الفصل الثالث: عشاق وموتى
بزة عسكرية جديدة, تسريحة رائعة لشعر لم يرى سوى غطاء خوذة لأمد طويل, عطر الماني فاخر من غنائم الاعداء, وجه نظر الطلة, ساعة سويسرية هدية من صديق قديم, اصبح ميلر جاهزا لمقابلة العميد, ارتدى قبعته التي توضع مائلة على الراس ذات نقشة المظلة التي ترمز لقوات المظليين وخرج من شقته.
ليجد سيارة الجيب بانتظاره, فاستقلها الى القاعدة العسكرية, ليلة هادئة والهواء البارد يهمس في كل الارجاء جاعلا الجميع يجلسون في بيوتهم بقرب مدافئهم, واضواء البلدة تنير درب العاشقين الذين ارهقتهم سمفونيات الحرب.بينما يقود السائق, كانت عينا ميلر تحدقان يمنيا وشمالا في ملامح البلدة, تبحثان ربما عن شخص ما.
وصل ميلر الى المعسكر واتجه الى قاعة الاجتماعات, جلس الجميع بصمت وحزم كأنهم جنود شطرنج بملابسهم الانيقة ذات اللون والطراز الواحد.
بعد دقائق قليلة مضت دخل العميد للقاعة يرافقه المقدم وجندي يحمل علبة الاوسمة, القى كلمة يخبرهم بها عن مدى فخره بجهودهم الفذة, وبسالتهم المتفانية في ميادين القتال, ويمجد الابطال اللذين ضحوا بأرواحهم في سبيل انقاذ البشرية.
نهض الجميع والقوا التحية واقسموا بالولاء, ثم قام العميد بتوزيع وسام الشرف لكل من شارك في المعركة كتكريم لجهودهم, واعطى وسام اخر لميلر لقيادته الهجوم وتعريض نفسه للموت من اجل رفاقه, كان هذا وسام الابطال.
انصرف الجميع بعد انتهاء الاجتماع, وركب ميلر السيارة لتعيده الى النزل الذي يسكنه الضباط في شقته مع رفيقيه المصابين.
في طريق العودة وفي منتصف البلدة, بينما تمضي السيارة رأى ميلر فتاة تحمل اكياس طعام باديا عليها التعب, طلب من الجندي ان ينزله بجانب الفتاة.
نزل من السيارة, فالتفتت الفتاة لترى من هو, نظرت اليه والدهشة بادية على قسماتها, اقترب منها وتحدث: "دعيني اساعدك".
كانت تلك الفتاة كرايس محتضنة كيسا بذراعها اليمنى, وممسكة بيدها اليسرى سلة, سحب ميلر الكيس وحمله عنها, ثم القى التحية واشار اليها ان تمضي الى بيتها فسوف يرافقها الى هناك.
القت التحية واخبرته انه ليس هناك داعي لذلك, لكن ميلر لم يفهم مقصدها فأجابها بابتسامة وطلب منها المضي قدما.
كانت ترتدي رداء شتويا ازرق اللون وحول فتحات العنق والذراعين فرو بلون رمادي متناسقٍ مع عينيها, وحذاء جلدي فاخر.
كان بعض المارة ينظرون اليهم باستغراب شديد, فصمت كرايس كان باديا عليهما سويا, استنشقت كرايس انفاسا من عطر ميلر, لم يعلم انها كانت تهوى ذلك العطر وانه من افضل انواع العطور في بلدها, فظنت ان ميلر تعمد في وضعه من اجل جلب الانتباه.
أنت تقرأ
جليدية المشاعر
Storie d'amoreوبين صدى المدافع وهدير الرصاص وغيوم الدخان. وبجانب حطام قلوب المباني والعمران هناك, نظرت نحوه تلك الرمادية بعنفوان وهو حارس بوابة الموت العابر للمحيطات في خضم زمن الويلات والدمار وجنون بني الانسان حمل بندقية مشاعره وثار ضد اعدائه مناديا بولاء عشقها...