الجزء الحادي عشر ( العاشق الصامت )

8.2K 197 3
                                    

و بعد مرور أربع أيام من الرحلة كانت تقف امام البحر صامته لا تتكلم بصوت فقط تحادثه بصمت بعينان تملأها الحيرة ...
سمعت صوت رجل ذو بحه من خلفها نظرت نحوه بدهشة من دخوله الغير متوقع
_ البحر شكله حلو اوي انهردا
_ نور : فعلا
_ مزيج جميل بين زرقه البحر وشكل السما في وقت الغروب
نظرت للامام نحو البحر تتأمل مثله ذلك المظهر الملفت ....
_ لوحة فنية محدش يقدر يعملها فعلا غير ربنا
_ نور : سبحان الله
_ انا معتز
_ نور : و انا نور
_ معتز : ايه الي موقفك كدا يا نور متعرفيش أن البحر موجه عالي و بيغدر
قال كلماته الأخيرة برنين يشبه الشجن ..
لاحظت هي فنظرت إليه قاضبه حاجبيها باستغراب ....
_ نور : تقصد ايه ؟؟!
ابتسم بجانب شفتاه و لكنها لاحظت علامات الاسي بادية علي وجهه .....
_ معتز : اقصد انك مهما كنتي معاه حبيبة بيجيله يوم و يغدر بيكي
_ نور : بس احنا الي بندفعه أنه يغدر بينا
_ معتز : مش فارقة المهم أنه بيغدر في الاخر
ضحكت نور لتخفف من حدة الموقف
_ نور : شكلك متعقد يا معتز باشا
_ معتز ضاحكا : لا بس دا عن تجربة
_ نور : علي فكرة انا مستمعة كويسة
_ معتز مبتسما : فاضية ؟!!
_ نور : ادينا بنتمشي
سارا معا بجوار البحر و كانت الأمواج و الرياح تلغحانها بحرارة ....
_ معتز : من قيمة خمس سنين كدا كنت مرتبط بواحدة كانت معانا في الكلية المهم اول لقاء لينا كان هنا عند البحر كانت واقفة علي حجر كبير اوي و بتصور بكاميرا و كانت هتقع فمسكتها و بعد كدا اتكلمنا و كمان اتقابلنا و حبيتها جدا جدا كانت بتحكيلي قد ايه كانت مرتبطة بالبحر من وهي صغيرة
... ابتسم بمرار ...
_ معتز : مكنتش تعرف أنه هيكون سبب في أنها تودع الدنيا
_ نور باسي : ماتت ؟!!
_ معتز : اتقتلت
_ نور بهلع : اتقتلت ؟!!
_ معتز : البحر اقتلها
_ نور : ازاي ؟!!
_ معتز : كنا قاعدين فطلبت أنها تتمشي لوحدها مع البحر عاوزة تستفرض بيه و سبتها ساعة اتنين كنت متاكد انها بتصور كالعادة وهترجع بس مكنتش اتوقع أن الكاميرا هترجع من غير صاحبتها
_ نور بحزن : غرقت ؟!
_ معتز بألم مؤكدا كلامها : غرقت
_ نور : انا اسفة جدا يا معتز انا ...
_ معتز مقاطعا : و لا يهمك محصلش حاجة
ابتسمت له بحزن و قالت وهي تمد يدها نحو الفندق الذي تعيش فيه ...
_ نور : دا الفندق الي انا فيه شكرا علي التوصيله يا معتز
_ معتز : انا فرحان اني اتعرفت عليكي يا نور
_ نور مبتسمة : انا اسعد
_ معتز : سلام
و استدار ليرحل الا أنها نادته بهدوء ليستدير لها مرة أخري
_ نور : هي كان اسمها ايه
_ معتز مبتسما : نور ... كان اسمها نور

*******************
و علي بعد أمتار قليلة ...
كان ستار شرفته تغلف بهدوء بعدما احتقن وجهه غضبا منها و عليها لا يعرف لما هو الآن و في تلك اللحظة يشعر بغضب و شعور بنيران متأججة مجهولة المصدر ...
تراه أصبح يغير عليها  ؟!!!
سحقا لدقات قلبه التي باتت تقلقه من تلك الصغيرة ...
تراها تشعر به ؟!!
ابتسم بجاذبية وهو يتذكر ذلك اليوم ...
عندما كانت تسير بمحاذاة البحر و قد استراح شعرها بنعومة علي كتفها الشبه عاري و مالت عيناها نحو مشهد الغروب الذي ابرز لون عيناها الفيروزية بأناقة و استفراد ....
كانت تسير حافية الاقدام و شاردة تماما ناظرة بهدوء كانت كالحوريات ...أما هو فأخذ لنفسه بعض اللحظات في تأمل تلك اللوحة الساحرة و ذلك التناغم الواضح بينها و بين جمال السماء و عمق البحر في تلك اللحظة ...
تنحنح بعدما اقترب منها مدعيا أنه كان يسير قبلها ....
ابتسمت ...
و ياليتها لم تبتسم ... أمامها ظل واقفا لا يحرك ساكنا شرد هو الآخر و سرقت نظره مع ايمائتها المرحبة به ...
_ عاصم : ايه الي مشيكي كدا في الوقت دا و بالشكل دا
نظرت إلي ملابسها بعفوية محببة و قضبت حاجبيها استنكارا .. قبل أن ترفع عيناها له قائلة ...
_ نور : و ماله بقاا شكلي
_ عاصم : يا آنسة لبسك خفيف جدا و في شباب هنا و ممكن يعاكسوكي
_ نور : يا دكتور نقطة رقم واحد لبسي مش خفيف لدرجة أنه يجذب الإنتباه و لو علي كتفي فانا بلبس شال عليه ... أما نقطة اتنين فانا مش شايفة اي شاب هنا دلوقتي و دا إجابة علي سؤال الاول خالص ... انا باجي في الوقت دا بذات علشان مفيش حد بيكون هنا
_ عاصم : اومال انا شفت ازاي
_ نور بتلقائية : علشان انت كنت بتتمشي اصلا مش واقف يعني بتبص وخلاص
قضب حاجبية ...
إذ كان كلامها  صحيحا فلا بدّ أن الكثير من الاعين تشاركه الاستمتاع بتلك اللوحة الرائعة أمامه الان بوجه قد احمر خجلا من نظراته المتأملة لها ...
_ عاصم : شكلك لمضة و مش هخلص منك
فضحكت ضحكة تشبه غناء الطير بشعاع عينان لمع لها الليل الذي اقبل عليهم بنعومة ...
فقالت برقة ...
_ نور : رب الكون ميزنا بميزة
كان دوره ليضحك و كانت تلك المرة الأولى التي يضحك فيها دون تكلف و دون ضغوط ضحك بجاذبية فظهرت أسنانه الناصعة كحبات اللؤلؤ  فأرسلت له إبتسامة حانية ...
_ عاصم : طب انتي مش سقعانة انتي لبسك خفيف جدا
_ نور : لا مش سقاعنة
و صمتا معا كنا حثتهما اقدامهما علي السير فسارا جوار بعضهما لفحها الهواء فتمردت خصلات شعرها البندقي ووقفت يرتجف جسدها الصامت لاحظها و بدون وعي وجد نفسه يحاوطها بسترته الثقيلة التي اقتحم عبقها أنفها بشموخ ....نظرت لعيناه تحت الضوء الخافت المنبعث من احد الفنادق الموجودة علي البحر ....
بادلها النظر بلوعة مخفية و لكنه سرعان ما رفع عيناه عنها لتهمس هي برقة
_ نور : شكرا
_ عاصم : علي اوضتك عدل
_ نور : بس انا كنت عاوزة اروح اشوف مروة
_ عاصم : متخافيش مالك معاها
_ نور : بس انا عاوزة اشوفها
ابتسم لطفولتها الجميلة و عفوية كلماتها و قال برضا ...
_ عاصم : بكرا هعدي عليكي نروحلها
_ نور مبتسمة : بجد .. شكرا جدا جدا يعني
ضحك بخفة ليستدير و يسير بعيدا عن مرمي عيناها لتبتسم هي و تذهب لغرفتها ...
أما هو فهرع الي أحد لوحاته و بدأ يخطط اللوحة ليبدأ رسم لوحة لحورية بشعر بندقي و شعاع شمس خافت يوحي بالغروب ....
ليسميها ..." حورية الغروب "
عاد إلي واقعه بعدما اعلق الشرفة  وابتعد عنها وضع أصابعه في خصلات شعره الناعمة و ابتسم ... ما باله يشعر بجوارها بدقات قلبه تتسارع ... ما باله قوي مع الجميع و يأتي لها و يشعر بأنه طفل يستجدي منها الحب و العطاء ... يريدها و يخاف عليها ..
يخاف منها عليه ... و يخاف عليها منه ...
كم هي مسئلة معقدة تلك الفتاة .. و هو من كان يعتقد أنه بمقدوره فك طلاسم اي انثي خلقها الله ...
لتأتي انتي و تحبطي معكي كل امالي  ..
وهل الان من رجعي ؟!!
لقد أصبحت اتنفسكي و اتنفس هواكي و لا ازال صامتا
أصبحت اتمني لقاكي حتي تتمتع عيناي بكي
و اشتاق لعيناكي حتي و أن كانت تحتضن عيناي ....
أصبحت اهوى حديثك و اتمني أن ترحلي لاسترجع نفسي .. و لكن كيف استرجع نفسي و قد طلبت منها الرحيل معكي ...
فاعذرني ايتها الانثي التي هدمت حصون قلبي و قضت علي جميع القواعد التي وضعتها و جلست علي عرش قلبى.الذي لم يجرؤ احدا علي الوصول اليه معهما عظم ...
اعذريني فانا حين احب لا أعترف
و حين اعشق أصمت
فما انا غير عاشق صامت هائم في عالم انتي فيه الملكة و المليكة ...
وقف و اتجه نحو لوحته اذاح الوشاح الذي كان عليها لتظهر ملامحها التي حفظها في ذهنه ليرسمها و تصبح لوحة فاتنه
" لحورية الغروب "
اعذريني إن صمت حبيبتي ...
...فالصمت في حرم الجمال جمال ...
#ملكة_سبأ

على أوتار العشق ( الجزء الأول : مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن