"الكمال في كل شئ مستحيل، فمن طبيعة الحياة أن تكون ناقصة لكي تسعى لسد هذا النقص؛ فلا تقف."(علي الوردي)
*************
"ريان" المُرتوي بعد عطش، الأخضر الناعم من أغصان الشجر، وفي الجنة باب لا يدخل منه إلا الصائمون، "ريان" سولاف العشق وخلاصته، الحب يبدأ من عينيه رحلته مثل عاصفة لا تُبقي ولا تذر، "ريان" رُكن مريم الهادئ، وأبيات شعرها المُعطرة بالريحان اليوم تعتريه نوبة قلق غير عادية عليها ويجلس خلف مكتبه كمن ضيّع بوصلة عقله، يتأرجح مثل ورق الخريف نحو أرصفة الشوارع المُبللة بالمطر، حاول قدر المُستطاع أن ينفض غمامة التفكير عن رأسه لكنه لم يتحمل، ألجأته الوساوس لهاتفه فأمسكه ليتصل بها، مرة، مرتين، ثلاثة ولم يأتيه رد، زفرة مُحملة بلوعة اشتياق، ممزوجة برياح نؤوج شديدة المرور على قلبه تحررت من بين أنفاسه ولسان حاله يلهث بالدعاء (استودعتك مريم يا الله، إنك لا تضيع عندك الودائع) .. مرت عدة ساعات والوضع مازال كما هو، توتره مستمر في الازدياد، وذاك الصوت الذي ينمو بداخله يغالبه ويخبره أنها ليست بخير وبعدما فقد القدرة على التركيز بعمله قرر ترك كل شيء والذهاب حيث توجد مليحته ليطمئن خوفه الغير مُبرر -مؤقتًا- بالنسبة له .... أما على الطرف الآخر وتحديداً داخل القاعة التي تشهد اجتثاث وريد برائتها كانت مريم تقاوم بكل ما أوتيت من قوة هذا الحقير الذي يحاول محاولات مُستميتة انتهاك حُرمتها ظنًا منه أنه سيأخد ما يريد وينجو بفعلته، حقاً إذا تمكن الشر من صاحبه أحرقه وأغرقه ولأن لكل مُجرم سقطة، الغبي غفل عن باب القاعة الخلفي المفتوح ولسوء حظه ولحُسن حظ المسكينة الغارقة في دوامة صُراخ تدافع به عن شرفها وكرامتها كأنثى ولأن المكر السيئ لا يُحيق إلا بأهله لم ينتبه لدخول "جميلة" عليهما متعجبة من انغلاق الباب الرئيسي، لكنها بمجرد وقوع انظارها على مايحدث ووصول صرخات مريم واستغاثتها لآذانها أسرعت ركضاً لتخلصها من بين براثنه هاتفة بعنف امتزج بالذعر من أن يكون الأمر وصل لنقطة أخطر من التحرش (سيبها ياواطي)
تراجع شادي للخلف يحاول استجماع نفسه قائلاً بتلعثم (أنا.. أنا.. انا ماكنتش هاعمل حاجة، انتِ فاهمة غلط)
صرخت جميلة في وجهه (اخرس خالص واوعى تفكر اني هاسكت، والله لابلغ إدارة النادي)
توسل إليها بصوت مهزوز (جميلة!،إسمعيني أرجوكِ)
احتضنت مريم تهدئ من ارتعاشة جسدها ترد عليه بغضب عارم (بتستغل ظروفها عشان رغبتك القذرة؟، قد كده انت شيطان وزبالة وماعندكش قلب؟)
ابتلع ريقه الجاف بصعوبة يترجاها (اعقلي يا جميلة،ماتودينيش في داهية)
رمقته بازدراء قائلة (ده انا هاوديك في ستين داهية مش داهية واحدة)
في تلك اللحظة أدرك شادي حجم المصيبة التي أوقع نفسه بها فسارع بالخروج من القاعة بخطوات أقرب إلى الركض ليلوذ بالفرار قبل وصول باقي زملاؤهم واكتشافهم فعلته البشعة، وفي غضون ثواني كان ينطلق بسيارته مسرعاً ليبتعد عن النادي بأكمله وسط هتافات صديقه "علي" الذي ارتاب كثيراً بسبب منظره المُرتبك وكأنه يهرب من شيء ما، ولم يخطر بباله أن يكون فجوره أعماه ورغبته الدنيئة أوصلته ليتحرش بزميلته تحرشًا أقرب للإغتصاب .. بينما ظلت جميلة برفقة مريم تجاهد بكل طاقة لديها كي تهدئ بكائها وارتعاشة الخوف التي اعترتها كاملةً ،كانت أسنانها تصتك ببعضها البعض ولسانها يهذي بإسم ريان، جانب وجهها المُبلل بالدموع مطبوع عليه علامات أصابع الحقير الذي صفعها، والدماء جفت أسفل شفتها وجديلتها الطويلة أصبحت شبه مُفككة وملابسها لم تُمزق لكنها تشعثت جرّاء الهجوم السافر عليها، ناهيك عن النزيف في قلبها المجروح أثراً لتجربة مريرة من الصعب على فتاة في ظروفها وبمثل هشاشتها تخطيها بسهولة وأثناء حالتهما تلك دخل عليهما "علي"، فزع كثيراً لحالة مريم ثم وجه سؤاله لجميلة بتوجس (إيه اللي حصل؟،مريم مالها؟)
أنت تقرأ
عيون الريان (مكتملة)
Любовные романыكانت في حبها ملاكاً وأنا لم أكن افلاطوناً كي لا أحلم بها بين ذراعيَّ