أتدري كيفَ يُسرَقُ عُمْرُ المَرْءِ منه؟
يُذهَلُ عن يومِهِ في ارتقابِ غَدِه، ولا يزالُ كذلكَ حتَّى ينقضِي أجلُه، ويَدُهُ صِفرٌ من أي خير!- الإمام الغزالي -
************
بخطوات واثقة كان يسير ومعطفه الأسود الأنيق يحتضن جسده المشدود ، وينفرد فوق منكبيه بعنفوان لا يليق إلا بريان ، يمسك هاتفه ومفاتيح سيارته وسجائره... سجائر؟! .. هل تجتمع السجائر وريان في جملة واحدة؟! .. للأسف اجتمعا منذ فترة قصيرة من دخول چيسي لحياته، وأصبح مدخناً شرهاً وبطريقة أثرت بشكل قوي على صحته .. وكما يقولون الملابس تداري ابتلاءات عظيمة، وجرحه المفتوح مازال ينزف ويبلل قميصه ... الخواء الرهيب يتسع داخله كل يوم أكثر ، وملامحه التي نحتها الحزن تحكي قصة قلب شبت النار بأوردته ولم تًُخمد ، مازال وسيماً .. بل زاده الألم وسامة .. نظراته اختلفت كثيراً ، تنكسر وتحتد وتغضب وتثور .. "عيون ريان" أصبحت حبيسة مشاعره وتتوق لحريتها رغم معرفتها بأبدية شقائها ..
-(اتأخرت عليك؟) .. قالها مبتسماً بإرهاق بعدما سحب كرسيه ليجلس قبالة صديقه الذي ينتظره منذ قرابة الساعة فرد عليه بتذمر طفيف (عادي يعني ، ما انت بتلطعني أكتر من كده ومابتكلمش)
أمسك ريان بعلبة السجائر يخرج منها واحدة ليشعلها ثم قال (بقيت عامل زي الخفاش ، بنام بالنهار وبسهر طول الليل)
رمقه كريم بضيق ودخان السيجارة يرسم وجه چيسي خلفه قائلاً (مش قولنا نخف السجاير شوية عشان صحتك)
سحب نفساً طويلاً من السيجارة يملأ به رئتيه الجريحتين ونفثه على مهل قائلاً بسخرية
( A wise woman once said : ،
التدخين عادة بتضر الصحة آه بس بتريح الأعصاب ،الحزن بيطلع مع دخان السيجارة وانت بتنفخه فالهوا ياريان)رفع كريم حاجبه متزامناً مع شفته العلوية وهو يعلم مقصده بالمرأة الحكيمة قائلاً بطريقة سلطان السُكري في جملته الشهيرة بمسرحية العيال كبرت "رمضان بطيخة بقا مون آمور" (هي چيسي بقيت إمرأة حكيمة وليها أقوال مأثورة؟)
ضحك ريان قائلاً (دي عليها حكم ، ولا ديستوفيسكي في زمانه)
رمقه كريم بنظرات مشمئزة قائلاً (يخرب بيت برودك يالا، ده انت مستفز)
نفساً آخر أطول من سابقه عبأ به ريان صدره (انت لسه بتزعل عشاني ياكريم؟، ماتعبتش؟)
رد عليه كريم بحزن (تعبتلك ماتعبتش منك، ولسه عندي أمل ترجع إنسان طبيعي)
تنهد ريان قائلاً بابتسامة باهتة (أنا كمان وحشتني ، الحياة مع نسخة تانية مشوهة منك صعبة أوي ، ربنا مايكتبها عليك)
ربت كريم على كفه يقول بخوف حقيقي (اسمع كلامي ، انت لسه عالبر ، ماتأذيش نفسك أكتر من كده)
أنت تقرأ
عيون الريان (مكتملة)
Romanceكانت في حبها ملاكاً وأنا لم أكن افلاطوناً كي لا أحلم بها بين ذراعيَّ