الصفحة الرابعة

74 18 14
                                    

ذكرى لاحت أمام ناظري بينما أقود السيارة .. عندما لاحظت علي إحدى الكافيهات ماتش الكرة الذي كان يدور بين فرقتي الأهلي و الزمالك في الدوري المصري .. كانت الأمطار غزيرة
ذكرى قديمة منذ خمس سنوات في مكان آخر .. في القاهرة حيث كانت دراستي في كلية الصيدلة بجامعة القاهرة

المبادئ لا تتجزأ .. ثم نشر علي صفحة الفيس بوك .. و ظللت أتابع آخر الأحداث علي صفحة الفيس ، كان هناك منشور عن ماتش مصر و غينيا في تصفيات أمم أفريقيا
ناديت علي بكر في الغرفة المجاورة " بكر ، ماتش مصر و غينيا النهاردة هتسمعوه ؟! "
سامي هو من رد " إحنا نازلين نسمعوه علي القهوة ، جاي ولا هتذاكر و قرف ولا إيه "
أنا " جاي يا عم "
تم إلغاء الماتش بسبب الظروف الجوية ، كانت أمطار غزيرة ، كان الماتش في الاسكندرية ، وهي تمطر بغزارة في الشتاء بينما القاهرة يغزوها الجفاف .. رياح جوفاء جافة باردة .. غادر سامي و بكر إلي بوشينكي للبلايستيشن ، الاسم مميز أسماه صاحبه علي اسم بوشينكي في لعبة ببجي
بينما ظللت في الكافيه لأنني لاحظت أن هناك شخص ثلاثيني .. شعره مخطط بالأبيض ، و كأن كل شعرة سوداء بجانبها واحدة بيضاء بلحية بسيطة جداً مثل شعره ، كان يقرأ ذلك الكتاب ذبابة الحب
ذهب إليه
  " السلام عليكم ، سيف مع حضرتك ، أنا لاحظت إن حضرتك معاك الكتاب ده و أنا صراحة بحثت عنه كتير و ملقيتهوش "

فتحي " اتفضل خد كرسي ، وعليكم السلام ، أنا فتحي أو دكتور فتحي ، انت في كلية إيه "

" أنا في تانية صيدلة "

فتحي " لسة في البداية خالص يعني ، أنا يا سيدي مخلص علوم بقالي فترة كبيرة الحمد لله "

" كفارة يا دكتور "

فتحي " تصدق كفارة دي معرفش يترد عليها بإيه "

" ولا أنا والله ، تقريباً " و ضحكنا .. ثم أكمل فتحي " الكتاب "

" أيوة ، ذبابة الحب "

فتحي " كتااب كل المجروحين "

" متجرحتش لسة "

فتحي " هتتجرح ، كل واحد لازم يتجرح مرة في موضوع الحب ده "
ثم صمت قليلاً و أكمل " بص أنا لسه  مخلصتهوش والله "

" خلاص قولي بس جبته منين اشتريه "

فتحي " بص لو بتحب القراءة مش محتاج تشتريه ، هديهولك ، في نادي كدا .. جماعة أصحابي بنتجمع في كافييه لينا و بنتناقش في رواية كل أسبوع هتلاقي كتير منهم معاهم روايات كتيرة قريناها
أعجبتني الفكرة وقتها و عرفت عنوان الكافيه و المعاد من فتحي و ارتبطت بنادي القراءة مثله و أصبحنا صديقين منذ ذلك الوقت .. تلك  كانت البداية

وصلت إلي ذلك الشط الذي حملتني إليه دماغي .. كأنني إعتدت علي الذهاب إلي ذلك المكان ، نزلت من السيارة و مشيت حتى ذلك المكان الذي أتذكره

" بفكر مروحش النادي النهاردة "
فتحي " ليه ياعم ، وراك إيه يابيه "

" مقرأتش  الرواية لسة ، كنت بذاكر شوية "
فتحي " خلاص يعني هتعدي تانية ، هتدخل الإمتحانات أخيراً "
" قول يارب بس"

فتحي " بما إننا مش عارفين نصطاد حاجة النهاردة "
قاطعته " أنا كنت عارف علي فكرة إننا مش هنصطاد حاجة النهاردة "
فتحي " ليه ياعم الفتك ؟ "
أجبته " كمل كلامك انت بس و هقولك في الآخر"

فتحي " القصة حلوة الصراحة ، دا حتى اسمها عجبني جداً  نباح العصافير. كانت إقتراح حلو جداً "
" نباح إيه بس ، قصة إيه اللي بتتكلم فيها الحيوانات و أنا بستهيف النوعية دي "

فتحي " رواية جميلة صدقني و خفيفة ، المهم كنت هتقول إيه عن السمك مش هنعرف نصطاد ليه "

" عشان إصطادوا سمكة التونة العنيدة الصبح في ناشيونال جيوغرافيك "
فتحي " إنت عايز تنضرب ، بقيت روش طحن كدا يعني "
و ضحكنا حتى سمع السمك ضحكاتنا

ثم تكلم فتحي " سيف أنا عايز أقولك علي حاجة كدا ، أنا عملت فحوصات و تحاليل من فترة و طلع عندي سرطان في مرحلة متقدمة في الرئة  و هتحجز في مستشفى معهد الأمل 300 هنا في إسكندرية من بكرة "

سألت بتعجب و زهول " مستشفى إيه و بتاع إيه ، انت بتتكلم بجد ولا بتهزر "
فتحي " أيوة يا سيف بتكلم بجد "
" بتتكلم بجد ! بنضحك و نهزر من ساعتها و تقولي بتكلم بجد "

فتحي " أعمل إيه يعني مضحكش و مهزرش و أقعد أعيط مثلاً عشان هموت ، متخرجنيش من المود يا سيف ... اسمع هتروح بكرة للشركة تقعد مع سالم يفهمك الشغل و هتكون متابع معايا علي الموبايل كل حاجة بعد كدا "

تلك الذكرى التي لاحت عندما وقفت علي هذا الشط ، ثم أمسكت الموبايل الذي كان يرن ، إنه جاسر
جاسر " أنا جايلك عند جيلاتي عزة أهو "
" تمام أنا هقابلك علي هناك ، عربية فيرنا زهري ، هكون عندك بعد دقايق "

مخلوقات غريزيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن