عام 2000
واشنطن, الولايات المتحدة الامريكية :
اغلق الرجل العجوز الكتاب ونهض يصرخ مناديا اسمها, فبعد مرور خمسين عاما, كان ميلر قد اوشك على ان يكون عمره ثمانين عاما, خرج من غرفته وهو يفيض الماً.
كان يوما ماطرا كذلك اليوم المؤلم, لكأن القدر يعيد ذلك اليوم بكل اجوائه الغاضبة وذكرياته المؤلمة, خرج من المنزل واتجه نحو مكان اعتاد ان يقصده كل يوم.
ومن بعيد وتحت قطرات المطر وصوت الرعد, اقترب رجل عجوز اخر كان متجها الى نفس المكان ترافقه زوجته التي تساعده في المضي قدما.
ثم بعد لحظات اتى رجلان احدهما مع زوجته والاخر وحيدا ونزلا من سيارة واحدة, كان ميلر اول الواصلين الى المكان, فوجد تلك المرأة العجوز جالسة بجانب القبر الذي اعتادت ان تسقيه طوال خمسين عاما, كانت كل صباح تترك عائلتها وتأتي لتجلس ساعة كاملة بجانب القبر الذي احتوى في داخله على جسد القبطان اليكس.
انها تايلور الفتاة الوفية التي لم تكل ليوم عن الحضور الى قبر اليكس, وضع ميلر يده على كتفها ثم تحدث قائلا: "لم ارى في حياتي امرأة وفية مثلك, شكرا لك من اجل كل شي".
وصل كوست وميلا الى المكان, ووقفوا بجانب ميلر, ثم بعد قليل اتى وليام و زوجته, وسميث الذي ماتت زوجته قبل عدة سنوات لتتركه وحيدا, ووصلت امرأتان عجوزتان الاولى ترتدي زي الممرضات كذكرى من اجل لقاء اليوم, والاخرى ترتدي زي الراهبات.
نهضت تايلور واحتضنتهم واحدا تلو الاخر, ثم ابتسمت ونظرت الى قبره وهي تقول: "ان هذا اليوم يذكرني كثيرا بك, لم انسك ولو للحظة, لكن اليوم كأنه يشبه ذلك اليوم قبل خمسين عاما, لولا رفاقك بجانبي الان لكنت قد لحقت بك فلم اُردِ الحياة ابدا من دونك".
جلس ميلر على ركبته واخرج قلادة الصليب من عنقه ثم وضعها على قبر اليكس وتحدث: "لقد كنت الاخ والصديق, كنت اشجع رجل عرفته, وها انا اليوم اعيد لك قلادتك التي لطالما كانت سيف النور في ظلمات ومحالك الحياة, فلترقد بسلام ايها القبطان".
ثم نظر الى قبر ايفانيش المجاور لقبر اليكس, اكمل يقول: "لم تعرف معنى الهزيمة, كنت رجلا حاد الطباع, كنت بأختصار اشجع واصلب رجل عرفته".
تبعه الجميع يتلون صلاتهم سائلين الرب ان ينقذ ارواحهم الطاهرة وان يرعاهم في هذه الارض حتى يحين موعد اللقاء.
اتى من بعيد شخصا يحمل معطفا, اقترب منهم ثم وضع المعطف على كتف تايلور, تحدثت بصوتها الهادئ: "ستمرضين يا صديقتي العزيزة, ارتدي هذه".
تايلور: "شكرا لك يا كرايس".
كرايس: "شكرا لك منذ خمسين عاما وانا اصلي واشكر الرب لأنقاذك لي".
ابتسم ميلر واغمض عينيه قليلا مستعيدا بالذاكرة ذلك اليوم الفاصل في حياتهم جميعا, فقبل ان تفارق كرايس الحياة حقنت تايلور كرايس بحقنة مضادة او بترياق شافي.
أنت تقرأ
جليدية المشاعر
Romanceوبين صدى المدافع وهدير الرصاص وغيوم الدخان. وبجانب حطام قلوب المباني والعمران هناك, نظرت نحوه تلك الرمادية بعنفوان وهو حارس بوابة الموت العابر للمحيطات في خضم زمن الويلات والدمار وجنون بني الانسان حمل بندقية مشاعره وثار ضد اعدائه مناديا بولاء عشقها...