Part 18: نظرة طفولية

359 39 8
                                    

الفصل الثامن عشر: نظرة طفولية

نزل الشاب, من السفينة التي انقذته من جحيم الوحدة وسطَ متاهةِ النسيان, لم يخبرْ احداً انه كان ربانا يوما ما, بقي صامتا طوال الرحلة, حتى وصل الى هذا المدينة الساحلية الجميلة, سأل احد المارة قائلا: "من فضلك, هل باستطاعتك اخباري اين انا ؟"

فاجابه قائلا: "انت في ولاية كارولينا الشمالية", فشكره الشاب واكمل يمضي بخطوات هادئة نحو المجهول, ينظر الى الشمس التي تلمع في السماء وتنعكس على خصلات شعره السوداء المبللة بالماء, يرتدي قمصيا ابيضا شبه ممزق وبنطالا قد قصه ليجعله قصيرا, وخفين حصل عليهما من السفينة, وحقيبة بها بعض الاطعمة اعطاها اياه صاحب المطبخ اشفاقا بحاله.

الناس تعمل والجميع في عجلة من امره, لا احد يكترث لأحد, الطرقات مملوئة بالعربات التي تبيع شتى انواع الاسماك البحرية, والسيارات تطلق صافراتها وهي على عجلة.

يمضي دون ان يكترث لأحد, شق طريقه في المدينة, لم يكن يفكر كيف سينجو, كيف سيعيش, بدى كشخص فاقد الذاكرة, كمن خسر معركة دامت ليال طوال فكان الناجي الوحيد.

جسده المثقل بالذكريات المؤلمة, كلما تذكر ابتسامتها ازدادت تعاسته, مع كل فتاة ينظر اليها يرى وجهها, لا تكف عن ملاحقته, يأبى النوم كي لا يراها, ينهك جسده حتى لا يشغل تفكيره بها, وبعد المضي لعدة ساعات, رأى منزلا جميلا على جانب الشارع تجاوره عدة منازل, شعر ان المنزل فارغ.

فأتجه صوبه وجلس على كرسي, كان المنزل صغيرا, وامامه حديقة ليس بها حاجز, يتوسطها ذلك الكرسي الخشبي المتحرك.

انه وقت المساء والحي فارغ لا يوجد به سوى عدة اطفال يلعبون في نهاية الشارع, اغمض عينيه وحاول النوم, غير مكترث لكل ماحوله.

بعد عدة دقائق سمع صوت الباب يُفتح, نهض مسرعا من الكرسي ليرى امرأة تنظر اليه وابنتها, تحدث متأسفا: "لا داعي للخوف, انني اسف لتطفلي على منزلك سيدتي".

احس في عيني الام انها طيبة القلب, حيث اجابت: "لا داعي للتأسف يا بني, هل انت مشرد ؟"

الشاب: "كلا سيدتي, انا الناجي الوحيد من حطام سفينة".

همست الابنة في اذن امها: "امي يبدو شخص محترما الا انه في حالة يرثى لها".

الشاب: " لا تقلقوا, سأكمل طريقي، اسف لإخافتكم".

ثم سمع صوت رجل من خلفه يقول: " لن تذهب لاي مكان ايها الشاب, تبدو شخص صادقا", اكملت الفتاة قائلة: "ابي حمداً لله على سلامتك, لقد عدت".

ركضت نحو ابيها واحتضنته, ثم اكمل الاب: "لقد سمعت خبر غرق سفينة ايها الشاب, وانا ايضا بحار, وقد عدت قبل قليل من رحلتي, لن تغادر لاي مكان، ستقيم عندنا الليلة".

لم يجد الشاب خيار سوى قبول الطلب, حيث اكمل يقول: "انه كرم منك يا سيدي, شكرا لك".

الاب: "هيا تفضل للداخل واستحم, زوجتي العزيزة اعدي لنا عشاء يليق بضيفنا".

جليدية المشاعرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن