الفصل الثالث والعشرون: حديث الرماد
تنظر الى الشفق, يلمع في عينيها الرماديتين اللتين ملئتا دموعا مزجت بلون الشمس الاصفر وذكريات زمن مغبر على جدار عينيها الرمادي, لوحة تمنى مايكل رسمها, ومسرحية حزن جاهد شكسبير في وصفها, فمشهد جلوسها على المقعد الخشبي المشابه للون عينيها ومنظر شروق الشمس امامها كان كافيا لجعلها قصة تلخص معاناة البشرية في ورقة واحدة, فهي جالسة على تلك التلة وحيدة وبجانبها على المقعد وردة بيضاء وحيدة.
صعد اليها شاب اتى من بعيد, وصل ثم جلس بجانبها, ووضع الوردة في يده, شم رائحتها ثم نطق كلمات كانت: "حتى الوردة تفوح حزنا".
تحدثت قائلة: "لم تركتني, واتيت بعد طول غياب تريد بدء ملحمة العذاب؟ ".
اكمل ينظر للأفق, للشمس, للصباح الهادئ المنير بالحياة, تحدث غير مكترث: "فستانك يلخص الغابة والسماء, وكل تلك المروج الخضراء, احسنت في انتقاء الرداء".
الرمادية تحدثت بكلمات قاتلة: "اتدعي حبا؟ وانت لم تبحث عن قلب كنت تطلبه, هل استحق ان تتركني لأجلها؟ والان اتيت تريد الغفران, لن تنال غير لعنة جميع الاديان".
ادمعت عيناه, فغصب على ان ينازلها الكلام: "انت من تركتني حبيس الاوهام, فقد وهبتك الحب والهيام, وانت لم تعطيني حتى ابتسامة في الاحلام, بل كنت لا تسمحين لي حتى بالكلام".
الرمادية: "اتيت من المجهول, بحب خجول, تريد امتلاك قلب للحب مقفول, من يرد ملكة الرماد يرضى بالسواد لونا وبالحب حداد".
ثم سألها: "هل تذكرتني بعد فوات الاوان؟ ".
الرمادية: "نعم, لقد اعيدت الساعة الي, متوقفة على تلك الثانية التي فصلت بيننا, وما ان ارتديتها حتى تذكرت كل شي, بل كل ثانية, لكن ما قصدك بعد فوات الاوان ؟".
ابتسم في وجهها ثم تحدث: "كان ثمن استرجاع ذكرياتك يعادل موت انسان, فقبلت الرهان, فوهبت جسدي قربان لشيطان, غرز الموت في قلبي ورماني في نهر النسيان, ربما لن اراك بعد الان".
امسك يدها ووضع قبلة فيها ثم وضع الوردة بها, واغلق اصابعها على الوردة بأحكام, نهض ليغادر, فأمسكت يده وتحدث تسأله: "اين سأجدك؟ ارجوك لا تتركني حتى ان طلبت منك ذلك".
سكت لحظات ثم تحدث: "اتبعي قلبك سيقودك الى مكان اخر انفاسي, لن اتخلى عنك حتى بعد الموت, فقد عشقتك فوق التراب, وسأبقى اذكرك تحت التراب, ستهوم روحي حولك حتى يوم الحساب".
وما ان ترك يدها وهم بالذهاب, نطقت احرف اسمه التي اعادتها الى بوابة الحياة, افاقت من نومها, نظرت حولها فأيقنت انها كانت تحلم, نظرت الى يدها فوجدت ساعتها ولا زالت ترتديها متوقفة على تلك الثانية.
ثم تذكرت ان جوزيف اعطاها الساعة مساء امس واخبرها ان ميلر سمع اخبار عن صديقه فذهب مسرعا ليجده, وقد طلب من جوزيف ان يودعها نيابة عنه, وان يعيد لها ساعتها كعربون صداقة الماضي وانه ربما لن يراها بعد الان.
أنت تقرأ
جليدية المشاعر
Любовные романыوبين صدى المدافع وهدير الرصاص وغيوم الدخان. وبجانب حطام قلوب المباني والعمران هناك, نظرت نحوه تلك الرمادية بعنفوان وهو حارس بوابة الموت العابر للمحيطات في خضم زمن الويلات والدمار وجنون بني الانسان حمل بندقية مشاعره وثار ضد اعدائه مناديا بولاء عشقها...