اللعنة عليهم و على ابتسامتى..

56 4 7
                                    

" وقد شوهِدَ النجم الكبير "ڤير سينج" يجلس مع مدير أعماله السيد "چورچ" فى مطعمٍ فى مومباي و قد ارتسمت على وجهه ابتسامة واسعة و لم يمر على وفاة إبنته الصُغرى إلا شهر أو أكثر قليلًا."

كان مُمسكًا بصحيفة فى يده ويقرأ هذا الخبر الذي كُتِبَ باللخط العريض فى منتصف صفحة من صحيفة كبيرة و اتُبِعَ الخبر بصورة له و هو يأكل وينظر إلى چورچ ...
تبدلت نظرات چورچ و زوجته من نظرات خوف إلى نظرات حنقٍ و شفقة على حال المسكين ..
بدأ فى الصراخ و قد إحمر وجهه غضبًا :

- لم يرونى و أنا حابسًا لنفسي فى غرفتها أبكي وأشهق كالأطفال!

لم يروا عيني المنتفخة..

لم يروا الهالات التى ارتسمت أسفل عيناي..

لم يروا البؤس والحزن واليأس والألم وكل المشاعر السيئة الموجودة داخل قلبي..

هم فقط رأوا ابتسامتى..اللعنة عليهم جميعًا وعلى ابتسامتى!

تنفس بعنفٍ وهو يطرق بيده على الطاولة ثم أكمل  قائلًا بسخرية:
و أيضًا انظرا ماذا كتبوا!

"التى لم يمر على وفاتها إلا شهر أو أكثر قليلًا"

هم حتى لا يحسبون أن وفاتها مر عليها شهر و أسبوع وثلاث أيام..
خطف نظرة إلى ساعة الحائط بسرعة وأكمل كلامه :
و ساعتان وخمس دقائق!

تلعثمت زوجته قليلًا و ظلت تُرتب كلامها عدة مرات ثم قالت سريعًا :

-إهدأ ڤير أرجوك..هم هكذا دائمًا..حتى لو لاحظ الحقراء حزنك فهم لا يرحمون..هم يكذبون ليجعلوك تخسر معجبيك فقط ..

و تذكر جيدًا أنه إن أحبك معجبوك بكل صدقٍ فلن يهزهم أى خبر من تلك الأكاذيب و لن تشغلهم الإشاعات..بل سيلحظون حزنك و يلحظون تعبك و إرهاقك..سيشعرون بك و ينفطر قلبهم حزنًا عليك كما يمتلىٔ حبًا لك،
لا تنسى ذلك..
أن منهم من يحبوك من قلوبهم ، ڤير.

هز قلبه كلام زوجته چوليا واطمئن قليلًا ثم تكلم بعدما أخذ نفسًا عميقًا :

-تذكرى أن هناك منهم من يأذونني...من يسبونى ويسخرون منى على مواقع التواصل الإجتماعى..ويرسلون لى ذلك دون شفقة أو رحمة..دون شعور منهم بكونى إنسان..رغم علمهم بكونى أرى رسائلهم الحقيرة!

و إن ابتعدت عن مواقع التواصل يتهموننى بأننى لا اهتم بمعجبيني و اننى ڤير المتكبر الغير مبالى!

و تذكرى أن منهن من تكرهكِ ..وتسبك دون سبب!

وعن هؤلاء الحقراء منهم الذين يستغلون شهرتى و معجبيني ليلعبوا برؤوسهم و يكسبوهم لمصالحهم الشخصية الحقيرة!

تذكرى أن هناك قلة منهم يحبونى لأجلى فقط...لأجل "ڤير" الرجل الهندى..

عمّ الصمت قليلًا آثر كلمات ڤير و نظرا كلاهما إليه لا يستطيعا الرد!

هدأ ڤير و جلس على كرسيه بتعبٍ و قد ظهرت على وجهه الثلاثيني آثار التعب..وتجاعيد خفيفة لاحظتها زوجته.

قامت چوليا من مكانِها وسارت ببطءٍ نحو ڤير الذي خبى وجهه بكفيه بألمٍ يُذيب قلبها..
رفعت وجهه إليها وظلت تنظر بإندهاش إلى أسفل عينيه وجانبيهما..ثم قالت بحزنٍ بعدما رأت نظرته المستفهمة :
-انظر ما الذي ظهر على وجهِك ؟

علامات الحزن و التجاعيد.. وكأنك شخصًا فى الستين من عمرِه!

نقلت نظرها إلى عينيها ونظرت إليه طويلًا و قلبها يُعتصر آلمًا على حبيبها الحزين..
وضعت كفها على جانب وجهه وقالت بضعفٍ:

-"لطالما كنت قويًا...لطالما حاربت منذُ كنت طفلًا...طفلًا صغيرًا يعمل و يجتهد من أجل لقيمة خبز..ليُطعم عائلته و يُعلم أخته وأخاه..
لطالما كنت أقوى و أقوى..
لطالما كنت بطلي و بطل معجبيك ..
أرجوك لا تخذلنى أو تخذلهم و تنكسر هكذا ..أرجوك حافظ على قوتك فهناك الملايين يمتدون قوتهم من عينيك الفاتنتين تلك!

أنا قوية بك و بسببك...لا تجعل بعض الخرافات و الكلام الصادر من بعض الحاقدين يكسرك..
انت ڤير.."

قطع كلامها صوت شهقة خرجت من چورچ بدون إرادة منه فإنفجر باكيًا غير مسيطرًا على نفسِه..
نزلت دمعتان من عيني ڤير و نظر إليه طويلًا فأكملت چوليا بنبرة متألمة وقد انخفض صوتها و بان عليه مدى لبكاءٍ مرير:

-تذكر أننى أحبك..تذكر أن چورچ يُحبك..تذكر أن إبنتنا تُحبك..تذكر أن هناك القليل يحبونك من كل قلبهم..لا تحزن أبدًا. حتى لو كانوا قلة!

و إن كنت تظن أنك فقدت ابنتك فأنت خاطيء..هى كانت ضعيفة كالبسكويت،
كانت ستنكسر بسهولة من الكلام النابع من سلة القمامة المسماة بالصحافة _إن تحدثوا عنها أو ما شبه_.

لم يرضَ الله أن يراكَ حزينًا أبدًا فأخذها و احتفظ بها عنده، فى جنته، كى لا يكسرها أحد أو يمحى ابتسامتها!
،،تقف ضاحكة منتظراك ومنتظرانى..تذكر أننا سنقابلها فى مكانٍ أفضل بكثير!

وتلك الأكاذيب ستُظهر لك من يحبك ممن يُمثل..إن رأيت شخصًا يسبك على تلك المواقع؛ احظره، أو تجاهله واجعله يحترق.
وان رأيت من يحبك و شعرت نحوه بالصدق فرد عليه سريعًا و قل أنك تُحبه أيضًا؛ سيسعد قلبه وأسعدقلبك حبيبي..
لا تشغل نفسك بهم يا ڤير.

قطعها چورچ و هو يُصقف إعجابًا بكلامِها فصدرت منها ضحكة صغيرة و هى تمسح دموعها و ابتسم ڤير بحبٍ لكليهما و فتح ذراعيه نظر إليهما فقام چورچ سريعًا وجرى و هو يحتضنه بشدة وزمد يده ليضعها على ظهر چوليا أيضًا.
ظلا ثلاثتهما متعانقين ..كلٌ منهما يبكي و يُخفي عن الآخر كى لا يُبكيه..
كلٌ منهما يشعر بالحب نحو الآخر..الحب فقط هو ما يملىء ثلاثتهما..
وماذا سيتمنى ڤير أكثر من صديقٍ مخلصٍ يُحبه بصدقٍ و زوجة حنونة تُعامله كطفلها!؟

لا تنخدع بضحكاتى!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن