|| التفاحة العشرون

198 26 15
                                    

« صلوا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين »

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

« صلوا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ».
« سأحاول أن أنام، أن آخذك بين ذراعي، وأخبئ رأسك العنيد في صدري لعله يهدأ ولعلي أستريح ».

[ 31 ديسمبر 2015 ]

كانت تلك ليلة رأس السنة، ونحن الآن بأسبانيا لنحتفل بذلك معاً
كان طريق السفر مرهقاً جداً، خصوصاً وأنه بالطائرة
أخبرتني أمي أنه سيؤثر على حملي ولكنني استشرت طبيبتي وأخبرتني بأنه لا بأس من السفر على أن أكون حريصةً على نفسي كثيراً، كأن أجلس بالقرب من دورة المياه، وأكون على كرسيٍ طرفي حتى يتسنى لي الخروج بسهولة..
كنتَ سعيداً جداً وكان هذا احتفالنا الأول معاً كعائلة، نحن وصغيرنا.

حين وصلنا أذكر كيف أنك سحبت حقيبتنا وأخذت حقيبتي المحمولة من يدي
ورغم معارضتي كنت تستمر بإخباري أن أولوية العناية تكون للصغير.
لا أنكر أنني شعرت بالغيرة قليلاً، فأنت لم تحمل الحقيبة لأجلي وإنما لأجل صغيرك!.

الفندق الذي قضينا ليلتنا فيه كان جميلاً بحق، والأجمل أنه كان يحتوي على إطلالةٍ فريدة لرؤية احتفالات رأس السنة في المدينة.
لم اخفي اعجابي من اي شيء، كُنت كالطفلة اخبرك بكل ما يلفت انتباهي وكُنتَ سعيداً بذلك.
تعلقي بذراعك، وضحكاتنا المختلطة، الشعور بأنني أحمل طفلنا، اوقاتنا السعيدة التي قضيناها، وعناقك الدافئ لي كل حين..
كانت تلك الأشياء رغم بساطتها إلّا أنها كانت ذكرياتً جميلة لم أجرؤ على نسيانها حتى الآن.

وصلنا قبل يومين من ليلة رأس السنة ..
واستمتعنا بوقتنا حتى صباح اليوم الواحد والثلاثين من ديسمبر
كنت مرهقة واشعر بتقلب معدتي، لم أكن بصحةٍ جيدة
لذا اضطررت إلى قضاء النهار بكامله معي وبجانبي، تعتني بي
شعرت بالسوء لأن مبتغانا هو الاحتفال معاً كعائلة ولم يكن ماحدث ضمن المخطط له..
لكنه كان نهاراً مريحاً وجميلاً، تناولنا افطاراً رائعاً
تحدثنا عن مستقبلنا القادم ونحن مستلقيان بجانب بعضنا
كيف يمكننا الاعتناء بطفلنا؟ كم سننجب له من الاخوة؟ وعن منزلنا المستقبلي كذلك!.
كان فقط الحديث عن كل ذلك معك يجعل الفراشات تحلق في معدتي
ربما كانت فراشات معدتي أنا، وربما صغيري المتحمس على حديث والديه.

في المساء شهدنا الاحتفالات بمناسبة العام الجديد
كانت رؤيتك وأنت بجانبي تنظر نحو السماء بشغف من أجمل ما رأيت في حياتي..
كانت ملامحك تضيء رغم انطفاء الأضواء في الغرفة، بسبب الألعاب النارية وبسبب أجهله حتى الآن.. أحبي لك من يجعلك تضيء؟
" كلُ عامٍ وأنتِ حبيبتي، كلُ عامٍ وأنتِ تفاحتي الحمراء التي أهيم بتفاصيلها. "

كلماتك قد غُرست عميقاً داخلي، ولا زلتُ يا حبيبي اهتاجُ حباً حين اتذكرها.

[ الوقت الحالي ]

" يا آنسة لقد انتهى موعد الزيارة، هل أنتِ بخير؟ "
نطقت تلك الممرضة التي دخلت للتو إلى الغرفة، حاولت مساعدة المرأة المتكئة على السرير وممسكةً يد المريض بشدة.
" عذراً لكن هل يمكنك رفع قناع التنفس للحظات؟ "
تسائلت المرأة بينما التوتر اكتسح الممرضة التي سرعان ما عارضت محاولة دفعها للخروج.
" لا يمكن لأحدٍ ذلك!، هذا يخترق قوانين المشفى. "
" أرجوكِ للحظــ... "
" يا آنسة ألم تسمعيني؟ أخبرتكِ أن ذلك ممنوع إذا أردتِ فعل شيء لحبيبكِ فعليــ... "
" زوجي، إنه زوجي ولست آنسة، أرجوكِ !"

توسلتها بعينين دامعتين، للحظة فقط تود الشعور به مجدداً
تنهدت الممرضة بغير حيلة فالمرأة تبدو صعبة المراس وهي ليست في حاجة للمزيد من صُداع الرأس.
" لدقيقة هذا أكثر ما يمكنني فعله لأجلكِ ولكن لا تحاولي فعل شيء يضر بالمريض. "
أخبرتها بينما ترفع قناع الأكسجين عنه بهدوء متأكدة من كونه يتنفس جيداً وأن علاماته الحيوية مستقرة.

سرعان ما فتحت عينيها على وسعهما وهي ترى المرأة تلثم شفتيها معه بقبلاتٍ صغيرة وأدمعها تسيل بينما تتمتم ببعض الكلمات التي بدت لها واضحة كلما فصلت قبلة وبدأت أخرى.
" أرجوك لا تتركني .. لا يمكنك ذلك فلا زال أمامنا الكثير لنعيشه معاً .. صغيرتنا لازالت تنتظرك أيضاً .. أحبك ريد! "

كانت هذه أول مرة يتفاعل مع محيطه بعد ستة أشهر في الغيبوبة، لقد تغيرت نبضات قلبه من أجلها، وكأنه يعترف لها بحبه مجدداً.

- 🔗

مقبرة التفاح | The Apples Cemeteryحيث تعيش القصص. اكتشف الآن