الفصل الثاني والعشرون
معشوقتي..
هي الورد التي ترطبه قطرات الندى
قمرٌ يتهادى في ليالي الصيف فيضيء المدى
هي الأحلام الطفولية وهدية الأرض من رب السماء
معشوقتي لها سحر يسلب القلوب.
بخطوات حسيسة ، وأنفاس مكتومة لا تُصدر أي صوت اقترب من الورشة الزجاجية القابعة خلف القصر ملك لها وحدها ، لا أحد يدلف إلى هنا دون أذنها.
بالنسبة لها كالعيادة النفسية ، ولوحاتها هن طبيبها الوحيد.
سأل والدتها عنها فأخبرته أنها هنا ، دلف بخفة وأغلق الباب ببطء حتى لا تنتبه ، حال بنظراته فوجدها جالسة أمام لوحة ترتدي فستان باللون الأصفر ذا حمالتين عريضتين ، خصلاتها تهبط على ظهرها بسلاسة ، تهتز بحركات راقصة على أنغام سماعات الأذن التي تضعها.
استند بظهره بجانب الباب ، مكتفًا يده أمام صدره يتأملها..
كزهرة عباد الشمس الشامخة التي تجذب الأنظار بلونها المشرق!!
بل هي كالشمس تجلس كالملكة وتتوجه نحوها زهور العباد والأنظار كلها!!
ابتسم بعشق واقترب منها حتى وقف خلفها منحنيًا قليلًا بجانب وجهها ، يرفع أنامله يجذب السماعات من أذنها طابعًا قبلة فوق وجنتها الوردية فكانت كملمس بتلات الورد فوقها ، أغمضت لها عينها بابتسامة عاشقة واحتقن الدم أسفل شفتيه بخجل ليهمس متعجبًا :
"متخضتيش!!"
هزت رأسها بنفي ومالت للأمام تلون سماء رسمتها باللون الأزرق وقالت :
"شكلك نسيت إن الورشة كلها إزاز ومرايات ، من أول ما دخلت وأنا لمحت طيفك بس محبتش أحبط محاولاتك لمفاجأتي"
قهقه بمرح وهو يقف بجانبها ثم أحاط خصرها يحملها ثم جلس مكانها وأجلسها على قدميه ، فتطلعت إليه بصدمة قبل أن تضحك هاتفة بدلال محبب :
"كده مش هعرف أكمل الرسمة يا رامز"
لامس أرنبة أنفها بأنفه فهزت رأسها برعشة سارت في جسدها ضاحكة وقال :
"عادي كمليها وأنتِ كده ، متحلميش إني هسيبك من بين إيديا"
همس بجملته الأخيرة وكأنه يقطع الوعد لها بأنها ستكون ملكه للأبد ، لن يتخلى عنها ولن يتركها طوال العمر.. فابتسمت له بحب واستندت بجبهتها على خاصته هامسة :
"مش عاوزاك تسيبني"
يحبها جدًا ، ويرفض من نار حبها أن يستقيل!
دار بنظره في المكان فلاحظ لوحة في زاوية بعيدة بالورشة يخفيها قماش أبيض جذبت انتباهه بقوة فطالع أسماء بتساؤل عنها ، ابتسمت ونهضت تجذب ذراعه وتوجهت نحوها.
وقفا أمامها تبتلع ريقها بنوع من التوتر جعلها تهتف بثبات واهن ، ترفع خصلاتها لأعلى تثبتها بفرشاة الرسم الرفيعة :
"أكتر لوحة تعبتني ، وأكتر لوحة قريبة من قلبي ، والوحيدة اللي مشفهاش مازن وهو اللي بآخد رأيه في كل حاجة برسمها"
عقد حاجبيه باندهاش لا يعي ما تقصده ، فلاحت منها نظرة جانبية له قبل أن تجذب الغطاء برفق لتظهر اللوحة شيئًا فشيئًا تكشف عن الملامح المرسومة بدقة على الورق الأبيض.
عقدة حاجبيه المندهشة استحالت إلى أخرى مصدومة!!
نظراته المتسائلة استحالت إلى ذهول وعدم تصديق!!
ملامحه.. رسمته بدقة وحرافية كأنه ينظر لنفسه في المرآة!!
لحيته الخفيفة ، بشرته الحنطية ، حتى خطوط وجهه ولمعة عينه رسمتها بعناية!!
لوحة ورسمة لا تخرج إلا من قلب عشق حد الوله فطبع ملامح المعشوق بشكل لا يحتاج أن يحتفظ بأي صور له برفقتها!!
تحسس ملامحه بأنامله وبداخله لا يصدق أن تفعل هذا.. دقق النظر لعينيه فصعق من النظرة التي طلت منها والتفت لتلك المتوترة تفرك كفيها بقلق من ردة فعله وهمس :
"أنا.. أنا كنت ببصلك بالشكل ده"
نظرته كانت نظرة غريق في منتصف المحيط يرى جزيرة النجاة من بعيد ولا يستطيع أن يبعد عينيه عنها حتى لا يختفي الأمل في بقائه حيًا.
ابتلعت ريقها بصعوبة ، تفك خصلاتها وتعيد رفعها من جديد فاقترب منها يضع كفيه فوق كتفيها يقربها منه ونفس النظرة التي تطل من الرسمة ها هي تراها الآن ، لكن الاختلاف كان أن هذا الغريق نجح أخيرًا في الوصول لبر الأمان!
مال على وجهها وهمس أمام شفتيها :
"امتى رسمتيها؟!
وليه مرتيهاش لحد؟"
رفعت نظرها إليه واقتربت أكثر تضع كفيها فوق صدره خاصة فوق قلبه وهمست بابتسامة :
"فاكر علبة الألوان اللي جبتها لي بعد ما كنت فقدت الأمل ألاقيها!!
وعدت نفسي إن أول صورة هرسمها تبقى ليك"
تنفست بعمق وعيناها تتغلل بلمعة دمعاتها ولم تعد قادرة على كبح مشاعرها ، سابقًا كان صديق أخيها وحبيبها السري الذي لا يعرف عنه أحد غير قلبها ، والآن هو زوجها.. معشوق القلب أمام الجميع.
-"مازن مشفهاش عشان خوفت ، خوفت يشوف النظرة دي وغيرته عليا تغلبه فيبعدك عني"
أحاطها بدفء شمس الربيع الساطعة بعد برد الشتاء القارص مقربًا إياها من نبض قلبه الذي يدق بـ دويّ صارخ هامسًا بحنو :
"مفيش حاجة في الدنيا تقدر تبعدني عنك"
أحاطت كتفه بذراع تلاعب مؤخرة رأسه بلا وعي ، والكف الآخر فوق صدره مكملة بنبرة مختنقة :
"لما قولت لي إنك بتحب واحدة تانية كنت بقضي أغلب الوقت هنا أشتكي منك ليك ، ولما أرفع عيني وأقابل النظرة دي أسأل نفسي طب إزاي!!
إزاي تبقى دي نظرتك ليا وتحب غيري؟"
لامس وجنتها بظهر كفه يتأملها بعشق فاض بقلبه..
شقّ جميع الدروب إليها ، موقن بداخله أنها خضراء نضرة ، رجى أن تحصد أقدامه حبها وقبولها ، وأمل أن لا يمسه نصب ولا تقل عزيمته وقد كانت هدية الرحمن له.
سكن كفه على عرقها النافر بقوة بتجويف عنقها يمسد جانبه بإبهامه ، واستحالت نظراته للأسود من فرط مشاعره هامسًا بصوت أجش :
"أنتِ عوض ربنا ليا يا أسماء ، عوض جالي بعد متاهة كبيرة في الدنيا..
اختفاء أمي وأنا عمري أربع سنين ، وموت أبويا وأنا عمري عشرين سنة ، شوفت العذاب ألوان لمدة ست سنين لحد ما ربنا خلى طريقي وطريق مازن يتقابلوا وأشوفك"
أسند جبهته على خاصتها مغمض العين وسيل الذكريات والعذاب الذي لاقاه وحاول دفنه بعيدًا في مقبرة عقله يأبى أن يتركه!
ألا يكفيه أرق الليل وكوابيسه لا تتركه تذكره بما مر به ، حتى لا تحرره في ساعات النهار متنفسه الوحيد!!
شعر بضغطة على كتفه كأنها تشجعه على الحديث ، ففتح عينيه يخترق نظراتها بسهامه المارقة ، من تراه بعيد كل البعد عن رامز المرح ، المشاكس.. من أمامها يحاول أخذ تلك الواجهة كقناع يخفي به وجعه وحزنه!!
خطأ من يظن أن حزن الرجل ضعف ولا يحق له الوجع ، وهو في الحقيقة القوة في أبهى صورها.
-"مازن مش صديق مازن السند ، وفيفي تعويض ربنا لحنان الأم اللي اتحرمت منه..
وأنتِ تعويض قلبي عن تلاتين سنة عذاب ووجع علشان تبقي زي المطر اللي نزل في يوم حر"
هبطت دمعتان على وجنتيها من تشبيه ومشاعره التي يمطرها بها ، تضم نفسها إليه بدون وعي تحتويه كأنها تعوضه عما حُرم منه تسمعه يهمس بشجن وغموض :
"متزعليش من اللي هعمله بس محتاج لكده"
ناظرته بعدم فهم لمقصده عاقدة حاجبيها بتساؤل!!
فاقترب فجأة وبدون سابق إنذار يلتقط شفتيها برقة متناهية بعيدة كل البعد عن القوة!!
قبلة لم تدم إلا عدة ثوانٍ فصلها عندما شعر بارتجافها الشديد بين ذراعيه ، ليجدها تتنفس بلهاث كأنها في سباق ركض في طريق طويل ، فخلل خصلاتها بأنامله وقد انفلت زمام تماسكه أمام سُكر ثغرها هامسًا :
"اتنفسي ومتخافيش"
ليهبط على شفتيها مرة أخرى لكن هذه المرة كانت قوية ، محتاجة ، عاشقة!!
وللعجب شعر بها تبادله بحياء مملوء بشغف مجنون تجذبه إليها بلا وعي ، فتعمقا في قبلتهما لتبدأ يده بدون إرادة منه بالتجول على منحنيات جسدها كأنه عابر سبيل يكتشف طريقه الجديد ، فانتفضت بين ذراعيه تفصل القبلة شاهقة بشدة تضغط بكفيها على كتفه تعود بظهرها للخلف هامسة :
" رامز فوق ، كده ميصحش "
وضع رأسه في عنقها يستنشقه بعمق كي يعود لرشده ، يجذبها بين أحضانه يربت على رأسها باطمئنان وعدم الخوف هامسًا بصوت محشرج
-"خلاص.. خلاص هديت بس خليكِ كده شوية لحد ما أقدر أسيطر على نفسي"
دفنت رأسها في صدره وقبضتيها تكور قميصه من الخلف بقوة تخفي ابتسامة خجولة واحمرار وجنتيها بداخله.. تهرب منه إليه!!
★★★★★
في هدوء الليل
والسكون الذى نأوي إليه كل ليلة..
تتجمع ما بنا من أحزان وآلام موجعة..
ذكريات مؤلمة
نتمنى أن نتناسى الأحزان في سواد الليل
ونبحر إلى عالم الحب والطمأنينة..
فقد سئمت قلوبنا عذاب اليأس والاستسلام!!
مناجاة في حلكة الليل تزيد القرب وتقوي القلب وتثري الروح والوجدان!!
وهي لبت مناجاته وأتت.
في مزرعة والده التي يقضي بها باقي يومه هو ووالدته منذ آخر لقاء لهما في الشركة منذ بضعة أيام.. في ذلك المكان الساحر الذي أنشأه من أجلها يتمدد على الوسائد البيضاء يستند على ذراعه الأيمن أسفل رأسه يطالع السماء الصافية المزينة بتلك المصابيح المضيئة ، يتأملها بسكون بعيد كل البعد عن شخصيته ، وفجأة استحالت أمام عينه إلى وجه كالبدر بابتسامة تنافس جمال النجوم في السماء.
توسعت حدقتيه بمفاجأة واستقام يلتفت بنصف جسده يستوعب وجودها هنا ، معه ، في هذا الوقت من الليل كيف؟!
-"منار!!
أنتِ هنا إزاي؟!"
جلست على ركبتيها تستند بكفيها تناظره بعينين تقدح شذرًا وغيظ وشعرها القصير يغطي نصف وجهها هاتفة من بين أسنانها :
"لما حضرتك ترد على اتصالاتي بأعجوبة ، وسيبت البيت وجيت هنا ، قومت ثبتت بابا على الباب وهو راجع من الشغل وخليته يجيبني هنا أشوف فيه إيه!!"
راقبها بدهشة وتساؤل تسير على ركبتيها تقترب منه ومالت برأسها تناظره بخطر وتهديد :
"هتعترف دلوقتي حالًا بكل حاجة ، أنا سيبتك يوم الشركة بمزاجي"
جلست مكتفة ساقيها أسفلها في وضع الاستعداد لسماعه.. كل هذا يتأملها بوله!!
قطعت كل تلك المسافة لتطمئن عليه!!
لا يحبها من فراغ بل هي الركن الآمن في قلبه يجد فيه راحته!!
أثنى ساق أسفله والأخرى أسند ذراعه على ركبتها ، يزفر بقوة يحتاج لتلك الجلسة بقوة ، يحتاج أن يتحدث ، يحتاجها أن ترتب أفكاره وتساعده على الراحة.
نظر لها بأعين قرأت فيهما نوع من التيه وقلب مثقل بالهموم :
"مش عارف يا منار ، حاسس إني تايه وحاسس إني مقصر والدليل اللي حصل في الشركة الفترة الأخيرة"
قاطعته بنفاذ صبر قائلة :
"وإيه اللي حصل يا نادر؟
مشكلة زي أي مشكلة بتحصل في أي شركة وأنت عرفت تحلها ، مفيش شركات مبيحصلش فيها دروبات!!"
فرك وجهه بقوة وانفعال ، فاستحال بياض عينيه إلى الأحمر في عادة عنده عندما ينفعل أو يغضب وهتف بصوت حاد :
"بس لو كنت موجود مكنتش هتحصل ، أنتِ فاهمة يعني إيه التسيب يوصل إنهم يوزعوا بضاعة منتهية الصلاحية وبسعر أكبر للتجار بحجة إنه لو اتسابت هنخسر ملايين!!
سمعتي وسمعة أبويا كانت هتضيع علشان شوية طماعين عندي لو كنت موجود مكنش هيبقى ليهم وجود!!"
عقدت حاجبيها بعدم فهم من حديثه وتساءلت :
"نادر أنا مش فاهمة كلامك!!
أنت عمال تعيد في كلمة لو موجود ومقصر ، فهمني تقصد إيه!؟"
نهض من مكانه يتخصر بيد واليد الأخرى تخلل بها خصلاته بحدة ، تأملته بقلق من حالته تسمعه :
"أنا تايه بين روحي وشغفي يا منار ، تايه بين الشركة وشغل أبويا وبين حبي للصحافة وحاسس أنها لسه واخدة مني كتير لدرجة مخلياني حاسس بتقصير في الشركة"
الآن وضعت يدها على لُب المشكلة ، فهمت حرب نفسه الثائرة بداخله وذنبه الذي يحمله ، يحتاج أن يفسر له أحد ما يحدث حتى يتخلص مما يعيث في قلبه.
نهضت واقتربت من واضعة كفها على كتفه تديره برفق تنظر له بحب وحنان تمسك بكفها بين يديها تربت على ظهرها برفق تبثه الهدوء الذي يريده ، بر الأمان الذي يحتاجه ، ركن الاستقرار الذي يثبو إليه وقالت :
"طب تقدر تقولي لو أنت مقصر شركتك كانت هتبقى من أوائل الشركات في مجال التجارة إزاي؟
لو أنت مقصر كنت هتبقى من أكبر رجال الأعمال إزاي؟
ولو أنت ضعيف زي ما بتقول أو تعاملك معاهم كان ضعف كانوا هيعملوا كده من وراك؟!
كانوا هيقفوا مرعوبين بالشكل ده قدامك؟"
التردد لاح في نظراته وهتف بنزق :
"المشكلة..."
ناظرته بحزم وقاطعته تضع كفها على وجنته تدلكها برفق قائلة :
"المشكلة إنك حاطط الشركة والصحافة في نفس الكفة وبتقارن يا نادر ، مينفعش المقارنة عارف ليه؟"
عقد حاجبيه بتساؤل فأكملت :
"علشان أنت اخترت أصلًا ، اخترت الشركة وأنك تبقى رجل أعمال من وقت ما قبلت تمسك الشغل ، من وقت ما اتخليت عن لقب الصحفي بأنك تبطل تكتب مقالات وتنزلها باسمك ودورك بس اقتصر على تشجيعي أنا وهدير أننا نكمل وتساعدنا نوصل للمعلومة سواء برأيك أو بالمستندات!!"
ابتسمت له وأسندت جبهتها فوق خاصته وكفها الممسك بكفه على هيئة قبضة رفعتها لقلبه تربت عليه بهدوء ، واستحالت نبرتها للهمس الساحر دخل أذنه كسمفونية كلاسيكية جميلة تصدح في ليلة شتوية جميلة :
"بطل تتعب ده يا نادر ، ده يستاهل الراحة والسند زي ما بيدي الراحة لكل اللي حواليه ، أنت مش مقصر أنت بتعرف تفصل كويس جدًا والدليل مكانتك ومكانة شركتك.. والجريدة مجرد ركن راحة من تعب الشغل بتيجي تقضي وقت معانا وبس..
ولا ضعيف ، القلب اللي يعرف يقوي اللي حواليه زي ما كان السبب في رجوع هدير لحالتها الطبيعية ، واللي يقدر يحب زي الحب اللي باخده منه استحالة يبقى ضعيف"
لا توجد كلمة في القاموس تعددت معانيها وتنوعت وتناقضت بقدر كلمة أحبك!!
لها من المعاني بقدر عدد الناس في شتى بقاع الأرض لكن أفصح وأدق معنى ذلك الذي تراه في عينه!!
نظرة أطاحت بأحرف الأبجدية أدراج الرياح وتكفلت بالتعبير عما يجيش في صدره لها!!
وبغير وعي احتضنها ، احتضنها وإذا اعتبروا العناق خطيئة لكحيلة العينين.. فتبًا لهم!!
زرعها بداخله وتبًا للخجل وكل شيء!!
دقاتها ودقاته يطرقان سويًا في سباق لتحديد الأسرع والأقوى ، تلك كانت أقرب نقطة تواصل وصلا إليها لكن شعور الاحتياج والسكن الذي يحتاجه وصلها من أنفاسه الساخنة على عنقها فربتت بكفيها على ظهره تسمعه يهمس بوله :
"مفيش قرار أخدته هيبقى أحسن من قرار ارتباطي بيكِ ، ولا فيه شعور عمري ما أندم عليه زي شعور حبي ليكِ.. أنتِ النقطة البيضا جوايا واللي مينفعش تنطفي"
خرجت من أحضانه بخجل تعيد خصلاتها للخلف تشبك جانبيه بمشبك شعر صغير كان برأسها ، ونظرت له بجدية مزيفة تخفي خجلها من حركته ، تكتف ذراعيها أمام صدرها ترفع حاجبها بتهديد ضاحك :
"ماشي يا أستاذ نادر.. حالة الحيرة اللي سعادتك كنت فيها دي خلاص خلصت!!"
أومأ برأسه يكتم ضحكته بصعوبة يقف أمامها كالتلميذ المشاغب أمام والدته يتلقى منها تعليماتها ، فهزت رأسها بتأكيد وأكملت :
"تمام.. مش هنحس بالتقصير ده تاني ونركز إننا ننضف الشركة من الطماعين دول وتعيين ناس أحسن منهم تستاهل الشغل ده"
أومأ مرة أخرى بتأكيد وابتسامته تتسع شيئًا فشيئًا لتمط شفتيها بجدية تمنع ابتسامة تحارب للرسم على شفتيها وأكملت :
"جميل جدًا.. هتيجي تطمني الأرنب بتاعي ولا ماما عملته على الملوخية اللي بتسخنها لي جوه عشان تعشيني"
هنا ولم يستطع كبح زمام ضحكاته التي انفلجت في الهواء كالخيل المرتقب لإطلاق سراحه في ماراثون فُتح الباب له ليركض ، فانشرح صدرها لعودة سعادته وضحكاته من جديد وابتسمت بعشق لعينيه ، فجذبها من كفها يرفعه مقبلًا باطنه بامتنان لوجودها ثم شبك أنامله معها وسار معها نحو مكان أرنبها الصغير.
جلست أمام قفص فضي واسع مبطن بأعشاب خضراء أسفله حتى يستطيع الحركة ، وطبق كبير مليء بالجزر والطعام ، وصغيرها ساكن في زاويته في تخّمة بعد أن شبع من وجبته الدسمة.
تأملته بأعين طفولية ولاعبته بأصوات غير مفهومة كأنه طفل صغير تضاحكه ، فقهقه الذي يقف خلفها بهز رأسه بيأس يشوبه التعلق الشديد من تصرفاتها وهمس لنفسه :
"الناس تطلب قطة ، كلب صغير ، عصافير هدية.. لكن أرنب!!"
وصلها همسه فناظرته من أسفل بتهديد صريح أن يذكر صغيرها بسفاهة وتقليل من شأنه ، فأشار بسبابته وإبهامه على فمه في علامة على إغلاقه بعد أن غمز بمشاكسة.
نهضت تعدل من هندامها ، وأمسكت كفه تحثه على السير هاتفة بحماس :
"خلاص كده اطمنت عليه ، يلا نروح لماما بقى علشان جوعت"
لاحق خطواتها يحتوي كفها بحنان مقبلًا ظاهره ، وعيناه تطلق شرارات الحب لا يخرج إلا لها فقط.
★★★★
واثق الخطى يمشي ملكًا
يعرف هدفه ويحدده
هادئ.. رازن .. الخوف لا مكان له بداخله
يهوى السلام وإن حارب يكون ذا نفس طويل
فحتى السلام بالنسبة له كالحرب
معركة لها جيوش ، حشود ، خطط وأهداف!!
وثقته بحد ذاته معركة ضد كل مضاعفات الهزيمة!!
دلف إلى شركته بكبرياء وجسد شامخ ، يرتدي بذلته الرمادية متخليًا عن رابطة عنقه ، يفتح أول أزرار قميصه الأسود كاشفًا عن عنقه الطويل ، يرتدي عوينات سوداء تخفي نظراته الثاقبة.
يهز رأسه يحيي الموظفين الذين يلقون عليه التحية بوقار حتى وصل إلى غرفة اجتماعاته حيث ينتظره المدراء التنفيذيين ومحامين شركته ومستشاريه بعد أن أخبر سكرتيرته الخاصة بعقد اجتماع عاجل ، كان من ضمنهم هؤلاء المتسببين عن أزمته الأخيرة.
دلف للداخل فوقف الجميع احترامًا له فحياهم وأمرهم بالجلوس.. تخلى عن سترته وألبسها لظاهر كرسيه وجلس عليه بعد أن نزع عويناته ، يستند بمرفقه على يده واضعًا أنامله على فمه ويمسك الأخرى ضاغطًا عليها وظل صامتًا لبعض الوقت.
دقائق صمته دبتّ التوتر والقلق في قلب الجالسين ، خاصةً وهو يحيل بنظراته الصقرية على وجوه الجميع يرى تصبب العرق من بعضهم ، توتر البعض الآخر ، وعدم فهم أخرون لما يحدث.
اعتدل في جلسته يشبك أنامله أمامه على الطاولة ونظر لمحامي العائلة وصديق والده :
"ممكن حضرتك تقولي وصية والدي الله يرحمه كانت بتقول إيه في اللي يخص الشركة"
عدّل الرجل من وضع عويناته الطبية وفتح الملف الذي أمامه يقرأ ما به :
"والدك الله يرحمه طلب إن إدارة الشركة وشغله كله يتحول باسمك أنت ، ويتشال اسمه من على واجهة المبنى ووضع اسمك أنت في خانة رئيس مجلس الإدارة"
أومأ نادر برأسه بتأكيد ونظر للجالسين ومازال يوجه حديثه إلى المحامي :
"وقال إيه بالنسبة لموظفين الشركة؟"
حمحم الرجل ينظر لمن يقصدهم بالسؤال ثم أعاد نظره للأوراق :
"طلب أنهم يستمروا في شغلهم لأمانتهم ومجهودهم تجاه الشركة"
ابتسم بسخرية وأسند مرفقه على الطاولة يحك ذقنه ويرفع رأسه بغموض وقال :
"دي كانت وصية أبويا ، محمد التهامي بخصوص شركته.. شركته اللي أسسها وكبرها خمسين سنة لحد ما بقى ليها اسمها وسمعتها في السوق ، وعمل لاسم التهامي وضع وقيمة في السوق بمجرد ذِكره يقف ليه أكبر تاجر في البلد.
وبالرغم من وصيته أنا منفذتهاش وبقى اسم محمد التهامي لسه موجود على المبنى بره ، والصفقات لسه بتتعمل على اسمه علشان ممحيش أي ذكرى ليه"
تحولت نظراته للشراسة ، ونبرته للحدة تبث الزعر للحاضرين بالرغم من خفوتها :
"وعشان وصيته بقيت على الناس اللي طلب يستمروا بالرغم من شكوكي.. الناس اللي فكروا سكوتي وتحذيري ليهم أكتر من مرة ضعف وبيلعبوا من ورايا على أساس إني هسكت وهسيبهم"
هتف أحدهم بزعر حقيقي ظهر على وجهه المحتقن بالدماء وحبيبات العرق المتصببة من جبهته بخوف :
"يا نادر بيه حضرتك...."
قاطعه بطرق كفه على سطح الطاولة بعنف وهتافه الحاد يصل لجميع من في الشركة انفلج له الجميع وتأهبوا كأن على رؤوسهم الطير :
"أنا مسمحتش ليك تتكلم ، ومرة تانية لو نطقت بحرف هنسى سنك وهتشوف رد فعل مش هيعجبك"
ابتلع الرجل لسانه وانكمش للخلف في جلسته يخرج منديله يجفف جبهته الندية ، فنهض نادر ودار يقف خلف كرسيه يكتف ذراعيه عليه وعاد لهدوئه وكأن لا شيء حدث :
"عمر الشركة دي خمسة وخمسين سنة ، طول السنين دي سمعتها في السما محدش يقدر يقول عليها حرف ، علشان يجي شوية ناس زيكم كانوا هيضيعوها بسبب حقارتهم وطمعهم!!"
قاطعه المدير التنفيذي يحاول تهدئته :
"يا فندم الصفقة دي بملايين لو كانت فضلت في المخازن الشركة كانت هتخسر كتير"
استحالت نظرات نادر للسخرية وكتف ذراعه أمامه يستند بمرفقه الآخر عليه يعقد حاجبيه بسفاهة للحديث وقال ساخرًا :
"وعشان مخسرش ملايين أوزع بضاعة منتهية الصلاحية على التجار ، يقوم ملايين يتسمموا يا عالم يعيشوا ولا يموتوا صح؟"
عض الرجل على لسانه وأحنى رأسه خجلًا ، غرضه كان أن يبحث عن شيء يساعد به زميليه لكنه زاد الأمر سوءً.
وضع كفيه في جيبيه وشد جسده في وقفته فازداد طوله أكثر ينظر لهم بغضب تتسع فتحتي أنفه من قوة أنفاسه هاتفًا :
"أهون عليا أخسر ملايين ، أقفل الشركة نهائي وسمعتها تفضل زي ما هي واسمها مش عليه غلطة على إن واحد بس ينضر بسببي.
ممكن عدم تنفيذي للوصية كان علشان أحافظ على اسم أبويا ويفضل موجود ، بس النهاردة أنا هنفذها"
تأهب الجميع لسماع قرارته التي اتخذها مد يده للمحامي يأخذ الملف الذي طلب بإحضاره في الصباح ، يمسك قلمه الأسود يخط بإمضائه عليه وسلمه له مرة أخرى ثم أعاد نظراته لهم مرة أخرى بثبات :
"من النهاردة ملكية الشركة شكلًا وقانونًا بقت على اسمي ، علشان لو حصل زي اللي كان هيحصل ده تاني تبقى في وشي أنا والغلط أتحمله أنا.. ده أولاً!!
ثانيًا.. الأستاذ كمال والأستاذ عبد العظيم مبقاش ليهم وجود في الشركة ولا أي شركة تانية ، قرار فصلكم أنا مضيت عليه دلوقتي حالًا"
راقب اتساع حدقتيهما والصدمة البادية على وجههما بتشفي ، يفتحان فاهما يريدان التحدث لكن الكلمات هربت وكأن لسانهما لُجم ، فابتسم بسخرية وأكمل بعد أن جلس واضعًا ساق فوق الأخرى :
"أظن كفاية عليكم كده ، اللي عملتوه اعتبروه نهاية الخدمة وتقضوا الباقي ليكم في بيتكم وسط ولادكم تحكوا ليهم قد إيه كنتم مثال للأمانة في الشغل"
انتفض الرجل الثاني الذي لم يتحدث منذ بداية الاجتماع هاتفًا بغضب وغيظ أن يفعل نادر به ذلك :
"هتندم يا نادر على اللي عملته ده ، مش أنا اللي بعد ده كله تعمل فيه كده"
راقبه من جلسته بصمت ثم نهض يقترب منه حتى واجهه ليقف يشرف عليه من علو فكان الرجل قصيرًا يصل بالكاد لصدر نادر ، فهمس أمام وجهه بحدة بعد أن مال برأسه نحوه :
"أنت اللي عملت في نفسك كده مش أنا ، استغليت ثقتي فيك ولعبت من ورايا وفاكرني نايم على وداني!!"
جذبه فجأة من رابطة عنقه يقبض عليها بشدة جعلت أنفاس الرجل تقف في حلقه واحتقن وجهه بالدماء ، ليكمل الآخر همسه من بين أسنانه :
"تاني مرة تآخد بالك بتقول إيه وتهدد مين؟!
المرة دي إكرامًا لوالدي بس هعمل نفسي مسمعتش وأسيبك تمشي ، لكن المرة الجاية ورحمة أبويا هخليك أنت اللي تندم"
أنهى حديثه بدفعه للخلف بعنف يناظره بغضب وتهديد ، فعدل الرجل رابطته وسترته بتوتر ورأسه يدور حوله ينظر للجميع ثم اندفع بقوة نحو الخارج في ذيله صديقه الآخر.
هتف نادر بقوة وتحذير للجميع استمعوا له بإنصات :
"لآخر مرة هقولها ، لو حد فكر يعمل كده أو يكون سبب أن الشركة تقع بأي شكل من الأشكال مصيره مش هيبقى هيّن زيهم لا ، أنا هخليه يشوف من العذاب ألوان"
ابتلع الجميع ريقه بصعوبة وأومأوا بموافقة على حديثه غير قادرين على الحديث ، فهز رأسه مرتين وأمرهم بالانصراف ثم نهض يقف أمام صورة والده في الإطار الكبير المعلق أعلى كرسي مكتبه المهيب كأنه يخبره اعتذاره عما كان سيحدث للشركة لولا ستر الله ووقوفه معه.
★★★★★
كالصياد هو.. راقب فريسته وتريث
صوب سلاحه وصبر
قذف أولى طلقاته وأصاب الهدف
فهل يتريث بعدما تحرك؟!
فستلوذ الفريسة الجريحة بالفرار ولن يسعفه الوقت للإمساك بها
سرعتها ستزداد الضعف بهذه الحالة ، فعليه بضرب طلقته الثانية لإيقاعها جيدًا!!
لكن الثانية ستكون أشد
أعنف
أجرأ
وأقوى!!
هديته الأولى كانت باقة من الورود المحببة إليها ، تعشق الأزهار وذلك النوع منها لكن تلك المرة من المعلوم المجهول بالنسبة لها يقلقها!!
مر أسبوع على إرساله لها تضعه على الطاولة الموضوعة بجانب باب شقتها ولم تلمسه منذ ذلك الحين ، وفي كل جيئةٍ وذهابٍ تناظره بتساؤل عن الهدف من وجوده هنا؟!
إن كان اعتذارًا عما بدر منه فعلى أي شيء يعتذر؟!
على موقفه في محطة الوقود أم تحطيم سيارتها؟!
وماذا يعني بأنه اعتذار مؤقت لحين عودته؟!
كل تلك الاسئلة تعصف برأسها كلما وقع نظرها على الباقة ، تتمنى أن تنطق وتجيب عن صاحبها!!
خرجت من المنزل تنوي الذهاب إلى منتجع التجميل كعادتها كل أسبوع ومنه ستذهب وتتناول غدائها برفقة أصدقائها ، قضت معظم الوقت بالخارج تضحك ، تشاغب ، تأكل وتمرح.
انتهت نزهتها ودلفت إلى سيارتها لتجد المفاجأة!!
صندوق أسود صغير الحجم نوعًا ما ، ملفوف بشرائط ذهبية متجمعة في هيئة فراشة على الزاوية العلوية منه ، موضوع على الكرسي بجانب كرسي السائق!!
عقدت حاجبيها بدهشة وعدم فهم من وجوده هنا ، تلمسه بأناملها ثم رفعته بين يدها تتأكد أنه لها فوجدت كارت صغير مدون عليه اسمها ، وضعته مكانه مرة أخرى كأن كهرباء سارت بجسدها وأدارت سيارتها تتجه نحو منزلها وبين الحين والآخر ترمق الصندوق بنظرات حذرة.
دلفت إلى منزلها مغلقة الباب خلفها ، تحمله بين يدها وكأنه قنبلة موقوتة ستنفجر في لحظة ما!!
ألقت حقيبتها بلامبالاة على الأريكة ، ووضعته أمامها على المنضدة القصيرة تتأمله بحذر وتساؤل ، تعض شفتيها بتوتر من فتحه وشعور قوي يخبرها أن صاحبها هو من أرسل الزهور من قبل!!
ذكرت الله في قلبها ومدت أناملها تجذب الشرائط برفق تفك عقدتها ، ثم رفعت غطاءه تتأمل ما به فكان أول ما قابلها قماش أبيض حريري يغطي ما أسفله فكشفته بنفاذ صبر لتقع عيناها على أول شيء به..
زجاجة سوداء على هيئة حذاء نسائي غطاءه يأخذ شكل الكعب العالي له باللون الذهبي ، عقدت حاجبيها له وفتحته مقربة إياه من أنفها تستنشقه بترقب ، فدلفت رائحة مثيرة إلى جيوبها الأنفية لكنها غريبة ، وضعت الغطاء مرة أخرى وقرأت الاسم المحفور عليه بعناية فكانت ماركة معروفة لكن الأدهى أنه ليس عطر عادي ، بل هو نوع من العطور المثيرة للرغبة والنشوة!!
بحكم خبرتها في أنواع العطور والمستحضرات التجميلية تعلم جيدًا تلك الأنواع لأنها تبتعد عن شرائها ، فقام بإرسالها له!!
شهقت بصدمة وألقت الزجاجة من يدها كأنها عقرب لادغ ، لتزداد صدمتها أكثر وذلك اللون الذهبي في الصندوق يجذب أنظارها لتمتد يدها المرتعشة ترفعه برفق لترى ثوب نوم قصير للغاية أقرب لثوب سباحة بظهر عبارة عن شرائط متعاكسة فقط.
هنا واختفى اللون من وجهها وفرت الدماء منه ، ترمش عدة مرات من الوقاحة التي لم ترها من قبل.
رأت ورقة ملتصقة بحمالة الثوب الرفيعة فجذبتها تقرأ ما بها بصوت مسموع ولكنة انجليزية متقنة كما هو مكتوب :
" One day, I'm going to smell this perfume on your sexy curves, when you're wearing this dress for me.
يومًا ما سأشم ذلك العطر على منحنياتك المثيرة وأنتِ ترتدي هذا الثوب لي"
ألقت الثوب والورقة بعنف ، ونهضت تعود بظهرها للخلف بخطوات مرتعشة وكادت أن تتعرقل بالسجادة لكنها أمسكت بيد الأريكة حتى لا تسقط ، تنظر لمحتويات الصندوق كأنها رأت ثعبان سام تريد الفرار منه!!
انتفضت على رنين هاتفها فدارت حول نفسها بهلوسة تبحث عنه حتى وجدت أنها وضعته بجانب الباقة على الطاولة ، جذبته تطالع المتصل فكان رقمًا خاصًا لا يظهر صاحبه!!
قلبها طرق بعنفوان ، ورأسها دق به ناقوس الخطر والترقب لكنها فتحت الاتصال وصمتت لم تتحدث فأتاها صوت رجولي أجش تعرفت ذاكرتها القوية عليه :
"ياسمين!!"
لم تجب ولم تصله سوى أنفاسها المتسارعة فابتسم بمكر ثعلبي وقال :
"متوترة.. مش فاهمة.. مش مستوعبة اللي بيحصل مش كده!!
قلبك بيدق بسرعة ونفسك مش عارفة تآخديه من سرعته وبتسألي.. منين ورد ومنين الهدية دي مش كده؟"
لم تجب ولم يصله منها شيئًا فضحك بقوة ، يجلس يتأمل صورتها التي أمامه لكن تلك المرة صورة كاملة ، من خصلاتها حتى أقدامها ، فهمس بصوت تغلل بها دون إرادة وأنامله ترسم منحنياتها على الصورة :
"خليني اعترف إنك جميلة ، أنثى مفيهاش غلطة كل معايير الأنوثة متمثلة فيكِ..
وأنا واحد بقدر الجمال وبعتز بيه ، وبقدر الأنثى المتكاملة خصوصًا لو بقوتك اللي بتظهر في عيونك"
هنا واكتفت!!
هنا وتلك القوة التي نطق بها استنفرت رافضة أن يتحدث ويتصرف أحد معها بقلة الحياء والوقاحة هذه!!
لتجيبه بحدة ونظراتها لو رآها لخر صريعًا من قوتها وعنفها :
"من البداية وأنا قولت إنك محتاج تتعلم أصول الأدب والذوق ، لكن مكنتش أعرف إنك محتاج تتعلم التربية والاحترام يبقوا إزاي!!
لعبت المرة دي مع الشخص الغلط يا كريم ، هديتك وكلامك اللي شبه شخصيتك دول هعتبر نفسي مشوفتهمش وياريت تكون دي آخر مرة نيجي على بال سعادتك"
ضحكاته وصلت لها جعلتها تستشيط غضبًا ، وصوته المغيظ باستفزاز وصلها :
"تؤ تؤ تؤ.. عجبتيني ودخلتِ دماغك وقريب لينا لقاء يا عالم هينتهي إزاي وفين!!
يمكن رسالتي تتحقق"
قال جملته الأخيرة بتلاعب فضحكت بسخرية ولن تجعله ينول مراده بإثارة غضبها الذي يفتك بداخلها ليخرج له :
"الأحلام مش بفلوس يا كريم"
-"وأنا مفيش في قاموسي كلمة حلم"
-"وماله خليني أشوف إيه في إيدك تعمله!!"
-"يبقى عدي من دلوقتي لزيارتي ليكِ قريب قوي"
أغلقت في وجهه بعد أن جذبت فتيل تلاعبه
أثارت رغبته في التحدي والمغامرة
وخزت الوحش النائم بدون وعي ليبدأ في فتح عينه عليها والانتباه لها!!
ويا ويل حواء إن وضعها آدم في رأسه ونصب أعينه!!
![](https://img.wattpad.com/cover/156093327-288-k369856.jpg)
أنت تقرأ
الحب سبق صحفي " مكتملة "
Romanceهي :- أنا فتاة عشت لـ نفسي , لـ حريتي , أعيش في مملكتي , ارفض القيود , أحب الحياة, أعشق الحرية , ولكني لن أنسى أني شرقية , ابنة رجل الرجال , وأخت فرسان , وحبيبة رجل ليس ككل الرجال .... أنا امرأة لا أنحنى إلا في صلاتي .. و لا أصمت إلا عندما ينعدم كلا...