الصفحة الرابعة عشر

32 12 0
                                    

كأنني أسمع صوت فتحي في ذكرى داخل دماغي
قبل موت فتحي بثلاثة أيام
فتحي " حضرت الجلسة في النادي إمبارح "
" أكيد يا باشا ، دا إنت موصيني ، و سلمت الكتابات بتاعتك لزين زي ما قولتلي و خليتهم يناقشوهم "
فتحي " في حاجات محتاجة تعديل في الرواية ؟ "
" حاجات بسيطة كدا .. خلصها كتابة بس الأول "
فتحي " مفاضلش غير حبكة النهاية بس ، و كتبتها النهاردة "

سكت قليلاً ثم أكمل " الرواية دي مهمة بالنسبالي ، دي الحاجة الوحيدة اللي كتبتها و الأخيرة برضو و هنشره ولازم يبقى مفيهوش غلطة لازم تبقى كل حاجة تمام "

" المهم ، فين النهاية اللي كتبتها دي " قولت و أنا أتجه للدولاب الصغير بجانب السرير و أبحث في أدراجه عن الأوراق التي كتبها حيث كان يضعها كالعادة ، لكنه كان لا يزال لم ينهيها علي آخرها فكانت الأوراق مازالت بالقرب منه ..

فتحي " لسة مخلصتش النهاية ، لسة باقي حاجات بسيطة ، أقولك هكتبهم بكره ... سلم دول عند إخواتهم "
استلمت منه الأوراق و تفقدتها
لم يكن أنني قد قطت كتابته ، لقد كانت مطابقة لما كتبه سابقاً و توقف عند نفس المكان .. كنت أظن ذلك حتى تأكدت عندما رجعت للسيارة و راجعت آخر ما كتب و تأكد لي أنه كرر ما كتبه من روايته
كان يكتب رواية بعنوان كائنات غريزية .. كانت عن أشخاص ناجين من تحطم طائرة خارجة من كندا ، تحطمت في منطقة القطب الشمالي
حيث تنتهي الحياة بالنسبة للبشر ، لا يوجد غير الثلج و البرودة الشديدة التي تجمد الأطراف و الموت .. لا يوجد أكل أو شرب ، فقط غريزة البقاء

كان فتحي يأمل أن آخذ الكتابات التي يكتبها إلي نادي القراءة ليناقشوها هناك ، لكنني لم أذهب إلي هناك منذ اليوم الذي رأيت فيه عزة في ذلك المكان
لربما أنا أسوأ صديق لصديقه ، كيف أمكنني أن أكذب علي صديقي المريض بمرض الموت ..  كيف أمكنني قتل كلبه بدم بارد
ماذا حدث في داخلي .لطالما كنت مخلصاً لفتحي و لطالما كان نعم الصديق هو
كانت هناك الكثير من الذكريات التي ضحكنا فيها معاً و الكثير من المواقف الصعبة التي إجتزناها معاً .. هل الإخلاص لرجل ميت أمر صعب
هل كان قتل الكلب سيوقف تلك الكوابيس .. لربما ظنن ذلك
إنني أتذكر الأحداث كأن الذي قام بها شخص آخر
كما لو أن آدم قام من موته في داخلي .. كأن سيف كان غائباً عن الوعي .
لكنه مجرد شعور يصدر من رُفات ضميري لألتمس لنفسي العذر في محاولة يائسة من نفسي لأخدع نفسي

أثار شكلي و تعبي و جروحي القلق في المستوصف .. رغم ما أخبرتهم به عن روايتي عن الحادث و خروجي مبكراً من المستشفى .. تسللت سريعاً مرة أخرى و خرجت منه
ركبت سيارة فيروز و غادرت
تذكرت عندما اقتربت من شقة المعادي تذكرت أنني نسيت أن آخذ المفاتيح
وصلت للشقة و وقفت أمام الباب و طرقت الباب
و كما توقعت هناك من خرج ليفتح الباب
كان مجدي ، خرج و هو لم يكن يرتدي سوى لباسه الداخلي السفلي أو البوكسر
نظر إليّ و هو يبتسم ، كان الدخان يملأ الشقة كما توقعت

مجدي " أهلاً بيك يا دكتور آدم "

مخلوقات غريزيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن