~ الخاتمة ~

7.2K 554 96
                                    

أصاب العراق الشيخوخة مثلنا وكبر بالعمر بين ليلة وضحاها ليحدودب ظهره ويرميه أبناءه العاقيين(الحكومة) في دار العجزة ليتمتعوا هم بأملاكه، وأما الصالحين منهم فقد هاجروا وتركوه وحيدًا بعد أن فقد قوته في ضمهم إليه!

لقد حصل العراقيون على الحرية واخيراً.. ولكنهم ومع الاسف لم يعرفوا كيفية استخدامها فهم لم يعتادوا عليها بعد... تعاملوا معها كتعامل الانسان القديم مع النار اول مرة... استغلوها بهمجية... بدأوا بقتل بعضهم الاخر بسم الدين وكأنهم ادركوا للتو ان لديهم دين وشريعة يجب ان يدافعوا عنها!..

وتلك الافواه التي اخرستها السنين بدأت تنطق عن الهوى من دون وحي يوحى.. وكأنهم يريدون ان يتحدثوا فحسب.. يريدون ان يشعروا بالديمقراطية التي لطالما سمعوا عنها دون ان يعيشوها.. ولكن عاثوا بالبلد فساداً... بدأوا ينهبون الاموال، ورغم وجود الكافي منها لديهم لكنهم لم يكتفوا.. وكيف عساهم يكتفوا وهم لم يشعروا بلذتها يوماً؟!.. كيف عسى شعب ان يتصرف بعد ان عاش كل حياته على التجويع والخوف والحرمان؟!...

لقد مات صدام، ولكنه ترك الف صدام.. ومن هتفوا بإسمه بالامس هتفوا ضده اليوم.. رحل بعد ان ترك جيش من الوحوش صنعهم بيديه... الخوف الذي جعلنا نعيشه طوال سنين بدأنا نجري تجرابه الان على غيرنا... القتل الشنيع الذي كان الشعب يخشاه بدأ الان يعيشه يومياً وبشكل عشوائي.. لا تعلم في اي لحظة قد تموت...

اصبحت الدولة كرسي من غير حاكم فعلي.. قاضي من دون محكمة.. وشرطة من دون صلاحيات... لقد مات العراق!..

وحين ظننا اننا انتقلنا من السيء الى الافضل اكتشفنا اننا انتقلنا من السيء الى الاسوأ... وحين ظننا اننا قضينا على الشيطان اكتشفنا انه موجود بداخل كل واحد فينا...خلقه بداخلنا من دون ان نشعر!!..

تم احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية بتضامن مع دول اخرى ليفرضوا نفوذهم وسيطرتهم.. سواء كان دخولهم من اجل النجدة او السيطرة فهذا لم يعد مهماً... ما يهم انهم ذبحوا العراق وأقاموا وليمة طرب في ليلتها لتنضم لهم رؤوس الدولة الخائنة ويتقاسموا اموال الشعب معهم مقابل اخراس الفئة المسلوب حقها أما بسم الدين أو الحرية الجديدة التي لم نتعرف عليها بعد.. اقنعونا بإمكانية وجود "المدينة الفاضلة" التي صنعها افلاطون.. ولكننا ببساطة لم نجد الافراد الفاضلين ليديروها ويقطنوها!..

سطور روايتي هذه اهديها لشعبي المقتول والمظلوم.. لشعبي المتهم من غير ذنب والمُحاكم من غير جريمة...
اهديها لكل ام لا تزال تترقب الى الان -بسذاجة متعمدة- عودة ابن خرج ذات مساء ولم يعد..
لكل من التهمتهم المقابر الجماعية بشراهة.. لتلك الجثث التي لانعرف اصحابها..
لتلك الجماجم المخيفة التي لاتزال ترسم صرخة بين فكيها...
اهديها لدموعنا التي لم تجف وصراخنا الذي لم يُسمع.... اهديها إليك يا "عراق الحضارة المغتالة"!

1999 (مكتملة) الاسم السابق لها(حب في الزمن البائد)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن