|| التفاحة الواحدة والعشرون

169 25 10
                                    

« صلوا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين »

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

« صلوا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ».
« ‏كما أنها رقيقة القلب كرِقّة الزهر ».

[ 6 ابريل 2016 ]

في ذلك التاريخ قد اكملت خمسة اشهر.
أُعد الغداء لكلينا خلال ذلك أنت قد عدت من العمل..
احتضنتني من الخلف غارساً وجهك في رقبتي، الشعور بأنفاسك على جلدي كان جميلاً .
أخذت تمسح على بطني تلقي التحية على صغيرنا بإرهاق وأعلم ذلك مهما حاولت جاهداً اخفاءه.

انتهيت مما في يدي وذهبت تحت انظارك إلى غرفتنا ومنها إلى الحمام الداخلي أُعد لك حمامك لتسترخي.
استلقيتَ على الأريكة مغمضاً عيناك وأعلم تماماً كم ترهق نفسك لأجلنا يا عزيزي، ورغم أنني حاولت معك أن أكمل عملي لكنك رفضت بحجة صحة كلينا 'أنا والطفل'.

جلست القرفصاء أمام وجهك أتأملك، كيف يمكنك أن تبدو بهذه الوسامة حتى عندما تكون مرهقاً ؟!..
كان هذا ما يشغل بالي ولم أشعر أنك قد فتحت عيناك تحدق بي بالمثل، ولدقائق طويلة كان هذا ما نفعله.

نهضت أخبرك عن حمامك الذي اعددته لك كما تحب، لكنك استهجنت ذلك قائلاً أن اهتم بنفسي..
كيف يمكنني الاهتمام بنفسي بينما أنت حولي تصارع جاهداً من أجلنا؟
جادلتك وجادلتني وعلت اصواتنا، غضبتَ جدا لأنني كنت بنظرك مهملةً لنفسي وللطفل..
بينما أنا أخبرتك العكس بالإضافة إلى أنني لن أحتمل اهمالك..
كان شجاراً نابعاً من اهتمام ولكننا لم ندرك ذلك حينها.

أخذتَ حمامك واستلقيتَ متجاهلاً إياي على السرير، أخبرتك بالغداء ولكنك تجاهلتني.
حاولت تجاهل انقباض يسار صدري ووضعت الغداء لكلينا.. انتظرت وانتظرت لساعتين لكنك لم تأتي، لم تتناول الغداء معي ولم ترد رؤيتي وهذا كان مؤلماً.
نعم لقد تشاجرنا في العديد من المرات ولكنك لم تتخطى وجبة غدائنا معاً، كلانا كان يختلس النظر في فترة غضبنا حتى ننتهي بالقبلات والتصالح.
لكنك لم تأتي ولم ترد رؤيتي، اجتمعت المياه في أدمعي لتتساقط.
وبقدر ما استطعت كتمت شهقاتي المتألمة وأنا آكل ليس لأجلك ولا لأجلي.. ولكن من أجل الصغير الذي سيقبل على الحياة خلال اشهر قليلة.

جمعت الأطباق وغسلتها وحاولت بقدر الامكان التوقف عن البكاء كالأطفال ولكنك لم تقابلني بوجهك القاسِ يوماً وكان التوقف صعباً.
ولأيامٍ بعدها أكملت اسبوع كُنتَ تتجاهلني، تتخطى الوجبات لكي لا تراني، تذهب مبكراً في الصباح وتعود بوقتٍ متأخر من الليل.
وكل يوم في الليل كُنت أبكي حتى أسقط نائمة، حتى يحيطني الظلام، هل هذا ما كانت المراهقات يشعرن به عندما لا يتلقين الاهتمام من احبائهن؟
لأنه مؤلم جداً، مؤلم حد الاختناق يا عزيزي.

في ذلك اليوم ذهبت إلى عائلتي وفضلت المبيت لديهم، فعلى أي حال لم تكن لتعود إلى المنزل في هذا الوقت، فأخبرتهم أنك مشغول جداً وأنك سمحت لي بالمبيت لديهم.
نمت في سريري السابق ونجحت بصعوبة بعدم البكاء حتى لا تشك أختي بشيء.
وأتعلم ماذا؟ شعرت بشيءٍ يتحرك داخلي.. كُنت فزعة جداً لذا فقد اسرعت إلى غرفة والداي ليفتح أبي الباب بقلق، هرعت إلى أمي في الداخل لأخبرها بما شعرت.

ضحكا والداي بشدة بعدها فسرا لي ذلك، لقد كان طفلنا يتحرك داخلي، بكيت من فرحتي ونسيت شجارنا لأعود إلى المنزل..كنت أتوقع رؤيتك لكن ظني قد خاب حين لم أجدك في المنزل رائع، فقط رائع.
فتحت التلفاز أقلب القنوات وغصةٌ عالقة داخلي، نزلت دموعي ولم أمنعها هذه المرة صاحبتها شهقاتي حتى غفوت في مكاني متألمة.

شعرت بأحدهم يحملني، هل كُنتَ أنت؟ لكنني لم أسمع صوت الباب!
لم أشعر بشيء ولم أدرك أنني قد حاوطت عنقك، أدفن رأسي في صدرك دون حسبان.
حضنك دافئ، دافئ جداً ..
وضعتني على السرير ويداك حاوطتا خصري تجذبني نحوك، ظهري ألتصق بصدرك .. ووجهك غرسته داخل عنقي.
أمسكت بيداك بهدوء وحركتها نحو معدتي، كُنت قد شعرت بحركة صغيرنا تلك اللحظة.
كُنا ساكنين بشكلٍ مريح، كُنتَ في حاجة لي بشدة كما كانت حاجتي لك كبيرة شددتني نحوك أكثر وأخذتَ نفساً عميقاً تسحب به رائحتي إلى رئتيك.

تحرك، تحرك صغيرنا وشعرتُ بحركته فهل فعلتَ أنت؟
ما أجابني على تساؤلي كان زفيرك الحاد، شعرت بيدك تمسح بهدوء على معدتي، قبلاتك الناعمة على رقبتي.
وابتسامتك التي شعرت بها بالإضافة إلى كلماتك المبعثرة من فرحتك التي داعبت حواسي.
" طفلنا الصغير، إنه جزءٌ مني ومنكِ، صغيرنا يتحرك حبيبتي، يا إلهي إنه صغير، إنه طفلنا الصغير تفاحتي ڤيا! "

اعتذرنا لبعضنا وتصالحنا وعُدنا لسابق عهدنا أحباء وعشاق.

- 🔗

مقبرة التفاح | The Apples Cemeteryحيث تعيش القصص. اكتشف الآن