الصفحة الثانية عشر

43 12 2
                                    

زين هو العضو البارز في نادي القراءة ..
من يحبون القراة في هذا العالم هم في خطر الإنقراض .. عددهم قليل ، و أكثر ما يحمل إليهم البهجة هو إيجاد أشخاص مثلهم
لا أعلم لماذا نبحث عن أشخاص يشبهوننا و نسعد كثيراً بوجود أوراق تشبه أوراقنا .. حتى إن القدر غالبنا ما يلقي إلينا السبل لذلك
لا يقتصر الأمر علي القراءة و الإهتمامات البسيطة .. لكنه يؤول إلي الحب أحياناً
الحب .. ذلك الشيء الغريب ، كتلة المشاعر التي تثيرها رغباتنا من الداخل و نتحرك كما لو تحركنا غرائزنا لنتكاثر و ننتشر .. إنها الحقيقة القبيحة لسبب تلك المشاعر النبيلة ، نحن نتحرك من داخلنا ظانين أننا أصحاب القرارات السامية و المشاعر النبيلة و لكنها في الحقيقة أفكار غريزية يتبعها اللاوعي كي نحافظ علي نجاتنا علي الأرض ، ذلك اللاوعي الذي يخدعك دائماً
ينصب لك التفاصيل في أحلامك و تصدقها حتى لو كانت الحبكة ضعيف لا تليق بعقلك الواعي
وهو أيضاً في الحياة الواقعية يجعلك تتبع غريزتك في أغلفة شعارات و أشياء أخرى كتفاصيل الحلم البالية
نادي القراءة .. هم مجموعة من أصدقاء فتحي يحبون القراءة ، قرروا أن يجعلوا لهم يوماً في الأسبوع لمناقشة كتاب أو رواية ، و كل أسبوع يتفقون جميعاً علي قراءة هدف معين و يجتمعون لمناقشة ذلك الكتاب و نقده
ترأس الأمر زين و بذلك نشأ نادي القراءة كما يطلقون عليه في كافييه يملكه زين
قد عرفني مجدي عليهم و عندما مرض و تم حجزه في المستشفى كنت محافظاً على الذهاب إلي النادي في نفس الموعد

زين " ألف سلامة عليك يا دكتور سيف ، أنا عرفت بالصدفة والله النهاردة بموضوع الحادثة "
" الله يسلمك يا أستاز زين ، ولا يهمك يا باشا .. دي كانت حاجة بسيطة "
زين " أنا و الجماعة أعضاء النادي هنتجمع و نجيلك المستشفى "
" لا يا أستاز زين متتعبوش نفسكم ، أنا طلعت من المستشفى إمبارح و مش هرجع علي البيت دلوقتي عشان عندي شوية مشاكل في الشغل و البيت "
زين " خير إن شاء الله و لوعزت أي مساعدة في أي حاجة إحنا إخواتك "
" عارف والله من غير ما تقول يا أستاز زين إنت في مقام أخويا الكبير ، دي مشاكل بسيطة بس لازم أحلها بنفسي "
زين " يا مسهل الأمور يارب ، خير  ، عايزين نبقى نشوفك في النادي قريب "
" أكيد يا أستاذنا "
و أنهيت الاتصال
و تذكرت آخر مرة ذهبت فيها للنادي
كنت أتفحص جروب الواتس الذي أنشأناه للنادي و الذي كنا نتداول فيه اسم الكتاب و أماكن بيعه و مواقع لتحميله بصيغة الPDF
كان كتاب حيونة الإنسان و كنت متشوقاً لقراءة هذا الكتاب فقررت شراءه ، كنت قد إنقطعت كثيراً عن تجمعات النادي و عن القراءة .. منذ السنة الثانية من مرض فتحي
و كان هناك سبباً لذلك

أصبحت أعاني من الإرهاق و التعب من القيادة و الصداع الذي تزيد توهجه تلك الصيحات من كلاكسات و إنذارات السيارات ، و ذلك الزحام علي الدارئري
كل هذه السيارات تصرخ في دماغي و تشتت تفكيري و ذكرياتي
عندما مرة بجانبي سيارة تقودها فتاة في نفس عمري
لكنها لم تكن فتاة عادية .. كانت تشبه عزة إلي حد كبير ، فجأة ساد الصمت في دماغي و لم أعد أستمع لأصوات الضوضاء .. كنت أتصبب عرقاً رغم برودة الجو في الخارج ، إنتبهت لنفسي و لجروحي التي خرجت من المستشفى قبل إكتمال إلتئامها  ، لقد إلتهبت
نظرت حولي و أدركت الصمت .. نظرت إلي الفتاة في السيارة كانت عزة تنظر إلي و ترتدي ذلك الفستان الأزرق المشجر .. و تبتسم تلك الإبتسامة الساحرة ..
لاحظت خلفها من نافذة سيارتها كلباً شرساً يُكشِّر عن أنيابه
قمت بهز دماغي ليفاجأني كلباً من المقعد الخلفي و آخر من تحت قدمي و من
أسرعت لأحضر الشريط من الطابلو ، و أنا أحاول الدفاع عن نفسي حين قام أحدهم بعض يدي التي تحمل الشريط و عانيت مجدداً حتى أخرجت حبة واحدة لأبتلعها .. و سقط مني الشريط تحت قدمي و هجم ذلك الكلب الذي يقبع تحت عليّ بين رجليّ في ، والألم الذي لا يتحمله بشر لكنني بدأت بفتح فمه بيدي و محاولة ركله بينما السيارة كلها ممتلئة بالكلاب و الدماء تسيل مني تملأ السيارة ، لكنني أمسكت الشريط و إبتلت ثلاثة حبات أخرى دفعة واحدة و مضغتهم كالسكاكر .. إختفى الوهم أخيراً
لا أعتقد أن الكبتاجون يعمل في الحال ولكنه إقتناع نفسي .. إنها خدعة اللاوعي التي ينسجها كل مرة و يصدقها عقلي
لكن جروحي كانت تنزف ، و فك الزحام و كنت أنا من أسد الطريق
و إختفت عزة .. كنت أتوهم أنني أراها فقط
أصبحت قلقاً بسبب ما قد تسببه لي تلك الحبوب التي أتناولها دفعة واحدة من مادة خطرة  قد تسبب توقف قلبي عن العمل

مخلوقات غريزيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن