الفصل الثاني

17K 296 1
                                    


كل منا لديه أحلامه الوردية ينسجها بعقله ويرسمها بأوراقه
سواء أكانت أحلام مادية أو معنوية أو حتى شريك/ة العمر
أحلام تتحقق وأحلام تتكسر وأخري تندفن قبل أن تبدأ
ولكن
" تستمر الحياة"
#####

اندفعت للداخل بعد أن أزاحتها من طريقها بعد أن سلمتها ابنتها الصغيرة المتعجبة من تصرفات أمها لتدخل باكية ترتمي بأحضان أمها التي فزعت من منظرها
سألتها بتوجس : إيه مالك ... حصل إيه .. جوزك جراله حاجة ؟؟
رفعت إليها أنظارها وهي تمسح دموعها بطرف كم بلوزتها : لا دانا اللي هيجيلي حاجة لو فضلت معاه دقيقة واحدة بعد كده
ضربت أمها علي صدرها وهي تشهق بقوة : يا لهوى إيه اللي حصل لكل ده
تدخلت إبان التي كانت تتابع حديثهما بصمت بعد أن أدخلت الصغيرة إلي غرفتها لتلعب حتى لا تكره والدتها التي لا تمل ولا تكل من التذمر علي أتفه الأسباب فزوجها طيب وحنون والكل يعرف ذلك ولديه قوة تحمل هائلة . يكفي أنه يتحمل أختها تلك
وجهت كلامها لأختها بسخرية : اممممممم .. وماله ..! و المرة دى بقي تأخر عن البيت دقايق عن الميعاد ولا يكونش نسي يجيب أكل للبيت . ولا يكون فرَد اسمك و قالك يا بتله ؟؟!!! "بتول مصطفي الشافعي أخت إبان الكبرى لديها 28 عاما متزوجة ولديها ابنة ذات خمس أعوام "
نظرت إليها بتول بحنق : بت أنتي مع مين بالظبط معايا ولا معاه
تأففت إبان من أفعال أختها التي لا تتوقف عن طيشها بالرغم من لديها طفلة تحتاج كل عقلها لإيقاف مشاكستها ولكن في حالتها يبدو العكس فالصغيرة ملت من أفعال أمها من كثرة إتيانها بها إلي هنا
تركتها وذهبت إلي الصغيرة بعد أن ألقت إليها أمها نظرة لجعلها تسكت استجابت لها فهي لا تريد أن يسوء الوضع أكثر خاصة بعد أن امتنعت عن الكلام معها لمدة يومين
دخلت الغرفة وجدت الصغيرة تلعب في أشيائها حملتها واتجهت إلي السرير لتداعبها ظلا وقتاً طويلا فيبدو أنها ماكثة لحين إتيانه
نظرت إليها الصغيرة فأغمضت عينها ونظرت إلي أسفل وكأنها تتألم
سألتها إبان بقلق واضح في نبرتها : مالك يا "تير " ؟؟؟!!
أجابتها "تير" ـ أنا جعانة انتووا بتعملووا أكل هنا ولا لأ ؟؟!! تعجبت إبان من سؤال الصغيرة وسألتها علها تستشف ما بها
إبان : انتى جعانة ؟؟؟ .... أومأت الصغيرة فأكملت إبان : وانتى بتقولي كده ليه انه عندنا مش هنأكلك يعني ولا أيه ؟؟؟!!! حركت تير رأسها بالنفي وهي تقول :لأ .. بس .. ماما لما بتتخانق مع بابا مش بتعمل أكل ...
عقدت إبان حاجبيها في ضيق وتعجب وسألتها :: ليه ؟؟!
حركت الصغيرة كتفيها في لتدل علي عدم معرفتها وهي تخبرها : معرفش .. بس هي بتقول لبابا إنها عاملة إضراب !!!! فغرت إبان فاها بتعجب قبل أن تنفجر ضاحكة تلك الفتاة مجنونة حقا أفعالها تجن العاقل "مسكين يا زوج أختي"
انتبهت إلي الصغيرة التي تحدق فيها متعجبة من ضحكها مسكينة انتى لا تعلمين أنكِ ما تحلين دائما مشاكلي واتتها فكرة وقد قررت مكأفاة تير
إبان : مش بس هأكلك دانا كمان هأعملك الأكل اللي بتحبيه
تهللت أسارير الصغيرة تير من مكأفاة خالتها فهي دائما ما تسعدها عكس أمها تلك " المجنونة"
دخلتا المطبخ لتعدا العشاء لكليهما في حين نامت أختها ووالدتها وأبيها الذي لم يأتي بعد من العمل
بدأتا في الإعداد سألتها إبان : تير . مقولتليش بتعملوا إيه لما ماما تعمل إضراب ... صاحبتها ضحكة خافتة
تير: مفيش لبابا بيروح عند تيتة ويجيب أكل من هناك أو إن أحنا نروح مطعم نتعشى برا .. بس لما نروح المطعم ماما بتروح معانا
إبان : وهو بابا يوافق إنها تروح ؟؟!!!!
أومأت برأسها بالإيجاب
تمتمت إبان: وهو في أيده حاجة غير إنه يوافق... يا حبة عيني
سألتها تير : هو أنتي بتقولي حاجة
انتبهت إبان : لا يا حبيبتي تعالي يالا نروح نأكل لحد ما جدو يجي
جالس خلف مكتبه يتذكر لقاؤه مع أبيه بعدما ترك أمه وخرج
*****
كان يتفحص أوراقه عندما دخلت سكرتيرته " دينا" بعد الاستئذان تخبره باستدعاء والده له
خرج من مكتبه ليتوجه إلي مكتب والده
استأذن للدخول فسمع الإذن منه
دخل عليه وجده منكب علي أوراق عمله كالمتعاد هو لا يمل من العمل وكأنه أصبح جزء لا يتجزأ من كيانه
"سيف منصور صاحب 52عاما صاحب أكبر مؤسسة في مصر وفي الشرق الأوسط " وكيف لا وعمله أهم بكثير من حياته الشخصية فهو فضل العمل علي الجلوس مع أولاده ترك تربيتهم لأمه وعندما كبروا دفعهم للعمل معهم رفض اثنان وبقي هو تسلم منه زمام الأمور وأصبح ذات شأن في وسطهم ومع ذلك الكلمة الأخيرة له
تنحنح بخفوت : خير يا سيف بيه .. حضرتك طلبتني
رفع سيف أنظاره إليه وخلع نظارته الطبية وسأله : قولي عملت إيه في الموضوع اللي قولتلك عليه
رد إياس بثقة اكتسبها من عمله مستغلا وسامته قليلا : متقلقش اعتبره في جيبك
سيف بتحذير : مش عايز الصفقة دى تروح مننا
أومأ إياس برأسه وهو يجيبه بغرور : اعتبره حصل يا كبير .. ثم أكمل غامزا : البت خلاص جابت أخرها معايا ونصاية وتلاقي الورق عندك
حرك رأسه بفخر فهو يعتز به كثيرا ... ثم أكمل بسؤاله : وأنت كنت فين بقا
تنحنح إياس ليخبره عن عودة أمه فهو لا يصدق أنه ربما يصل البعد بينهما إلي هذا الحد
فالزوج مشغول طوال الوقت بالعمل والزوجة لم تسأل عليه
يا الله أيعقل أن يكون جفاف لهذا الحد زواج دام أكثر من ثلاثين عاما ونفور قد هدم الحب ونفاه
إياس : أصل ماما جت وأنا كنت رايح أشوفها
نظر إلي وجه أبيه ليقرأ تعبيرات وجهه لعله يجد حب أو اشتياق ولكن وجد وجهه دون أي تعبير
زفر بقوة لعله يهدأ من نفسه " سحقا لقد مللت من كل هذا الآم أمه التي يشع وجهها منه وجمود والده ... فدائما ما يدفع الأبناء الثمن بدل منهم "
سمح له بالانصراف بعدها ولم يره منذ تلك المقابلة والتي علم بعدها بأنه قد عاد إلي القصر ***
أفاق من تلك الذكرى علي صوت هاتفه المزعج ولكن ابتسم بسخرية حينما رأى اسم المتصل فعلم أنه قد ظفر بما أراد
إياس : ألو .... تمام .. لا فاضي طبعا ولو مشغول أفضلك يا جميل ..... طب تمام نتقابل أشطا ....... لا أنا... وهو أنا أطول برضو إن الجميل يتعشى معايا ..... سمع صوت ضحكة رقيعة من الجهة الأخرى فابتسم بسخرية ... أغلق الهاتف بعدها ليلتقط مفاتيحه ويذهب إلي موعده "الحتمي" ...

قلبي لك الجزء الاول  للكاتبه أميرة صلاححيث تعيش القصص. اكتشف الآن