(وحبيب أخفَوه منّى نهاراً
فتخَفّى وزارني في اكتِئامِ
زارني في الظلام يطلب ستراً
فافتَضحنا بنورهِ في الظلامِ)(المتنبي)
**************
أخرجت سمية صندوقاً خشبياً عتيق من دُرج سري في خزانتها الخاصة ووضعته أمامها تطالع ألبوم صور قديم وملف يحتوي على أوراق كثيرة بينهم شهادة وفاة موثقة رسمياً بأعين غائمة وكأنهم طعنات غادرة سلبتها روح أعز ماتملك.. مسحت دموعها بجانب راحتيها ثم أمرت الخادمة باستدعاء يوسف وسالم فالوقت قد حان لكشف الحقائق الغائبة واستدعاء الماضي المدفون منذ أكثر من عشرون عاماً .. وبالفعل أسرع الإثنان في الحضور خشية أن يكون أصابها مكروه وجداها تجلس بملامح ساهمة ودموعها لا تتوقف .. تقدم يوسف نحوها وبادر بالسؤال متلهفاً (خير يا خالتي انتِ تعبانة ولا إيه؟)
حاولت التماسك وردت عليه بصوت مبحوح ونبرة جاهدت أن تخرج طبيعية (تعالى يا يوسف.. اقعد يابني واسمعني كويس)
قاطعهما سالم يتسائل بقلق (مالك يا ام بسمة خضتينا عليكِ؟)
إنفجرت سمية في البكاء أثراً لسماع كنيتها المقترنة بإسم إبنتها المتوفاة ونظرت لزوجها بأعين تغشاها الدموع قائلة (ياحبيبتي يابنتي.. الله يرحمك ويجعل شبابك في ميزان حسناتك)
ابتلع يوسف غصته المسننة وردد ورائها بقلب مفطور آمين بينما إرتجفت أوصال سالم من الحزن ودنا منها ليجلس والحسرة تحاوطه من كل جانب قائلاً (اللهم لا اعتراض على قضائك)
كفكفت سمية عبراتها لتستجمع رباطة جأشها ثم أخرجت شهادة الوفاة من بين الأوراق التي مازالت موضوعة أمامها قائلة بثبات زائف وهي تعطيها ليوسف (الكلام اللي هاقوله دلوقتي هايخليكم تقاطعوني بقية عمري بس لازم تعرفوه يمكن ربنا يغفر لي وبنتي ترتاح في تربتها)
تناول منها يوسف الورقة يتفحصها قائلاً بتعجب (أنا مش فاهم حاجة)
إزدردت سمية ريقها بصعوبة قائلة (دي شهادة وفاة ريم).. صمتت لثواني تهدأ من روعها ثم تابعت (المزورة)
إنتبه كلاهما إليها يحدقان بها والشك يتلاعب بعقليهما فأكملت هي بندم (أنا عملت ذنب كبير أوي زمان .. وللأسف ربنا رده ليا فأعز ما أملك)
خرج سالم عن صمته متحدثاً بارتباك (إنتِ طول عمرك ست طيبة وماشوفتش منك غير كل خير.. كفاية انك ربيتِ ابن اخويا كأنه ابنك بالظبط)
قاطعته سمية منخرطة في بكاء مرير مجدداً (انا ربيت يوسف لأنه ابن أختي مش عشان ابن أخوك لكن بنت أخوك رميتها بإيدي وحرمتها منكم)
نظر سالم إليها فاغراً فاهه بينما قال يوسف وهو يدعو الله أن يكون حديثها مجرد هذيان من أثر صدمة فقدان إبنتها (ريم ماتت بعد موت بابا وماما ليلى .. فوقي ياخالتي الكلام اللي بتقوليه ده مستحيل يكون صحيح)
أنت تقرأ
عيون الريان (مكتملة)
Romansaكانت في حبها ملاكاً وأنا لم أكن افلاطوناً كي لا أحلم بها بين ذراعيَّ