ch21

826 67 4
                                    

* ايما*

( اليوم الواحد والعشرين- الظهيرة)

" بالمناسبة.." قال تشانيول وهو يوم بشرب القهوة.
رفعت رأسي من الوشاح التي كنت احيكه ونظرت له ليكمل حديثه.
" عائلتي ستأتي بعد يومين." اكمل حديثه.
" هذا رائع." قلت له مبتسمة.
" ما الذي يبهجك بهذه الطريقة؟" سألني مبتسما.
" كلا، ولكني فقط افتقدت وجود والدتك بالجوار." قلت له .
انا نصف كاذبة، فانا احب وجود والدته فعلا، ولكني اريد تشانيول أن
يحتفل معهم وينسي امري، لا اريد أن يراني احتضر وروحي تغادر جسدي
ببطء.
هز تشانيول رأسه ومسح فمه بالمنديل ثم نهض من الطاولة.
بدأ وكان شيئا ما يشغل تفكيره، فهو عادة ما يلقي النكات ونحن نتناول
الغداء.
قمت بتنظيف الطاولة ثم دخلت للغرفة حتي احاول معرفة ما خطبه.
لم اجده ولكني سمعت صوت الماء في دورة المياه، لاجد ظله يقف
عبر الباب الزجاجي لحوض الاستحمام.
" تشانيول.." ناديته وانا افتح الباب.
لاجده يجلس في الحوض مستديرا ليواجهني بظهره ويضع رأسه بين
كفيه والماء ينهمر فوقه.
" تشان.." كنت سأسأله ما الخطب.
ولكنه فاجأني بقوله:" ايما.. غادري"
كان صوته مرتجفا، وكان في صوته نبرات بكاء.
" ما الذي حدث فجأة؟ لقد كان كل شيء بخير قبل قليل.
" حسنا، تركت لك المنشفة فوق الحوض.." قلت بهدوء ثم خرجت.
تشانيول ذلك النوع الذي يحب الإنفراد بنفسه عندما يواجه أمرا ما، لذا تركته
وحده وبقيت انتظر في الغرفة.
بعد نصف ساعة خرج تشانيول بشعره المبلل والمنشفة متدليه من خصره.
عانقته من الخلف ووضعت رأسي علي كتفه.
" لنخرج." همست له.
شعرت بتشانيول يبتسم، ثم لف جسده ليواجهني وانزل رأسه ليطبع قبلة
سريعة علي شفتاي.
" ناوليني معطفي.." قال مبتسما.
ابتسمت له بالمقابل وناولته معطفه وسحبت معطفي ثم ارتديته استعداداً
للخروج.
في الحقيقة انا صحتي متدهورة، ولا اشعر اني اريد الخروج ولكني طلبت
هذا حتي أقوم باسعاد تشانيول والتخفيف عنه.
صعدنا للسيارة، ولاحظت عينا تشانيول حمراوان ومنتفختان.
أتساءل ما الذي حدث ليجعله يبكي بشدة هكذا؟
لا اريد سؤاله فانا لا احب اجبار احدهم علي التكلم، اذا اراد اخباري كان سيفعل
بنفسه.
" اين سنذهب؟" سألته.
" انتي من طلب الخروج، اختاري." أخبرني.
صمت قليلا لأفكر انا فقط اريد الجلوس بالمنزل مع تشانيول، نتبادل
الاحاديث والنكات، اريد ان تكون اخر لحظاتي معه.
لكنه يحتاج أن ينسي همومه الان لذا أنا لن اتخلي عنه.
" اريد التزلج." قلت له بعد تفكير.
التفت لي تشانيول ورفع حاجبه.
" ما الخطب؟ انه فصل الشتاء لسبب يا تشانيول، حتي يتزلج الناس و.."
بدأت اقول له.
ولكنه قاطعني بوضع شفتيه علي شفتي بعنف.
رفع رأسه بعد عدة ثواني ونظر لي.
" هل اخبركي احدهم قبلا بانكي جميلة وانتي مندمجة في الحديث؟"
سألني بصوته الهادئ.
" كلا.." همست له.
" انتي كذلك فعلا." عاد يقول لي مبتسما.
" شكرا ولكن سائق السيارة يحدق بنا في المراة." قلت له ضاحكة.
اعتدل تشانيول في جلسته ثم طلب من السائق أن يأخذنا لحلبه التزلج.
كان الطريق قصيرا، نظر لان حلبة التزلج كانت تقع بالقرب من الفندق.
خرجنا من السيارة، لنجد الحلبة تشع بالاضواء وصوت الاغاني الصاخبة يملأ
المكان.
" ساعترف لك لا اعرف التزلج." بدأت اقول لتشانيول.
" ماذا لا اسمعك." صرخ تشانيول لاسمعه.
" لا استطيع التزلج " صرخت له.
" ساساعدكي." صرخ مجددا.
ارتدينا احذيتنا ثم توجهنا للحلبة.
كانت الحلبة لا يوجد بها أحدا بمفرده، فالكل يتزلج مع الأشخاص الذين
يحبونهم، البعض يقبلون بعضهم في الاركان والبعض لآخر يقومون بالتزلج
بطريقة رومنسيه..ثم هناك انا التي تتشبت بمعطف تشانيول ثم سقطت أرضا.
ساعدني تشانيول علي النهوض وحاول تعليمي.
ثم بدأت افكر، لو كنا انا وهو واقعان في الحب لكنا الان نتزلج مثلهم، نمسك
بايدي بعضنا البعض وتقبل بعضها مثلهم.
شيء ما انكسر بداخلي وانا اراقبهم.
" اتصغين لي؟" سألني تشانيول.
" همم؟ ماذا؟" افقت من تفكيري.
" كوني متوازنة وانسيابية في حركتك." عاد يقول لي تعليماته.
حاولت التركيز فيما يقول ولكن لا جدوي.
بعد نصف ساعة من المحاولات الفاشلة، ندمت علي اقتراحي فكرة التزلج،
الم يمكننا قضاء يوم ممتع في مقهي أو شيء كهذا؟
ولكن لا بأس، فتشانيول يبدو سعيدا، لقد التف حوله عدد من الفتيات من أجل
الصور وتحدث معهم تشانيول وسمعته يضحك. لذا جلست جانباً اراقبه مبتسما
يتزلج معهم.
عندها أدركت.. بأني سواء كنت سأموت ام لا فانا في كلتا الحالتين لا مكان
لي في حياة تشانيول.
انا مجرد فتاة متواضعة لا شيء مثير للاهتمام، أما هو فذلك الرجل الذي
يجوب العالم للغناء.
انا؟انا مجرد شيء صغير في حياته وستختفي عما قريب.
شعرت بالعطش فالقيت نظرة لتشانيول لاجده مازال يتزلج ويتحادث
معهم، يبدو مبتهجا ولا أريد مقاطعته لذا نهضت وحدي وتوجهت للمقهي
الصغير الذي يقع بجانب الحلبة.
" زجاجة ماء واحدة من فضلك." طلبت من الموظف.
ابتسم لي وطلب مني الانتظار.
شعرت باحدهم يضمني من الخلف.
" ما الذي تفعله ملاكي وحدها؟" سألني تشانيول.
" شعرت بالعطش." قلت له.
" كان يمكنكي اخباري لنذهب سويا ." قال لي مجددا وقد شعرت بانفاسه
الدافئة ترتطم بي.
" لقد بدوت مندمجا في الحديث." صارحته.
قام تشانيول بلف جسدي نحوه لاقابل وجهه وحدق بي بعينيه.
" اعلم انكي طلبتي الخروج لاجلي.. شكرا" قال وعيناه لا تفارقان عيناي.
" لا مشكلة." أجبته مبتسمة.
" انعود؟" سألني وقد امسك بيدي.
اومات رأسي بنعم .
مشاعري تجاه هذا الرجل لا استطيع اختصارها في كلمات.
انا فقط ببساطة.. أحبه.

* تشانيول*

( اليوم الثاني والعشرين- صباحا)

مثالية .. مثالية هي بمعني الكلمة.
كيف لها ان تعرف فيما افكر.. وكيف افكر..؟
تعرف كيف احب قهوتي ومتجر الملابس المفضل عندي، تعرف متي اكون
حزينا من صوتي والعكس..
في اليوم السابق حين دخلت لاستحم تفاجئت اني وجدتها قد قامت بتجهيز
الثياب النظيفة لي، والمنشفة ايضا وكل شيء، هي تهتم بي كما لو كانت تهتم
بنفسها.
ثم فكرت كيف لو اني استيقظت ذات يوم ولم اجدها ، كيف لو اني عدت
يوما للمنزل وناديتها ولم تجيب؟
لم استطع تمالك نفسي وتفاجئت ببكائي في ارض دورة المياه.
لم استطع أخبارها اني بكيت من أجلها.
قاطع تفكيري رنين الهاتف، فسحبت هاتفي لخارج الغرفة حتي لا تستيقظ
ايما.
" مرحبا امي." اجبت.
" اهلا ايها الكسول." قالت لي.
" ما الجديد؟" سألتها.
" لا شيء سوي ان شقيقتك تكاد تموت من السعادة لأجل رؤية ليو في باريس
عندما تأتي ." قالت لي.
" ليو؟ الم يكن شاذا؟" سألتها باستغراب.
" أجل أنه كذلك." اجابتني ببرود.
" وشقيقتي ستعترف بحبها له؟ هل هي مجنونة؟" سألتها متعجبا.
" وما الخطب في هذا يا تشانيول؟ علي الأقل الاعتراف سيجعلها تشعر
براحة نفسية، فهذه فرصة." شرحت لي بهدوء.
" كيف تعتبر راحة نفسية؟ لست افهم تفكيركم." قلت لها ضاحكا.
" تخيل لو انك تحب شخصا ميت فارق الحياة؟" سألتني.
ابتلعت ريقي واجبتها:" ماذا في ذلك؟" عادت تقول:" لن تستطيع إخباره
عن مشاعرك وستظل مشاعرك تقوم بتعذيبك، لذا فشقيقتك تملك فرصة.
وبطريقة ما قامت كلماتها بهز أعماقي ، وفكرت في ايما.
" امي علي الذهاب." قلت لها سريعا واقفلت الخط.
دخلت الغرفة مسرعا لاجد ايما لازالت نائمة.
استلقيت بجانبها، وتاملت وجهها.. كم كانت ستكون أيامي الماضية كئيبة
وسوداء دون ظهورها الغامض.
هل أحبها؟

يتبع...

تجاهلوا الأخطاء الايملائية 💗💗💗🙋

تعويذة الشهر الواحد {مكتملة}حيث تعيش القصص. اكتشف الآن