الفصل الثاني والثلاثون

19.7K 460 34
                                    


وَكُلُّ سَعيٍ سَيَجزي اللّهُ ساعِيَهُ
هَيهاتَ يَذهَبُ سَعيُ المُحسِنينَ هَباء

— أحمد شوقي —

****************

-(ذبحة صدرية ولازم يتنقل المستشفى حالاً) .. جملة مُرتعبة قالها الطبيب المُستدعى من الفندق بعدما أبعد الجميع عنه ليفحصه جيداً ، محاولاً إغاثته بوضع قرص "نتروجليسرين" تحت لسانه ليوسّع شرايينه ، لكن ذلك الدواء قصير المفعول رغم سرعة تأثيره ويجب نقله إلى المستشفى فوراً خاصةً أنه دخل في غيبوبة ، وهذا مؤشر خطر قد يودي بحياته إذا لم يتم التحرك بشكل عاجل لإنقاذه .. وبسرعة فائقة وصلت عربة الإسعاف وخرج من قاعة الزفاف محمولاً على ناقلة ، غائباً عن الوعي ، وسط بكاء الأهل وانهيار الأحباب ، ولافتة بيضاء تظهر من السماء أمام أعينهم مكتوب عليها بلون الدم (إحذر! ، مطب رحيل) .. وعلى الطرف الآخر وأثناء مغادرتهم للمكان الذي شهد الفضيحة المدوية وبالتوازي مع ابتعاد سيارة الإسعاف التي شقت الطريق كشعاع البرق ، وصلت السلطات الأمنية وبموجب بلاغ قدّمه هيثم للنائب العام ، مُرفق به جميع الأدلة التي تثبت الشبهة الجنائية وراء حريق دار وسيلة علوي ، وتورط محمود الصرّاف وابنته باعتراف الأخيرة خلال تسجيلات صوتية ومقطع مُصور تم القبض عليهما لينفتح ملف أُغلِق عنوة ويأخذ كل ذي حقٍ حقه ، وقبل ركوبها عربة الشرطة مُقيدة بالأساور الحديدية استوقفتها دينا تقول بشماتة (خدي بالك من نفسك يابيبي ، أصل السجن فيه حاجات وحشة أوي) ..

حاولت التملص من قبضة الشرطي الممسك بها تتهجم عليها صائحة (بتبيعيني ياكلبة يابنت الكلاب؟)

رفعت دينا سبابتها أمام وجهها تقول باستهانة (ده سب وقذف على فكرة) .. ثم خبطت بكفها على جبهتها تقول بشهقة زائفة (كنت هانسى أقولك صحيح ، الدكتور بتاع العملية إياها غلط غلطة صغنونة وعملك ربط) .. مطت شفتيها مستكملة بتشفي (وللأسف مفيش أمل إنك تخلفي، وهاتعيشي الكام يوم اللي فاضلين من عمرك ناقصة)

زمجرت چيسي بعدائية تهددها (هاقتلك يادينا)

ضحكت دينا قائلة باستخفاف (مش هاتلحقي ، حبل المشنقة اللي هايتلف حوالين رقبتك هايكون أسرع منك)

ردت عليها چيسي باهتياج بالغ (هاقتلك) .... جذبها الضابط بعيداً لينهي تلك المهزلة وتستقل عربة الشرطة ذات الصندوق الكبير وهي تصرخ بكلمة واحدة ، متوعدة (هاقتلك ، هاقتلك) .. أما دينا فوقفت تتابع تحرّك الموكب الأمني وصوت صافرات الإنذار يخترق الآذان ، عاقدة ذراعيها .. مبتسمة ابتسامة عريضة ، وأعينها مُغتبطة اغتباطاً شديداً ببليتها التي لن تخرج منها إلا جثة متأرجحة على حبل المشنقة ... بينما اقترب هيثم منها ليقف قبالتها متخصراً ، يرمقها بنظرات متفحصة من أعلى لأسفل وقال (ممكن أسألك سؤال؟)

أومأت له بموافقة (اتفضل)

-(انتِ عملتي فيها كده ليه؟)

-(عشان تستاهل)

عيون الريان (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن