الجزء15

110 7 0
                                    

تحدث فنبرة صوتك وحزنك يوحيان بصدقك.منذو عدة سنوات ظهرت لي في المنام فتاة لايفوق جمالها جمالًا ،شعرها أسود طويل ناعم كالحرير ،عيناها سوداوان واسعتان ،جسدها عجزت عن وصفه الحروف وقصائد الشعراء ،أفقت من نومي ولو خيروني ان أدفع عمري لأعود إلى حلمي لما رفضت.قفزت الحسناء من حلمي إلى صحوي ،قرأت أفكاري ،عرفت أسمي ونادتني:عمر،عمر عشقت أسمي حين أطل من شفتيها باحت لي بإسمها وسرها قالت لي:إنها من عالم لا يسكنه بشر قبلتني وقبلتها.أشعلت داخلي كل شهوات البشر ولم تسمح لي بالإقتراب منها لتبقى ناري مشتعلة ،أخذت تظهر وتختفي كلمح البصر ،تفننت في إغرائي كانت خير خبيرة بمن هم مثلي.عرضت عليها الزواج فقالت:إنك مقدم علي الإنتحار ياعمر.فأهلي وسلطة عالمي سيلحقون بي وبك الدمار ،أصررت علي الزواج منها علي الرغم من كل العواقب ،تزوجتها وأخذتني في رحلة لأرى الغرابة والعجب .مرت الأيام وفقدت كل من حولي بلمح البصر ،شاب شعري وهرمت ،وشاءت الظروف ان أكتشف بعد فوات الأوان إنني ضحية وقعت في شرك من تبحث عن الخلود بأسر ارواح البشر ،حبيبتي التي ظنت إنها أحبتني لم أكن بالنسبة لها سوى ضحية جديدة ضمن قائمة طويلة أنتقتها من بين آلاف البشر.ومما زاد من سوء حظي إنني لم أكتشف الحقيقة المرة ألا بعد ان فقدت شبابي وهاأنا أسير من قرية إلى أخرى أبحث عنها لتنهي عذابي.هذه قصة عجوز لم يبلغ الثلاثين من عمرة .هل وصفي بالجنون سيكون أشد قسوة مما انا فيه ؟انت من أصر علي سماع قصتي فدعني أذهب في سلام.أخذ العجوز الشاب يمشي في خطوات واهنه .اما انا فتجمدت من هول الصدمة التي عصفت بي ،كما تعصف ريح الخريف بشجرة لوز هرمه.
لقد وصف حبيبتي غاده كيف لا أصدقه!، وهو يحكي قصتي ياإلهي لقد راودتني الشكوك منذ زمن ،ما حاجه حسناء تكره البشر إلى من تحمل همومه وتخاطر بكيانها من أجله ألا ان كانت تسعى إلى مصلحتها ،لقد خدعت نفسي قبل ان تخدعني وهاهو الشعر الأبيض يطل لينزرني بأنني أسير إلى مالا تحمد عقباه.أخذت أستعيد ذكرياتي مع غاده ،لقد سرقت بإبتساماتها أحلامي التي كنت أحيا من أجلها ،فماعدت أميز الليل من النهار ،ولا السعادة من الحزن ،ولا الحقيقة من الخيال ،نسيت أهلي وأصدقائي بقيت وحيدا أسير لقائها تتحكم بإبتسامتي ودموعي ،وتفعل بي ماتريد ،حتى شعري الأسود غزاه الشيب قبل الأوان .
يالي من غبي ألم تخبرني إنها تكره البشر .كيف أنطلت علي حيلتها
فتحولت إلى دمية بين يديها تلهو بها كما تشاء ،أقف مشدوها لا أقوى علي شي ،ألتفت حولي وأتزكر عمر ،أركد لعلي أستطيع اللحاق به ومن بعيد ألمحه يزحف زحفًا .ياعمر أرجوك توقف .....
وصلت أليه وأنفاسي تكاد تتقطع .ماذا تريد مني ؟يجلس علي الارض ،فأجلس بجانبه وانا ألهث :ياعمر قصتك مشابه لقصتي
فأنا أيضًا أعرف هذه الجنيه .رغرغت عيناه بالدموع وأشاح وجهه عني وهو يقول:لاتسخر مني فيكفيني ما أصابني ،أبحث عن غيري لتسخر منه ،سالت الدموع من عيني دون وعي ،أقسمت إنها الحقيقة .
وأخذت أروي له حكايتي مع غاده ،بدت المفاجاة علي وجهه ،وما ان أنهيت حديثي حتى قال:ساعدك الله علي بلواك ،انت ضحيتها الجديدة كن حذرا ،أرجوك ساعدني كي أتخلص منها ؟ليتني أستطيع فما انا إلا ركام أنسان ،كادتنا سرقت منى كل شي ولم يبق لي الا الذكريات
وها انا عاجز حتى عن مساعدة نفسي فكيف أساعد غيري
قل لي ماذا أفعل ؟كيف أتصرف ؟قل لي شيئا أرجوك.لا تنتظر المساعدة من عاجز مثلي ،فأنا مازلت أعشق قاتلتي ،وهذا ماسيصيبك أيضًا ولن تكون متعتنا الا بالسماح لها بالسيطرة علي عقولنا لتقودنا كيف تشاء ،فحتى لو تركتنا سنسعى إليها ونرجوها ان تسيطر علينا نحن لا نملك إلا الإرادة لطردها من فِكرنا ،أستمتع بما تبقي لك من شباب برفقتها وحين ماتنتهي منك،تعال إلى ذلك الجبل ،فهناك أجد راحتي ليلًا .
تركني عمر بعد ان حطم روحي وحولها شظايا ،فيما كانت نار الغضب تحرق ماتبقى من قلبي ،عدت أدراجي إلى البيت وكلي تصميم علي ألا يكون مصيري كمصير عمر ،حقدي علي من كانت حبيبتي مدني بالقوة ،قررت ان أنهي حياتي فورًا ان كان الخيار الآخر الإنقياد لها ،فيكفيني ان أفسد علي هذه الحقيره متعتها .
إقتربت مني سروة وهمست في أذني لكي لاتسمع أمي .
أخبرني ياحسن ماأخبار زوجتك ؟لا رغبة لي بالحديث عنها ،فلتذهب إلى الجحيم هي وكل الجن معها .حسن ماذا حدث لك ؟لاشي ياسروة ، لاشئ غاده من الماضي وانا بحاجة إلى ان أفكر في الغد ،يكفيني ماأصابني بسببها .
لم تخفي أختي دهشتها من الإنقلاب السريع بين العشق والحقد ،لكنني أستيقظت في الصباح خرجت للبحث عن أي شئ يشغلني ،ثم عدت وقت الظهيرة ،فإذا بصوت قبل الغروب ،شرد ذهني في الأيام الماضية ،وا حبيبتي ، خفق قلبي وارتجفت أوصالي شوقًا .أقتربت مني وبصوتها العذب رددت إسمي ،كنت أود الإسراع إلى أحضانها
علي الرغم مما أحمله من حقد نحوها ،قاومت هيامي وأخذت أتمتم مغمض العينين :لن إنقاد إليك لن أكون لعبة بين يديك ،إرادتي أكبر من قلبي .انا لست عمرياكادتنا ،لست عمرياكادتنا ،أبتعدي عني ،أبتعدي عني ،وبصوت مختنق سألت:ومن أخبرك بأني إسمي كادتنا ياحبيبي ؟صدق عمر ،أعترفت الحقيره ان إسمها كادتنا
أشتعلت غضبًا وبدأت تتلاشى تدريجيا .لقد كانت هذه المرة الأولى التي لاتختفي فيها كلمح البصر ،تركتني حزينا لمغادرتها ماعدت أميز بين ماكم كنت سعيد اريد ولا اريد أشعر بحنين إليها وبالحزن لفراقها .أشعر بالحقد والحب يتصارعان في قلبي
أستعدت صورتها الأخيرة وهي تتلاشى والحزن العميق يخيم عليها
رغرغت عيناي بالدموع ،أتذكر مافاله عمر تملكني شعور بالقوة ،لم أنم تلك الليله ،قبل الفجر أشتقت إلى غاده فظهرت فجاة ،أخذت تناديني بصوت حزين ،فأشحت وجهي مقاومًا كل رغبة في الإستسلام لها حتى تلاشت .
مر اليوم الأول وكأنه عام ،طردتها عشرات المرات.مر اليوم الثاني وكأنه أشد قسوة ،كانت تظهر كلما فكرت فيها .اصبحت علي يقين إنها لن تتركني ،وإنها تترغب الفرصة لتستعيد سيطرتها علي ،فقد أستخدمت الحيل كلها ،بكت وتوسلت لأسمعها .إلا إنني نجحت في طردها مجددا .أدركت إنني ان منحتها فرصة واحدة فستأسرني للأبد
لم أذق طعم النوم في اليوم الثالث كنت أخشى ألا تظهر مجددًا
لكن ظهرت وتوسلت إلى ان أسمعها دقيقه واحدة فقط ،كم كنت أشتاق إلى ان أحتضنها في هذه الدقيقة دون ان أصغي إليها :
لا وألف لا ياكادتنا ،لن أخضع إليك!شعرت هذه المرة بأنني أصبت هدفي ،تغير لونها وعضت علي أسنانها وكأنها تتشبث بآخر خيوط الأمل ،شعرت بأنها تقاوم شيئا ما ،ثم تلاشت بطريقة لم أعهدها من قبل.تلاشت ببطء شديد وهي تمد يدها نحوي وترجوني ألا أتخلى عنها ،شعرت بأن شيئًا ما يسحبها إلى الخلف ،
دموعها كانت آخر ماتبقى منها ،أنقبض قلبي أحسست أنني لم أراها مجددًا حاولت ان أسيطر علي مشاعري نحوها ثم أجهشت بالبكاء
جاءت أختي فيالها مارأت ،أخذت تواسيني خجله من دموعي ،حثتني علي مواصلة البكاء لإفراغ أحزاني دون ان تعرف كأنها .
رويت لها ماأكتشفته وحين أخبرتها عن صراع الأيام الثلاثه ،بكت بحرارة وهي تنظر إلى ،نظرة عجزت عن تفسيرها ،ثم شقت صدري بكلماتها دون ان تدري ،هل تعتقد ان هناك إمرأة تتوسل إلى رجل ثلاثه ايام ان لم تعشقه عشقًا يتجاوز كبرياءها ،أي أحمق انت !ماكانت أمرأة تتوسل إلى رجل ألا ان كانت تخشي عليه وتحبه أكثر من نفسها ،اي رجل انت !لماذا بخلت عليها بفرصة لتفسر لك ظنونك ؟ ان أخطأت ألا تستحق فرصة لوداعك ،اي أحمق انت ،تعتقد انك رجال ؟......يتبع

رواية زوجتي من الجنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن