الأكبر"  وأخبره بأمر الفتاة وأنه يشك بها بأنها تريد معرفة المعلومات عنهم فليس من المعتاد تقرب أحد من هؤلاء الأطفال ، بل ينفرون منهم.. يلقونهم بنظرات اشمئزاز  واحتقار  وكأنهم قادمون من عالم آخر!
ذهب عادل إلى رئيسهم الأكبر وطلب من سكرتيرته الدخول لأمر هام ، فأمرته بالدخول عندما أخبرته بقدومه وأذن له
دلف الي المكتب الواسع يرفع يده إلى جبهته لتحيته :
-"صباح الفل يا باشا"
-"انجز وقول عايز إيه؟"
تردد الرجل في القول ، وارتبك في وقفته :
-"من شوية أتصل بيا متولي ، وقالي أن فيه واحدة بقالها فترة بتحوم على عيل من العيال اللي بيوزعوا البضاعة.. مرة أكل ، مرة لبس ، مرة فسح ، والموضوع ده فيه قلق كبير علينا"
ألقى ذلك الشخص الملف من يده ، وارتكز  بظهره على كرسيه يضع يده أسفل ذقنه ، ونظراته لا تنم على خير أثارت رعب ذلك الذي يقف أمامه ، جعلته يهتف بلهفة :
-"أنا بقول نخلص على الواد ده يا باشا.. ونخلص من القلق"
بصوت أجش ونبرة شرسة ، وعيون شاخصة في الفراغ تنظر بحدة :
-"لا... أنا هقول لك تعمل إيه!"
★★★★★★
الظلام مكان إحاكة المكائد
مكان لذوي القلوب الخبيثة والأنفس المريضة
خبيث يخطط بمكر والضحية ذلك الذي لا يريد سوى السلام.

تجلس خلف مكتبها تباشر عملها بعد فترة غياب طويلة أعطاها لها الجميع كي تعود من جديد كعادتها .
حولها نادر ومنار  يتناقشون معها في الموضوع الذي يشغل بالها ، فهتف نادر  بنزق غير  راضٍ عما تفعله :
-"أنتِ مش هترتاحي إلا لما تودي نفسك في داهية؟
ماشية تلفي ورا الولد مفكرة إنك ممكن توصلي لحاجة؟
افهمي اللي زي دول مدربين كويس قوي إن أيًا كان اللي يتعرضوا ليه ميفتحوش بوقهم بكلمة وإلا نهايتهم موت"
تنهدت بعمق ووضعت قلمها بتعب ، عقلها لا يتحمل أي اعتراض حتى لو كان نابع من خوفهم عليها في ظل قلقها على الطفل من الأذى بسببها ، أعادت خصلاتها للخلف تتنفس بصوت عالٍ ولم تجبه .
نظرت منار له تذم شفتيها بقلة حيلة تهز رأسها بلا فائدة ، كاد أن يكمل حديثه مرة أخرى لكن ضغط منار على كتفه أوقفه ، نظرة عينها المحذرة أخبرته أنها لا تتحمل الضغط فرفقًا بها.. تقدمت منها تجذب كرسيًا تضعه بجانبها وجلست عليه تحيط كتفيها بحنان :
-"نادر مش قصده يضايقك إحنا بس خايفين عليكِ ، أنا وأنتِ عارفين المرة دي الموضوع مش سهل!
قبل كده كنا بنقع على قضايا فساد ، رشوة ، مواد فاسدة لكن دي مخدرات"
أتاها صوت نادر الساخر مستندًا بكفيه على المكتب أمامها ينحني بجسده :
-"يعني الفساد والرشوة دول عادي بالنسبة ليكِ والمخدرات هي المشكلة يعني!"
ضحكت هدير  بمرح ورمقته منار بشذر ونظرات حارقة فغمز لها بمرح تقول من بين أسنانها :
-"لا يا ناصح مش قصدي كده ، أقصد إن فيه سيء وفيه أسوأ"
تنهدت هدير وحكت جبهتها بتعب :
-"منكرش إني في الأول كنت وخداه طريق لموضوع وفكرة مقال جديد ، تحدي إني أكشف اللي وراه بس بعد كده لاقيتني لا بفكر في شغل ، ولا في مقالات ولا أي حاجة..
كل تفكيري إني أخلص مصطفى من الناس دي"
شددت منار على كتفها ومطت شفتيها بتفكير تنظر لنادر بتساؤل ، فاستقام واضعًا يده في جيبه يشد من جسده في وقفته يهز رأسه بإيماءة بسيطة دليل تفهمه لها :
-"أنا فاهمك ، بس غير  مصطفى فيه آلاف الأطفال اللي شبهه واللي محتاجين حد يخرجهم من اللي هما فيه ، بس للأسف ده مش هيحصل إلا لو تجار  المخدرات دول وقعوا"
ابتسم بسخرية واستند على حافة المكتب المقابل لهما مكتفًا ذراعيه :
-"ودول للأسف مبيخلصوش ، لو واحد وقع يظهر عشرة غيره"
أومأت الفتاتان بتأكيد على حديثه ، ثم نظرت هدير في ساعتها وجدتها تشير إلى الحادية عشرة فقالت لهما :
-"أنتو مش كنتم خارجين تشتروا شوية حاجات ومستأذنين من رئيس التحرير ، قاعدين ليه لحد دلوقتي؟"
دفعت منار برفق من كتفها تحثها على النهوض ، استقامت الأخرى تجذب حقيبتها قائلة :
-"أيوه.. الحاجات اللي فرجتك عليها امبارح للبيت لافيتها امبارح في مكان في المهندسين هروح أتفرج عليها.. ما تيجي معانا!"
طالعتها بسخرية واضعة يدها أسفل ذقنها :
-"لا شكرًا.. عاوزة أشوف إيه حكاية المؤتمر ده بتاع شركة العجمي ، رئيس التحرير قال إنه أتأجل شهر ودي فرصة عشان نستعد ليه"
لوت منار شفتيها بسخط وقالت ببرود :
-"مش فاهمة نستعد ازاي وإحنا مش عارفين الشراكة مع مين؟"
تطلعت لنادر بنصف عين فناظرها بحاجب مرفوع بدهشة يسمعها تسأله :
-"نادر  متعرفش الشراكة دي مع مين؟
يعني أنت رجل أعمال وأكيد عارف"
هز رأسه بالنفي المصطنع يرفع كتفه بعدم معرفة قائلًا :
-" كل اللي أعرفه إنها شراكة كبيرة ، تعتبر الأكبر الفترة دي لكن بين العجمي ومين معرفش ، بس هحاول أعرف"
طالعته الفتاتان بصمت وعدم اقتناع ، ليناظرهما ببرود يبرع في رسمه إن حاول أحد معرفة شيء منه لا يريد الإفصاح عنه ، يسب مازن في داخله لجعله يقسم ألا يخبرهن حتى يرى رد فعل هدير عن رؤيتها له في المؤتمر.. يريدها بحضورها وعدم ترتيبها أن من ستراه هو زوجها!
طالعت منار هدير مرة أخرى هاتفة :
-"يا بنتي راجعي نفسك بلا مؤتمر  بلا  وجع دماغ وتيجي معانا وبالمرة نتغدى كلنا سوا"
ضحكت الأخرى بقوة وهزت رأسها بنفي :
-"متقلقيش نادر هيأكلك.. غديها أكلة حلوة يا نادر هي بردو صاحبتنا ، وأنا هحاول أوصل للهو الخفي ده"
توسعت أعين منار وهتفت بمرح :
-"تصدقي عندك حق تقولي لهو خفي ، لقب حلو نحطه في المقال الإعلاني للمؤتمر"
-"لا أبوس دماغك ارحمينا من ألقابك ومصطلحاتك اللي بتحطيها في المقالات دي ، الرئيس قرب يجيب ضلفها بسببك.. يلاقيها منك ولا من هدير ، يلا نمشي"
هتف بها نادر بغيظ يجذبها من كفها خلفه خارجين من المكتب والجريدة بأكملها قبل أن تتمكن الفكرة المجنونة منها تصاحبهما ضحكات هدير المستمتعة ، فهي معروفة بألقابها الساخرة التي تضعها في مقالاتها والتي تثير حنق وغيظ الجميع.
مر الوقت تتابع عملها وتحاول الوصول إلى الطرف الآخر الشريك لعبد العزيز العجمي لكنها فشلت وكأنه شبح خفي بالفعل!!
أخرجها من تركيزها هاتفها الذي صدح برقم مجهول ، استقبلت المكالمة ليصل إليها صوت مصطفى الخافت فقالت بلهفة يشوبها القلق :
-"مصطفى.. فيه إيه؟
حصلك حاجة؟"
أجابها بتوتر :
-" يوه يا أبلة هدير.. حضرتك فاضية؟"
-"أيوه يا مصطفى قولي في إيه؟"
أضاف بتردد وخوف :
-"صاحبي يوسف تعبان ومش عارف أعمل إيه؟!
ممكن تجيلي!"
عقدت حاجبيها بقلق ، إن كان صديقه مريض فأولى أن يهاتف أي أحد من الذين معه ، خمنت أنه تعرض لحادث أو ما شابه فلم تفكر إلا في سلامته تقول بصوت رخيم :
-"طب قولي العنوان وأنا هجيلك!"
أملاها العنوان فدونته وجذبت حقيبتها تخرج من الجريدة ودلفت لسيارتها لكن قبل أن تتحرك ، نظرت في المرآة تنظر  لتلك السيارة السوداء التي تلازمها دومًا لحمايتها.
لا تعلم لماذا شعرت بالأمان عندما رأتها؟!
لأول مرة لم تكن ساخطة على مازن من أمر تعيينه حراس تلازمها أينما ذهبت!
وصلت إلى العنوان الذي أعطاه إليها مصطفى..
مبنى تحت الإنشاء يحيطه العديد من المباني المشابهة في منطقة شبه خالية.. ألقت نظرة متفحصة من الخارج ودقات قلق تعبث بداخلها وهاتف يصدح بعقلها أن تعود أدراجها فشعور بالخطر يقترب منها إن خطت هذا المكان!
تنهدت تبث القوة بداخلها ثم دلفت بخطوات حذرة تعيد خصلاتها إلى الخلف.
نادت باسم مصطفى بصوت عالٍ ، ولكنها لم تجد أي رد ، أعادت الهتاف مرة أخرى إلى أن سمعت صوتًا يهمس باسمها من الخلف..
استدارت لتجحظ عيناها من هول المفاجأة عندما رأت الشخص الماثل أمامها!
لم تكن تتوقع أن تراه هنا ، أن يكون خلف كل هذا؟
ولمَ الاندهاش الآن؟
ماذا كانت تتوقع أقل من هذا؟
وهو لم تكن حجم المفاجأة عليه بالهين ، كان يتوقع فتاة لها خطر عليه.. لكن لم يتوقع أن تكون هدير!!
لينطقا في صوت واحد بذهول ودهشة عارمة :
-"هدير / كريم"
ناظرته بصدمة وأعين جاحظة تضع أناملها على فمها ونظراتها تشمله كله تهمس :
-"مش معقول.. أنت اللي ورا الحكاية دي كلها؟
أنت اللي ورا العصابة دي؟"
ظنت أن حديث مازن عنه يدور فقط في نطاق المنافسة بينهما ومحاولة الإيقاع به ، لكن مخدرات وعمالة الأطفال فيها!
ابتسم بسخرية يحك رأسه بمؤخرة سلاحه يعض جانب شفته بخبث قائلًا :
-"معرفش عنك أنك غبية!!
فكرت مازن صارحك بكل حاجة وقالك قد إيه كريم ده وحش.. بس تفكيرك طلع محدود.. تعرفي إني كنت مخطط لمقابلة بينا قريب يا هدير!"
-"فين مصطفي يا كريم؟"
نطقتها بحدة تحاول التحكم في أعصابها ، فابتسم بخبث وأشار لأحد رجاله ليأتي به.
جاء أحدهم ممسكًا به يضع على رأسه السلاح يبكي من شدة الخوف ، ورجل آخر ممسكًا بالطفل الذي ذهب وأخبر الرجل الذي يدعي متولي بأمرهما.
اتسعت أعينها بخوف وفزع وهتفت بلهفة :
-"سيبه يا كريم ، هو ملوش ذنب"
أومأ برأسه مرة واحدة وقال بغمزة  يشير لها بمسدسه :
-"هسيبه ، بس بعد ما نتكلم أنا وأنتِ"
صرخت به بثورة مفرطة تشد على قبضتيها بقوة :
-"أنا مفيش ما بيني و بينك أي كلام ، أنت......."
ولم تكن تكمل حديثها حتى صرخت بأعلى صوتها تضع يدها على فمها من الصدمة ، عندما أطلق النار على الطفل بجانب مصطفي.
تسمرت مكانها ترى الطفل يلتوي من الألم الذي عصف به وذلك الرجل يكتم صوته بكفه الغليظ!
بقعة كبيرة من الدماء انتشرت حوله ، فنظرت بجحوظ إليه تراه شيطان في هيئة بشر !
نظر إليها يكمل حديثه وكأن شيء  لم يكن غير مبالي لما فعله يشد على جسده يناظرها بجمود وشراسة بعيدة عن تلاعبه وخبثه :
-"لا هنتكلم يا هدير ، وأي اعتراض الرصاصة التانية هتبقى في دماغ الواد ده.. إيه رأيك؟"
أومأت برأسها عدة مرات موافقة على الحديث معه ، وعيناها مازالت معلقة على الطفل الغارق في دمه ، والذي حمله أحد الرجال وذهب.
أشار لجميع الرجال بأن يتركوهم وحدهم.. فاقترب منها حتى صار بجانبها ، وسحب  كرسيًا خشبيًا وضعه خلفها ، ثم دفعها عليه بعنف يناظرها بشراسة وفتحتي أنفه تتسع من أنفاسه العالية ، انحنى إليها يستند إلى حافتي الكرسي ، وقال بصوت هامس :
-"تقدري تقولي لي إيه يمنعني أقتلك دلوقتي؟
أظن مفيش أحسن من الفرصة دي ، علشان أنتقم منك!"
أغمضت عيناها بشدة ، ودموع غزيرة تتساقط من عينيها ، فتابع حديثه بنفس النبرة ، وعيناه بلون الدم :
-"بس أنا مش هقتلك يا هدير ، عارفة ليه؟"
نظرت له بتساؤل وحيرة في عينها فأكمل بثقة :
-"اللي أنتِ عملتيه زمان ، واللي عملتيه في أبويا.. واللي جوزك بيعمله في شغلي مش عقابه الموت لا.. لو موتك هترتاحي وأنا مش عايزك ترتاحي ، أنك تعيشي في خوف وقلق ده على اللي عملتيه متعة بالنسبة لي"
رفعت عينها الدامعة له ، ونظرت إليه نظرات احتقار واشمئزاز ، وقالت بصوت محشرج :
-"أنت بتكذب الكذبة وتصدقها ، أنا الظالمة وأنت المظلوم مش كده!
أنا اللي خنتك.. أنا اللي لعبت عليك.. أنا اللي أذيتك في عيلتك.. وأنت الملاك البريء اللي معملش أي حاجة صح!"
اقتربت برأسها من وجهه تهزها بنفي وقالت بحدة من بين أسنانها :
-"لا يا كريم ، أنت مش هتقتلني عشان اللي بتقول عليه ده ، عارف ليه؟
بموتي أنت بتثبت لمازن أنه انتصر عليك ، هو في نظرك أخدني منك وأنت خسرت كل حاجة.. السبب التاني أنك جبان"
لم تشعر بنفسها إلا ووجهها يلتفت إلى الجانب الآخر أثر صفعة تلقتها منه ، أغمضت عينيها بألم وكفيها تضغط على حافتي الكرسي بقوة من الألم ليهبط خط من الدماء من شفتيها .
تحاملت على نفسها ، وابتسمت بسخرية تهمس :
-"مش بقولك جبان"
جذبها بعنف من مرفقيها يوقفها يضغط على ذراعيها بقوة ، وقال بخبث :
-"جبان!
طب إيه رأيك الجبان ده يبعت لابن السيوفي هدية صغيرة!"
شهقت بفزع ترى نظرات الخبث في عينيه وحاولت التملص منه لكن ضاعت شهقتها وهو يهبط على شفتيها يقبلها بقسوة وقوة ، ويده مزقت القميص الذي ترتديه تحوم يده على جسدها بحميمية.
ظلت تدفعه بقبضتيها بقوة ، وتراءت أمامها ذكرى مشابهة منذ سنوات حين حاول الاعتداء عليها.
دفعها إلى الحائط خلفها يهبط على عنقها وجيدها يقبلهم بنهم ، ويده ما زالت تستكشف جسدها بطريقة محمومة.
رفع رأسه وجذبها من شعرها للخلف ناظرًا لعينيها بانتصار وتشفي ، يتأمل وجهها الذي ظهر عليه أثار أصابعه بسبب صفعته لها ، وشدة ضغطها علي عيونها مغلقة إياهم ودموعها المصاحبة بشهقاتها العالية.
اقترب من أذنها يهمس بفحيح كالأفعى ، ضاغطًا بقوة أكبر على خصلاتها :
-"فتحي عيونك علشان أشوف فيهم كسرتك!
فتحي وريني خوفك يا هدير..
اصرخي واطلبي مني أسيبك"
وضع صدغه فوق جبينها يتحسسه بذقنه الخشنة يكمل :
-"ورحمة أمي لأخلي مازن يندم على الساعة اللي فكر فيها يقف قصادي..
يندم على اليوم اللي قرر يآخد فيه حاجة تخصني"
بمجرد أن ذُكر اسم مازن منه كانت كمن بُعثت فيها القوة والحياة من جديد فصرخت بأعلى صوت لها هاتفة باسمه بحرقة قلب ورجاء
-"مــــــــــازن"

الحب سبق صحفي " مكتملة "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن