#(رسلان)#
رحلت بعيداً عني وانا منحني التقط التفاح المتناثر فوق الارض....ماان استادرت نحو الجهة الاخرى وسارت مثل(الخلق) كما طلبت منها رغبت بشدة في الضحك على طريقتها الطفولية في مجادلتي.. ولكن غضبي كان اقوى ليسيطر على ابتسامتي... لا..لم اكن غاضباً منها لأنها اوقعت صندوق التفاح.. بالعكس تماماً..فلو استطعت لسجدت من فوري شاكراً الرب على اسقاطها الصندوق وجمعي بها للحظات!....من الاساس هذه المجنونة قد اوقعت لي صندوقين مسبقاً...ولكنها بالطبع لم تعترف انها المخطئة...لااعلم لما اعترفت هذه المرة!!..
لقد غضبت لأن هذه الفتاة الطائشة التي تشارف على بلوغ التاسعة عشر لاتزال تركض كالطفلة البلهاء وسط الشارع....لم تستوعب بعد هذه المجنونة - التي ستسحبني لقاع الجنون معها - انها اصبحت شابة بالغة وانظار الناس تلتفت اليها وتنتبه لها!...
ولولا الحدود التي اجبر نفسي على رسمها بيننا لفقدت اعصابي الان ولن اكتفي بزجرها بل وسأسحبها من يدها بعنف لأدخلها نحو منزلها وامنعها من الخروج منه نهائياً بمفردها... ولكن حدودي تمنعني من ذلك.. علي دائماً معاملتها برسمية كالاخرين..بل واكثر رسمية من الاخرين؟!....
تسألوني لماذا؟!...هل ترون انه من المنطقي ان يقع ابن البقال بغرام ابنة اغنى تاجر في بغداد؟!.. وليس اي تاجر عادي...بل تاجر يملك نفوذاً بالدولة هو وزوجته...فالاخ الاكبر للسيدة سهير والدة لوجين هو ضابط مرموق في الدولة... واظن ان من عاش في العراق خلال النظام البائد سيعرف جيداً ماالذي سيعنيه "ضابط جيش"... انهم اشخاص ليس عليك حتى النظر داخل عينيهم.. انهم السلطة الثانية من دون قاضي عادل يرأسهم....ان اسرة والدتها اسرة مرموقة جداً...اقل صديقات والدتها شأناً ستجدها تكون زوجة المحافظ او زوجة احدى ضباط الجيش... فأغلبهم هن زوجات الوزراء وزوجات اعضاء حزب البعث (الواصلين) كما كنا نسميهم... اما السيد عادل والدها فهو رجل كثير النفوذ..لهم مكانتهم المعروفة واحترامهم لدى الجميع...
هل عرفتم من لوجين الان؟!....اذاً دعوني ابدء بتعريفكم على نفسي....رسلان... ابن البقال ايمن.. لاداعي لكي اوصف لكم حياتي..فليس فيها مايستحق الوصف!...
تخرجت من الثانوية بمعدل ممتاز سمح لي بدخول كلية الهندسة المعمارية...ولكن لاتتفائلو كثيراً... لم اكمل دراستي فيها..تركت الجامعة بعد بضعة اشهر من التحاقي بها...اوضاعنا المالية لم تكن تسمح لنا بتسديد كل المصاريف الجامعية...تزامن مرض ابي مع فترة دخولي اليها وعدم مقدرته على العمل بشكل مكثف ليؤمن لي المال.. ولم ينفع ايضاً ان ادرس واعمل..فأوقات عملي ستكون قليلة ولن استطيع الموازنة بين العمل والدراسة...فلم اكن اعمل لأومن مصاريف دراستي فحسب.. بل كان علي ايضاً تأمين مصاريف اسرتي بسبب صحة ابي المتدهورة...لذلك تركتها... فالاموال التي سأبذرها على الدراسة ستفيدني لأعين بها اسرتي.... بالطبع والداي كانا شديدي الاعتراض على قراري.. ولكني نفذته على اية حال...تركت الدراسة واعدت افتتاح متجر ابي للبقالة وطورت عمله... ورغم علاقة ابي والسيد عادل القوية ألا انه لم يتقبل منه اي اموال للمساعدة...فلوالدي عزة نفس تثير دائماً اعجاب المحيطين به...
على اية حال...بقينا انا وابي ندير متجر البقالة.. هو يدير الاشياء البسيطة من الحسابات والجرد وانا ادير الباقي والحمدلله اصبح وضعنا المالي افضل.... ولكننا لن نضاهي ولو جزء بسيط من حياة السيد عادل...سأبقى انا ابن البقال.. وهي ابنة التاجر الثري!..
لذلك هل عرفتم الان الفرق بيني وبين لوجين؟!.. نعم انا اعرف ان اسرتها اسرة رائعة بالفعل ومتواضعة ولايهمهم امر الفوارق الطبقية التي بيننا ابداً.. ولكن المجتمع سيرى..وانا ارى... لااريد ان احلم اكثر مما تفوق طاقتي ثم تأتي مطرقة الطبقات لتحطم لي كل ماحلمت به... ومثلما كنت اجعل لوجين خط احمر لااسمح لأحد بتجاوزه وضعت الخط ذاته بيني وبينها ومنعت نفسي ايضاً من تجاوزه معها...ولكن...وبأحيان كثيرة كنت انسى هذه الحدود واتجاوزها ثم اعود وبسرعة لأتدارك نفسي واسيطر عليها....ولكن تلك الحمقاء لايمكنها ان تفهم ابداً....فأحياناً عندما اجدها تضع بعض مساحيق التجميل -كما تفعل كل الفتيات ذلك- كنت استشيط غضباً وعندما اجدها لاتفهم مما انا غاضب تتزايد نيراني اكثر وابدأ بتأنيبها وانتقادها لأخفي عنها غيرتي دون التحذر بكلماتي الجارحة التي تنقطع فجأة عن لساني وانتبه لمدى سوءها عندما ارى عيون لوجين بدأت باللمعان وعاصفة مطرية على وشك الهطول بغزارة..فتتركني وترحل...لااعلم هل ترحل غاضبة؟! أم انها فقط تحاول اخفاء نفسها عني لتبكي؟!...فأنا اعلم كم عزيزتي حساسة وسريعة البكاء!!..
أنت تقرأ
1999 (مكتملة) الاسم السابق لها(حب في الزمن البائد)
Romansaيا عزيزي القارى اللطيف.. انت تدخل الان قصة رومانسية..ولكنها ليست رومانسية عابرة كل ما اتناوله فيها هو رسائل الحب والمشاعر..انا هنا ادس لك من خلال رومانسية روايتي مشاكل المجتمع ومعاناته.. قصة سياسية مؤطرة بأحكام داخل حبكة رومانسية..لن تشعر بها سياسية...