الصفحة السادسة عشر

37 12 2
                                    

مجدي كان يحتفظ بأمر سالم للنهاية
مجدي " سالم قتلته هو كمان و دفنته و مفيش حد هيشم خبر عنه و قبلها خليته كتبلي تنازل في ورقة عن نصيب مراته و أخدت منه قسيمة الجواز ، طلعوا كانوا متجوزين بقسيمة مش عُرفي ... شوفت بقي ، عرف إني قتلت مراته و قبل ما أقتلها إغتصبتها ، و عرفت أجبره إنه يتنازل و يسيبيلي كل حاجة و كمان قتلته "

" إنت بتهددني " قولت هذا بينما كان يقف ليريني التنازل و القسيمة
مجدي " أيوة بهددك "
ثم جلس و أكمل " لو ما إتنازلتش عن نصيبك في الميراث كدا ، أنا هقتل بابا و هقتل فيروز ... و هقتلك و هقتل الورثة اللي هيورثوك لحد ما آخد فلوسي
كل دي فلوسي أنا .. لو كنت تعرف فتحي تلت سنين فأنا أعرف فتحي لمدة عشر سنين مكنش ماه ربع اللي عمله ده ، كل دا بفضلي "

" لو أخدت الفلوس بتاعتي مش الحل يا مجدي ، الفلوس أكتر من نصها متجمدة في الشركة و المصنع .. لو إتباعو مش هيجيبوا الفلوس دي ، لكن لو فضلوا تحت إدارتي الفلوس هتتضاعف "

مجدي " أنا عايز التنازل بكرة أو بابا هيروح زيارة لكوم رضوان "
" إنت تعرف كمان عن كوم رضوان " مكان مقابر أهلي
مجدي " أنصحك متفكرش كتير يا دكتور ، المسدس اللي كان في خزنة فتحي ناقصة من خزنته رصاصة .. أنا و فتحي اللي كنا نعرف عنها ، متشغلش دماغك ، الفلوس دي مش من حقك و مكانتش هتبقي من حقك "

غادرت الشقة عائداً إلي الإسكندرية ، لكنني قررت أن أذهب إلى بلدي كي أرى والدي و أطمئن عليه و لكي أجد مذكراتي .. أردت أن أتأكد من آخر ذكرى كتبتها فيها .. لقد إكتملت في دماغي كل التفاصيل إلا تلك التفصيلة الأخيرة

كنت أحدث نفسي طوال الطريق .. هل يمكنني التخلي عن المال من أجل أبي و أختي ..
أعطاني فتحي ذلك المال و هو لم يكن مجاني ، تفرغت لإدارة الشركة علي حساب دراستي ..
عشت فقيراً لا أملك المال لأصرف منه و عشت غنياً أستطيع شراء السيارة التي أريدها و الهاتف و الملابس و كل ما حلمت به .. أن أموت أفضل إليّ من أن أعود فقيراً ... لن أسمح لذلك الكائن أن يحصل على هذا المال و صرفه علي الحشيش و الهيروين .. لن أسمح بهذا ولو علي حساب موتي
لكن الأمر لا يتوقف عليّ وحدي .. يتعلق بأبي و أختي و هما بالتأكيد أغلى عندي من كل الأموال
شركتي هي من تقوم بتصنيع المبيد الذي إشتراه خالي و مات بسببه ، تلك المادة ، الفوسفين هو المادة الخام التي نستوردها من الخارج و هي المكون الأساسي للمبيد الذي نصنعه ، و هذه المادة تم منعها في الخارج و في مصر و أصبحت غير قانونية  لأنها تنتقل في الهواء و قد تسبب الموت كما حدث مع خالي
لتفادي خسائر الشركة كنت أنا من إقترحت أن نزعم أننا استبدلنا الفوسفين بمادة أخرى لكن فقط على ورقة المنتج بدون تعديل حقيقي ، لابد أن  ذلك هو الذنب الذي دونته في مذكراتي .. كنت آمل هذا

وصلت إلي البيت أخيراً .. تدور السلاحف في المحيط بأكمله ثم تعود في كل نهاية إلي موطنها لتبدأ من جديدة حياة جديدة ، أملت أن أكون سلحفاء عن أن أكون سمكة سالمون .. تدور و تدور و ترجع إلي المكان الذي بدأت فيه لتموت و تنتهي
وصلت .. كنت منهكاً و متعباً لدرجة عند نزولي من السيارة كنت أرى العالم يدور حولي ، كدت أن أسقط ، تقلبت أمعائي و أخرجت كل محتوياتها
تحركت محاولاً تمالك نفسي حتى وصلت لبوابة البيت و تعلقت بها مانعاً نفسي من السقوط .. كنت أسمع صوت الكلاب تنتظر مني دخول عالمها لتفتك بي للأبد .. هل تأتي نهايتي قبل أن أحقق شيء ، قبل أن أعرف ماسبب هذا العقاب ، و بدأت أصابعي تتفلت من علي البوابة الحديدية و بدأت أسقط في الجحيم و تلك المخلوقات الجهنمية ستستمتع بإيذائي إلي الأبد
و بدأ نبض قلبي يصبح ضعيفاً و قلت دقاته و الأوهام بدأت تتشكل في كل مكان .. و بدأت تكشف عن أنيابها استعداداً لتلك الوليمة الهاربة أخيراً

مخلوقات غريزيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن