الصفحة الخامسة

60 16 9
                                    

الكبتاجون هو مادة منشطة للدماغ كان يوصف بشكل رئيسي لعلاج نقص الإنتباه و منشط للجهاز العصبي المركزي و يزيد من اليقظة
الدواء ممنوع تداوله الآن لكنه موجود بشكل غير رسمي ، و هو الحل الوحيد للبقاء مستيقظاً بعيداً عن ذلك الكابوس الذي كاد أن يقتلني
جاسر " دا مش حل "
" لو نمت يا جاسر هموت ، هموت من الكابوس ده "
جاسر " لازم تشوف دكتور نفسي لأن ده مش حل ، مش هتقدر تهرب من النوم حتى مع الكبتاجون مش هتفضل صاحي علطول "

" أنا ذاكرتي مشوشة من الحادثة ، في حاجات ، تفاصيل نسيتها من حياتي الشهرين اللي فاتو دول .. تعرف لبنى "

جاسر " مش فاكر لبني ، الممرضة اللي كانت مع فتحي طول فترة السنتين في المستشفى  ، انت جيت بعد موته و سألت عليها وقتها عرفت إنها جاية بتوصية من حد في الشركة و مكنش الحد ده فتحي ولا إنت "

لاحت أمام ناظري صورة كلباً ينظر لي بتحدي خارج السيارة ، كان وهماً ثم تلاشي .. كنت أتصبب عرقاً ، أمسكت بالكبتاجون و ابتلعت حبة بريقي
و أرحت دماغي للخلف

ذكرى جديدة طرقت فصوص دماغي
كان الباب يطرق و أنا الطارق ، أرتدي الكمامة و غطاء الشعر و أشياء أخرى معقمة ،  أنتظر الإذن ثم أدخل عندما أسمع ذلك الصوت الذي لا يتعب أبداً ولا تهده تلك الأمراض ، فتحي بالداخل بجانبه أسطوانة الأكسجين و الجانب الآخر كيس العلاج بالكيماوي و تلك الخراطيم تخرج من جسده من كل مكان ، أهلكه المرض فعلاً

فتحي " سيف باشا " فرددت عليه " صباح الخير يا باشا مصر ، إيه الخراطيم دي كلها ياعم ، في خرطوم زيادة عن إمبارح "
فتحي " فين سبع "
" مرضيوش بدخلوني بيه المرة دي لأنك كنت تعبان جداً إمبارح و مناعتك ضعيفة جداً و ممكن ...."
لم أستطع إكمال كلماتي حتى ظهرت ملامح و علامات الغضب و العصبية علي وجه فتحي و قاطعني
فتحي " دخل سبع يا سيف ، مش همشي علي مزاج حد ، مفيش حد يقدر يمشيني علي مزاجه "

قاطعته " هدي نفسك شوية بس ، افهم ، أي بكتريا و لو ضعيفة جداً ممكن .."

قاطعني و صاح و عروق رقبته مشدودة على آخرها " دخل الكلب يا سيف "

خرجت و أحضرت سبع من لبنى الممرضة التي كنت قد تركت سباعي معها ، إنها أكثر شخصية نتعامل معها في مستشفى معهد الأمل 300
كان فتحي معجب بها و دائماً ما كان يغازلها .. كانت في أغلب وقتها موجودة معه .. دخلت معي إلي غرفة فتحي و معنا الكلب و تكلمت أمامه لإغاظته
لبني" برضو حكم دماغه و مسمعش  الكلام "
رددت " دماغه جزمة قديمة "

فتحي " إنتو و أنا عارفين كويس مصيري ، أنا كدا كدا ميت ، مش فارقة كتير يا سيف ، هي بس مسألة وقت و أنا مش ناقص نكد ، مش كفاية مانعين عني التدخين "

أنا " دي الحاجة الوحيدة اللي مش هنفرط فيها ، سيجارة واحدة بموت فوري "
فتحي " عشان انت مبتدخنش مش حاسس بالموضوع "

" أنا راجل عندي مبادئ ، مبدخنش عشان مبدأ مش حكاية التدخين مضر و خلاص "
فتحي " حاضر يا دكتور الشعارات ، أنا مش هتكلم قدام لبنى "
" انت بتهددني يعني " وسط الكثير من الضحك
لبنى " شكل الحكاية فيها أسرار ، أطلع ولا إيه "
" ياريت والله يا لبني قبل ما الفضايح تبدأ "

فتحي كان صاحب فضل كبير جداً عليّ ، رغم الفترة القصيرة التي تعرفت عليه فيها إلا أنني في تلك الفترة تعرفت شخصية رجل من أفضل من تعاملت معهم في حياتي .. شخص وثق في و أعطاني مفاتيح شركته ... لا يهمني كيف كان قبل ذلك فالجميع يحمل في محفظته وجوه قديمة
لا أنفك أتوقف لحظة واحدة عن تذكره و عن  حزني عليه

عدت للآن في سيارتي و بجانبي جاسر الذي هم بالخروج فأمسكته لأسأله سؤالاً

" جاسر أنا سألتك عن لبنى بعد ما فتحي مات صح ؟ "
جاسر " آه ، سألت عليها بعد ما اسمها اتذكر في   الوصية بتاعت فتحي ، كنت شاكك إنها تكون اتسببت في موت فتحي "

أنا " فتحي مات بسبب بكتريا إتنقلتله من سبع الكلب بتاعه "

جاسر " دا اللي كنا عارفينه ، لكن انت كنت شاكك فيها بعد موضوع الإشتباه في الزهايمر "
" يا جاسر أن بجمع بصعوبة الأحداث .. في حاجات كتير وقعت مني و مش فاكرها "

جاسر " أنا هحكيلك "

مخلوقات غريزيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن