الفصل الواحد والثلاثون

19.9K 441 42
                                    


أَما وَاللَهُ إِنَّ الظُلمَ شُؤمٌ
‏وَلا زالَ المُسيءُ هُوَ الظَلومُ

‏إِلى الديّانِ يَومُ الدينِ نَمضي
‏وَعِندَ اللَهِ تَجتَمِعُ الخُصومُ

- علي بن أبي طالب -

*************

بوجه مُرهق وملامح مازالت تمارس طقوس الألم لحظة وراء لحظة كان يتابع أعماله في الشركة ، وأثناء انهماكه في مراجعة بعض الملفات التي تحتاج للتوقيع ، جذب انتباهه إشعار رسالة واردة لهاتفه عبر الواتساب ، لم يعير الأمر اهتمام ظناً منه أن يكون المُرسل چيسي ، ومع قدوم الرسالة الثانية ازداد فضوله .. وفتحها لتتسمّر أنظاره على المكتوب
الأولى صعقته وأفقدتُه القُدرةَ على النُّطْق.. (مريم اتقتلت) .. والثانية تريدُ وضعَ الحقيقةَ بين يديهِ المُتعبَتين من إزالة دموعه التي لا تنضب روافدها (لو عايز تعرف مين اللي ورا حريق دار وسيلة عشان يخلص منها قابلني كمان ساعة فالعنوان ده) .. النَفَس في صدره انحبس ، ونبضاته تتسارع وتساعد قلبه على ضخ الدم ليصل لمخه الذي صار أبعد مما يتخيل عن مجرد التخيل .. حتى عضلات لسانه تعطلت وكأنه أصيب بجلطة شلّت مخارج ألفاظه.. بالكاد استطاع الوقوف وأوصاله جميعها ترتجف وببقايا قوته الواهنة خرج من مكتبه لمكتب كريم
-(الحقني ياكريم).. قالها بنبرة مُرتعشة فاختض صديقه لمنظره الذي لا يبشر بخير وهب واقفاً كالملسوع يسنده عندما أحس بترنح جسده (مالك ياريان؟ ، حد جراله حاجة؟) .. ناوله الهاتف الذي مازال مفتوحاً على الرسائل وعينيه تحكي صدمة عنيفة هزّت كيانه كالإعصار.. شهقة خفيضة خرجت من بين شفتي كريم وحدقتيه تتسعان شيئاً فشيئاً ثم قال بعدم إتزان (مين ده؟ ، وجاب رقمك البرايفت منين؟)

رد عليه ريان بخفوت (مش عارف) ..
لم يدع كريم مجالاً لتتملك الصدمة منهما وحاول الإتصال بالمُرسل لكن الرقم خارج نطاق الخدمة ويبدو أن صاحبه فجّر القنبلة وأغلقه ليجبر ريان على مقابلته وجهاً لوجه..فحثه على التحرك ليغادرا سوياً نحو الموقع المُرفق بالرسالة الثانية ... وللعجب أن المسافة لم تكن طويلة..الفندق قريب جداً من الشركة وكأن هيثم تعمّد ذلك كُرمى للحدث الجلل.. وفي غضون دقائق كانا أمام مكتب الإستقبال حائرين عمَن سيستعلما ، إلى أن تنبيهاً برسالة جديدة وصل لهاتف ريان وتلك المرة قرأها بلهفة

-(مستنيك في أوضة 512)

..لم يستغرق الأمر سوى ثواني معدودة وأوصلهما عامل الفندق إلى الغرفة بتوصية من صاحبها .. بطوله الفارع وملامحه غاضبة الوسامة
استقبلهما وسط نظراتهما المندهشة.. صافح ريان ومشاعره تتأرجح بين الغيرة والإشفاق يسأله عن حاله مبتسماً (إزيك ياريان؟)

تأمله ريان لبرهة ثم رد عليه بتشتت (أنا شوفتك قبل كده)

أومأ هيثم إيجاباً ثم قال (اتقابلنا في مكتب مدير النادي) .. أشار لمقعدين متجاورين قائلاً (اتفضلوا اقعدوا) .. جلس قبالتهما يميل بجسده للأمام مشبكاً كفيه ببعضهما ومرفقيه يستقران على ركبتيه قائلاً (البقاء لله مع إنها متأخرة أوي)

عيون الريان (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن