الجزء 2

1K 26 1
                                    

قفزت من مكاني،قبلت أمي واحتضنتها،قلت لها:اناسعيد سعيد...ضحكت اختي مني:شو مالك نحن تركناك بعقلك...فجاةنظرت إلى ساعة الحائط ،الآن الساعة التاسعة والربع مساء،وبحركة أخرى اثارت استغراب من حولي نظرت على ساعة يدها...نعم كل الساعات تشير الى التاسعة والربع ليلا....يا الهي كيف مر الوقت؟اذكر ان الساعة كانت تقارب الخامسة بعد الظهر وكنت انتظر موعد القلم العربي اللذي اعتاد التلفزيون ان يبثه كل جمعه...أرخى الليل سدوله بدأت اسير من غرفه الى غرفه ،كنت ابحث عنها في كل مكان ..خرجت من البيت،صعدت الى السطح وطفت حول البيت علي اجد لها أثراً...توهمت أني سأجدها مرة أخرى،احضرت لي أمي طعام العشاء،جلست وأصرت ان اجلس بجوارها.لقد كانت فرحة سعيدة،تنظر الى وتقول:لم ارك سعيدا لهذه الدرجه من قبل ياحسن...تمنيت ان أبوح لها..أنا سعيد يا أمي لأني بجوارك،وسعيد بوجودك بجانبي..وبدأت تحدثني بأيجاز عن العرس والصبايا،وعن بنت فلان وفلان ،والصبية فلانه:ابتسمت وتحدثت اليها وأنا شارد الذهن،وأنهيت حديثي وعدت لفتاة أحلامي ..التي تحولت الى حقيقة..لست بمجنون أو مريض حتى لا أستطيع التمييزبين الحلم والحقيقة...كل الدلائل والمؤشرات براهين دامغة ،ادلة واضحه،تثبت ان ما يحصل معي حقيقه وليس خيالاً..أعدت التفكير مرة أخرى ،استرجع بذاكرتي ماكنت اعمله قبل ان تظهر لي...لقد كنت اقرأ في كتاب،ايعقل أني غفوت وحلمت بما رأيت ،مستحيل ان أكون قد غفوت،فالليل كان في بدايته،وكنت انتظر القلم العربي،وإذا كان هذا قد حدث،فما هو تفسير هذا ياحسن؟وهل أصبحت تؤمن بالخرافات مثل العجايز؟يا الهي ما اصعب ذلك!!اريد ان أصغى الى ندا العقل ،والى شروح العلم وفلسفة الخرافات والرؤى،ولا اريد ان اخضع للمنطق اللذي سيحرمني من روحي وحياتي،ومن اجمل لحظات العمر.الحلم الجميل اللذي أصبحت لا اريدتفسيرا له،وكل اللذي اتمناه وأريده هو حبيبتي ،تلك الأفكار حولت نفسي لميدان عراك،اشتد فيه الصراع بين العقل والمنطق من جهة ،وبين العاطفة والقلب من أخرى حسن ،جننت ...؟وهل أصبحت تؤمن بالجن والعفاريت والخرافات اللتي لا تنتهي في هذا المجتمع كلمت نفسي حتى تملكني العناء ..تعبت حتى أخذ الارهاق لون الصفارعلى وجهي...حسن ...أنت متعلم أنت مثقف ان ما والذي تتعرض له إنما هو نتيجه ظروف السجن والاعتقال ...لاتدع للأحلام والأوهام طريقاً تدخل بها الى عقلك فتداهمه وترهقه بما ليس له أساس ولا صحه..؟خلصت الى تحزير نفسي..حزار ياحسن ان يعرف أي مخلوق كان بقصتك هذه.والا ستتهم بالجنون،وستكون عرضه للسخريه ،يهزأ منه الصغير قبل الكبير....آه كم هي طويله ساعات هذه الليله ...صراع محتدم بين الفكروالعاطفه ،بين العلم والخرافة ،بين الثقافة والأحلام ،وبين الحقيقة والخيال،بين الصح والخطأ،صراع انتهى بتوصلي الى هذه النتيجة...ان أنسى كل ماحدث ،بعد ذلك غطيت في سبات عميق حتى ساعات متأخره من صباح يوم جديد.على تلك الحادثة توالت الأيام وتعاقبت الليالي،انقضى شهرباكمله وفي ذات ليله،وبينما كنت جالساً في حديقه المنزل شارد الذهن ،اسرح بخيالي الى بعيد،أعانق النجوم تاره وأهيم في ملكوت الله تاره متفكراً مقتنعاًان نفسي كما هو حال قلبي نمت في ثنايا القلب أشواق الحب اللتي راحت تتزايد وتتسع بنهم شديد...مساء الخيرياحسن ..مساء الخير يا حسن..تقطعت أوصالي وانهدت جوانحي ،ها أنا اعود الى تلك الحالة:لا حراك ولا كلام...نظرت نحو مصدر الصوت ،وإذا بها هي نفسها شعر اسود وثوب اخضربهيج وابتسامه عذبة لاتنتهي ،تسير قادمة صوبي بنفس الخطى والسحر والثقه ..اقتربت اكثرفاكثر،دنت حتى جلست بجانبي لم احرك ساكناً،لم اصدق ما اشاهد،راحت عيني تتفحصها،وتتأمل سحرها الآخاذ اللذي لا يوصف،حاولت النطق فلم استطع،وكأن لساني شل وأصابه البكم،عجزت عن الكلام وعجز اللسان عن الوصف،نظرت الى وكأنًها تود ان تعيد نفسي وقلبي الطمأنينة والراحة والسكون،فلم اكن خائفاً ولم اكن فزعاً،بل مرتبكاً من السعادة والشعور الكبيربالفرح والنشوة،تحرك لساني بعد شلل،فسألتها:قولي لي...فأجابت بهمس الكلام ،وبصوت عذب هادئ،كدفق الألحان والأنغام :أنا عاده ياحسن ،انا الان بجانبك وجئت لزيارتك ،ولا وقت لدي للإجابة على كل أسألتك ...لكني سأعود قريباًواجيبك على كل اسألتك ..والآن انتهى وقتي ويجب ان اعود ..اختفت غادة من جديد بعد ان تركتني في حيرة من امرها وقدرتها الخارقة على قراءة افكاري،وإجابتها على اسألتي قبل ان انطق بها...غادرتني هذه المره والسعاده ترتسم على وجهي وقد عرفت لها اسماً أناديها به ،قطعت الشك باليقين بأن مايحدث حقيقة....ازداد قلبي تعلقاً بها وازدادت روحي هياماً بجمالها ،ونفسي آبت ان تسكنها روح سواها..بدأت انظر الى الغد المشرق اللذي يبشر بالسعادة والهناء،الى الغد اللذي سأرى فيه وجه غادة ،سحابة لابد من مرورها ،انها سحابة تضارب الأفكار المحملة بالوسواس،التضارب اللذي يعكر صفو المساء وسعادة الروح انه السؤال؟فهل يعقل أنني احببتها كل هذا الحب وأنا لم أشاهدها الا عدة مرات ؟ايعقل ان تكون مرآة الحب عمياء الى هذه الدرجة ؟انها لم تكلمني ولم أكلمها الا عدة كلمات لعدة لحظات ...كيف يحدث ذلك؟وأنا لا اعرف عنها شيئاً...ثم اطمئن نفسي قائلاً:الأيام قادمة وعندما ألتقيها في المرة القادمة سأعرف عنها كل شيء.انقضت الليله وتبعتها الأيام ،وأنا امضي معظم ساعات المساء من كل ليله في حديقة المنزل وأنا انتظر مجيئها ..وبينما كنت قلقاً ذات مساء في ليلة قمراء،باغتني صوت أمي الحبيبة :قلي مين هي سعيدة الحظ اللي شاغله بالك ياحسن؟قلي وأنا بروح اخطبها لك،وخلينا نفرح فيك ياحسن،مش هي أم الشعر الأشقر ..والله يا ابن انها حلوة وبتستاهل ،ولونو أمها مش ولابد ،وبتفكر حالها في اميركا،طيب انا رايحة انام ،وأول على آخر راح اعرف ..عايز حاجه قبل ما اروح ؟قلت وأنا ابتسم :شكراً يا أمي،تصبحين على خير...استدارت أمي عايده الى البيت،وتوارت عن ناظري ..هبت نسمة صيفيه ناعمة خفية تحمل معها صوتاً ملائكياً عزباً .حتى انه لو اشتد هبوب النسمة شيئاً قليلاً لما كنت سمعته...سارح في مين ياحسن؟في سوزي ولًا في أمها ..؟وما ان التفت الى مصدر الصوت حتى كاد قلبي يقفز من موضعه ،انها غادة ذات الجمال اللذي يعجز عنه الوصف ،تجلس على حافة سور الحديقة تحت ضوء القمر الًذي زاد جمالها إبهه،وزاد حسنها دلالاً...خمرت روحي وأسرت قلبي وعواطفي،وراح العقل يحلل كلامها أيصدق أم يكذب ،ايعقل انها سمعت مادار من حديث بيني وبين أمي ..لا،كيف ذلك..؟انه امر عجيب،كيف عرفت غادة ان اللتي كانت تقصدها أمي هي سوزي؟اقتربت بخفة ريشة ناعمة على نسمه الصيف الدافئة حتى دنت مني وجلست على كرسي القش القديم ...أخذ النسيم يداعب شعرها الناعم وهي تقول:حسن:لماذا أنت مزهول ..هل هذه اول مرة تراني فيها أم ان معرفتي لإسم سوزي جعلك غير قادر على التركيز،فهذه بسيطه كل ما في الأمر أني سمعت حديثك مع أمك ..ومن خلال قدرتي على الاتصال بأفكارك عرفت أسم سوزي..حسن لماذا لا تتكلم،صحيح أني أستطيع قراءة مايجول في خلدك،ولدي القدرة على معرفة كل ماتفكر به الآن ،إلا انني ياحسن في شوق لسماع صوتك ...حسن لا داعي للحيرة ،تكلم اعلم أني تريدمساءلتي ...طيب ياحسن سأساعدك أنت تريد ان تسألني من انا؟هيا أسأل...أنتظروني البقيه في الجزء الثالث.لاتنسو الإعجاب أو المتابعة 💭

رواية زوجتي من الجنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن