الصفحة الخامسة عشر

35 11 0
                                    

دخلنا إلي الريسيبشن ، كان يحتفظ بطبق فوق التلفاز أحضره معه إلي مكان جلوسه .. مليئ بأوراق البفرة و الحشيش و أخذ يجهز في سجائره
مجدي " نورت يا دكتور " فخرجت من غرفة النوم فتاة ثم دخلت مسرعة ، فأكمل " دي سماح يا دكتور "
ثم أكمل " إلبسي و روحي يا سماح بقي ، النهارة أجازة كدا "
" انت واخد راحتك جداً "
مجدي " سألت عليك في المستشفى قالولي إنك إتخضيت و هربت بسرعة ، توقعت إنك تجيلي علي هنا .. بس بابا و فيروزة قلقتهم عليك جامد كدا "
" أنا افتكرت كل حاجة .. لازم نتفاهم أكيد ، لكن اللي في دماغك ده مش هيحصل و أنا هعرف أأمن أهلي كويس "

نظر مجدي إلي و عرض علي بإحدى سجائره
نظرت له بصمت .. ثم أخذت السيجارة ، فضحك
مجدي " فاكر لبنى ، لسة ريحتها في دماغي "

كانت تلك الذكرى التي تنقصني
بعد أن سمعنا الوصية من فم جابر الديب و رأيت الغضب و الإنفعال ظاهرين علي مجدي أدركت سوء نيته

من السهل توقع ردود أفعال شخصية مثل مجدي .. شخصيات المجرمين ليست كما يظنها البعض شخصيات معقدة ، بل بالعكس تماماً  إنها شخصيات بسيطة جداً ، بعقول صغيرة و تفكير ضيقته المخدرات .. الأمور بسيطة جداً ولا توجد خطة أو خطة بديلة ، هم فقط يتبعون قانون الغابة
يتحركون غريزياً
مثل محاولة بعض الكلاب مهاجمتك عندما تمر من شارع غريب ليلاً .. رغم أنك إذا مررت من نفس الشارع نهاراً لن يحدث شيء
سيحاول أن يأخذ أموالي و أموال لبنى .. بطريقة عقلانية أو غير عقلانية
لأنه يعتقد أن هذه الأموال من حقه .. يعتقد أن فتحي خدعه ، ولا أحد يستحق تلك الأموال حتى فتحي نفسه .. إنها أمواله ، هذه حقيقة مترسخة في عقله .. سيسير مع الأمور حتى القتل رغم أن القتل لن يعطيه الأموال
أما أنا فقد فقدت عمراً و ضحيت بدراستي في سبيل ذلك المال ، لم أكن لأسمح لأحد بأن يأخذ تلك الأموال حتى لو كان هذا الأمر يتوقف علي قتلي
كانت أمامي طريقة
أن أوجه إهتمام مجدي إلي لبنى
فكنت أسأل عنها و أراقبها ، لم تكن موظفة في مستشفى معهد الأمل .. كانت ممرضة في مستشفى غيره .. كنت أقف بالسيارة منتظراً خروجها من المستشفى .. كانت هناك سيارة مألوفة أتت إليها لتنقلها
الشخص الوحيد الذي لم يأخذ من الكيكة
سالم ، كان هو من يقود السيارة ..
كنا نعلم جميعاً أن مرض فتحي لن يُشفِى منه ، إنه مرض موته .. مهما طالت فترة بقاءه في المستشفى فهو قريب جداً من موته
سالم أدرك ذلك و توقع أيضاً أن فتحي الذي أتى بي لأدير الشركة فوقه
لن يذكره بشيء في وصيته .. فقرر أن يجعل لنفسه سبيلاً
أحضر إليه الفتاة
كان ينقلها إلى شقتها في الإسكندرية .. في تلك العمارة التي تذكرت أنني كنت أقف تحتها قبل سفري إلي البلد لرؤية أمي ..
لم يكن الأمر كما كنت أتذكر ، كنت أتذكر وقوفي تحت العمارة منتظراً نزول لبنى لكن سالم نزل من الشقة و خرج من العمارة و ركب السيارة و غادر بمفرده
و ترك لبنى في الأعلى .. الأمر الذي يوحي أنهما متزوجان في السر ..
كان لدي رقم مجدي .. كان قد أعطاه لي عندما قابلته في شقة المعادي لأول مرة .. اتصلت به و طلبت مقابلته .. كان لا يزال في الإسكندرية

كان يخبرني مجدي بذلك اليوم و يفكرني به الآن
مجدي " فاكر لما جيتلي القهوة ، و قولتلي أنا في صفك يا مجدي .. مين لبنى دي اللي يكتبلها ربع الميراث معانا .. "

كنت أتذكر الأحداث بينما يتكلم ، لقد إحتفظت بأسوأ ذكرياتي للنهاية
كنت أتذكر تلك الكلمات التي قلتها وقتها " لبنى فلوسها مش من حقها يا مجدي و الموضوع محلول ، أسهل حاجة إنك تهدد بنت .. متجوزة في السر و بتفضل في الشقة لوحدها .. هتدخل زي ما بتعرف تعمل كل حاجة ، هتعرف إزاي تاخد منها التنازل عن نصيبها في الوصية ... أنا جبتلك العنوان "
مجدي " أنا كنت أعرف أجيبه لوحدي ، بس متشكرين يا دكتور "

كنت أعتقد أن توجيهه نحو لبنى سيجعله بعيداً عني و سيجعلني بذلك بعيداً عن المشاكل .. لكنه كالكلب المسعور لم يكن سيمكث طويلاً حتى يهاجمني

تكلم مجدي و قطع استرسال ذاكرتي بنبرته التي تغيرت فجأة و كأن مفعول سيجارته إنتهى
مجدي " طلعتلها الشقة يا دكتور ، بكل بساطة .. ضربت الجرس و فتحتلي و دخلت .. ودي العظة هنا إننا منفتحش الباب لأي حد ، لأنه ممكن يكون مجنون
أثارني جمالها و معرفتش أتمالك نفسي ، مقدرتش أهددها بالمطوا بس ، وهي لم تستطع الاستسلام  باللغة العربية الفصحى ، قاومت فضربتها .. شقيت بطنها و ماتت بين دراعاتي .. خسارة فعلاً ، خسارة ناس بالجمال ده تموت .. مين كان صاحب الفكرة .. إنت ، فجبتهالك الشقة عندك "

" البوليس هيعرف إنك اللي قتلتها "
مجدي " هيعرف إني قتلتها .. كدا أنا خوفت جداً ، مش تستنى تعرف بقيت الحكاية طيب .. و إنت نايم  ، مش مفتقد سالم ، منا شغلت دماغي ، الفلوس مضاعتش .. نصيبها اللي ورثته هيورثه سالم "

مخلوقات غريزيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن