الفصل الثاني والعشرون: لقاء الرماد
تسارعت نبظات قلبين, الاول عشق حتى فناء الارض, الاخر صمت حتى نهاية الزمان, نظر اليها, الى عينيها المخيفتين لكأنهما عيني ذئبة جائعة تريد تمزيقه شوقا واشتياقا.
ركض اليها وهو يصرخ بأسمها محطما القيود, وصل اليها واحتضنها ثم لفها بين ذراعيه, حلق بها كطفلة صغيرة, ثم توقف ينظر الى عينيها, يلمس وجهها, ويشم عطرها.
تحدث بكل جنون: "كرايس, انت على قيد الحياة".
اجابت بكل هدوء بعد تلك الملحمة الغرامية والشجون: "نعم انا على قيد الحياة, هل اعرفك !".
صعق ميلر, شعر بالبرود, تمالك نفسه ثم تحدث: "كرايس, الا تتذكريني؟؟؟ انا ميلر".
كرايس: "اسفة, انني حقا لا اتذكرك, لقد فقدت الذاكرة".
انه المحارب المكسور سيفه, انه العبد المسلوب حريته, انه الاب الذي ذبحت عائلته, فراق دام قرون الذكريات, دموع فاضت كبحار الاهات, سكرات كأنه يموت كل مساء.
انها لا تعرفه, فبعد ان احتضنها بين يديه تلك الجليدية المشاعر, باتت الان ميتة المشاعر, كيف له ان يشعل حياتها ويذيب جليد ذكرياتها, لم يعرف ماذا يفعل سوى النظر في عينين كانتا حقا من رماد.
تحدث بنبرة الم: "لقد كنت ممرضة وساعدتني كثيرا ايام الحرب, الم تحاولي تذكر الماضي !".
كرايس: "لا استطيع, ولا اريد, انني انسانة جديدة, لقد توفيت كرايس منذ زمن".
في تلك الاثناء اتى جوزيف الى المكان حيث كان هو وكرايس متفقان على اللقاء, ليرافقها الى عملها اذ ان ايزابيل مريضة فلم يشأ ترك كرايس تتمشى وحيدة.
جوزيف: "مرحبا كرايس", كرايس بدت مرتبكة قائلة: "اهلا جوزيف".
سألها جوزيف معلقا: "الن تعرفيني على صديقك؟ ", اجابه ميلر معرفا عن نفسه: "ادعى ميلر, صديق قديم لكرايس ايام الحرب, لقد كنا سويا يوم الحادث الذي افقد كرايس ذاكرتها".
جوزيف: "تشرفت بمعرفتك, وانا ايضا صديق لها لكنني اقدم منك".
ميلر: "الشرف لي, لكنها الان لا تتذكرني بتاتا".
جوزيف: "وانا ايضا, ولن استسلم حتى تعود لها ذاكرتها", ثم امسك يدها ونظر الى وجهها بأبتسامة امل وحب.
اكمل قائلا: "تفضل معنا, سنذهب لأحتساء القهوة بعد ايصال كرايس لعملها".
ميلر: "ربما المرة القادمة, كان شرفا لي التعرف اليك".
جوزيف: "اذا رغبت في لقائي, سوف تجدني في شركتي الخاصة جنوب المدينة, انني معروف هناك, انه شرف لي ان اتعرف الى صديق كرايس ايضا".
انطلق جوزيف وكرايس يمضيان سويا, ممسكا يدها والشمس تلمع في وجههما, بقي ميلر واقفا ينظر الى المشهد بألم, انها على قيد الحياة, لكنها تمسك يد شخص سبق ميلر بحبها.
أنت تقرأ
جليدية المشاعر
Romanceوبين صدى المدافع وهدير الرصاص وغيوم الدخان. وبجانب حطام قلوب المباني والعمران هناك, نظرت نحوه تلك الرمادية بعنفوان وهو حارس بوابة الموت العابر للمحيطات في خضم زمن الويلات والدمار وجنون بني الانسان حمل بندقية مشاعره وثار ضد اعدائه مناديا بولاء عشقها...