استعادة روح

49 3 2
                                    

---مرَّ الكثيرُ عَلى وفَاتِها.. الكثير بالقدرِ الذي جعلَ نارَ قلبِه تهدئُ قليلًا.. حتّى بدأ فى استعادة نفسه القديمة.

استعاد جسده القوى مرة أُخرى.. استعاد عينيه الشابتين مرة أخرى و بدأت الهالات التى ارتسمت تحت عينيه تختفي شيئًا فشيء.
كلما نشبت نارُ الإشتياقِ فى قلبِه ذهبَ إلى قبرِها.. و تحدث معها و يظل يشكى و يبكي و ينتحب حتى يشعر بالإرتياح و يشعر بإحتضانِها له.. بتقابل روحيهما!

ثم يعود مرة أخرى جالبًا ألعاب كانت تحبهم واضعًا إياهم في دار الأيتام الخاص به،

فكلما رأى طفلاً يبتسم يتذكرها؛ فيهدىء قلبه.

ظل على هذا الحال حتى إعتاد.. اعتاد على فراقها عن أحضانِه و قُرب روحها من روحِه.

بدأ فى العمل مرة أخرى بعد عامٍ كاملٍ من وفاتِها..بدأ النشاط يدب فيه مرة أخرى..
أصبح مفعمًا بالطاقة..فهو" ڤير".. ڤير القوى القادر على فعل و تخطى الكثير!
لطالما كان قويًا مُنذُ صغره.. منذ توفى أبوه قبل ميلاده  بأيام..
منذ أن بدأ يعمل وهو فى السابعة من عمره!

عَمِل فى مطعمٍ ثم صيدليةٍِ ثم فِى محلِ بقالةِ كبيرٍ ثم عاد يعمل كبائعٍ فى مكتبةٍ كبيرةٍ فى قريتِه..

و هكذا حتى تعرّفَ يومًا على صديقٍ عظيمٍ..

صديق غير حياتَه.. "چورچ" الذي عرفه من المدرسة الثانوية و كان قد بلغ ثمانية عشر عام!

حينها عندما علمَ چورچ بموهبته ظل يدعمه و يقوي من شخصيته و من نفسه.. وقف بجواره حين طرده مخرج ساخرًا منه ناعته "الفاشل الموهوم"..

وقف بجواره حينما تم قبوله للتمثيل فى مسرحية كبيرة عُرِضت على شاشةِ التلفاز حينها.

تذكر سعادة چورچ الكبيرة عندما كان يُمثل أول فيلم له،
و تذكر فرحته هو عندما افتتح چورچ شركة انتاج الكبيرة الخاصة به...والتى مُنذُ اُفتُتِحت حتى أصبحت شكرة الانتاج الوحيدة التى تُنتِج أفلام ڤير!---

كان ڤير جالسًا على كرسيه يهتز ببطء به إلى الأمام والخلف ممسكًا بميدالية بها صورتها بين قبضتيه بشدة و هو ينظر أمامه سارحًا يتذكر الماضي.. يتذكر كل شيء.. يتذكرها و يتذكر أول لقاء له مع زوجته و يتذكر جورج و يتذكر المعجبين الذين يضغطون عليه على مواقع التواصل الاجتماعى لتمثيل فيلم جديد فقد طالَ غيابه!

قطعت طرقات لطيفة على الباب حبال أفكاره فأذن للطارق بالدخول فكان چورچ!

"أحس ڤير بالصدمة قليلا حيثُ أنه كان يُفكر به لتوه"
دخل چورچ للغرفة بأدب مبتسمًا فإبتسم ڤير له بحب ودعاه للجلوس أمامه.

جلس چورچ و عاد ينظر إلى ڤير قائلًا بفرحة:
-ظهرت عليگ آثار التحسن ڤير و أنا سعيد بذلك.

*أماء ڤير بسعادة و قد لمعت عيناه حزنًا لسببٍ لا يعلمه*
-عندى لك خبر رائع،
بل أشد من الرائع!
"قالها چورچ بحماسة"

-أطربني بجمالِ خبرك سيدى.
"قال ڤير مازحًا"

-هل تتذكر أنك أخبرتني يومًا أنك أود تأدية عملٍ من تأليف مؤلفٍ ما؟
هل تتذكر هذا المؤلف؟
"قال جورج بنبرة سائلة ليُثير الغموض"

نظر إليه ڤير بعمقٍ و أماء له برأسِه فرد جورج بإماءة مؤكِدة..
فصرخ ڤير قائلًا:
-"زيشان كابور"؟؟

-نعم،
أهم مؤلف ومُخرج أفلام فى تاريخ بوليود يدعونك عى العشاء بعد يومين فى منزله وهذا سيناريو الفيلم ابدأ بقرائتِه من الآن.
"أجاب جورج بجدية مصتنعة و هو يمد إليه كومة الورق المرتبة التى فى يده"

قفز ڤير من مكانِه و احتضن جورج بقوة و هو يضحك و يقول بسعادة عارمة :
-هى سعيدة الآن جورج!
ستكون سعيدة بي و هى ترانى أعمل على فيلمٍ جديدٍ سينجح لا محالة!

ظل يومئ جورج برأسه بقوة و هو يحتضنه سعيدًا برؤيته سعيد.

"ظل يُفكر كثيرًا فى الدقيقتين اللاتى احتضن فيهما ڤير.. هل يُخبره بإسم البطلة أم لا؟..ورست أمواج تفكيره على تأجيل أى شيءٍ يُعكر مزاجه الآن"

نظر إليه جورج مبتسمًا و هو يقول:
-هلا ذهب ثلاثتنا اليوم فى حفلة عشاء.. و تكون عليك؟
"شدد على كلمته الأخيرة فضحك ڤير بشدة"
-لطالما سيكون جورج هو جورج.
"قالها ڤير و هو يضحك لامعًا العينين"
كاد أن يخرج من غرفة المكتب الا أنه عاد و طل بوجهه  وقال  مذكرًا چورچ :
-اتصل بچوليا أخبرها و اجعلها تأتى سريعًا لتستعد، حتى لا تؤخرنا.
"قال جملته الأخيرة وهو يتحدث بغضب مصتنع فضحك چورچ آثر طريقته"
--------------------------------------------------------
ترك ڤير جورج فى غرفة المكتب الخاص به و ذهب إلى غرفة نومه ليختار طقمًا حسنًا ليومٍ رائع!

"غرفة واسعة مطلية باللون الزيتي يتوسطها سريرٌ بني اللون بسيط التصميم و رقيق التفاصيل.. ممتلئة بالتحف التاريخية و الرومانية و الفرعونية الموضوعة على أرفف المكتبة لتفصل بين الكتب وبعضها وفى أحد أركانِها يوجد" الشمعدان" فى مكانٍ قريب من تلك المكتبة مُطفئ الشموع دائمًا طالما ڤير ليس فى الغرفة.
فتح الدولاب الكبير المُنظم بإتقان.. البدل السوداء فى مكان والقمصان فى مكان و البلوفرات الصوفية فى آخر و هكذا...

أخرج بدلة سوداء اللون و كارفت أسود و قميص أبيض اللون و هذا هو زيه التقليدى لأى مناسبة خاصة!

ارتدى ملابسه و مشط شعره بتسريحته المميزة التى لا تظهر بشكلٍ متكاملٍ الا عليه هو.. و كأن تلك التسريحة خُلِقت له!

خرج ليجد زوجته التى عادت من خروجتها جالسة على الأريكة تتناول الفشار بعدمِ اهتمام.

-هلا جهزتى حالكِ چوليا؟
سنتأخر كالعادة بسببِك..!

-لن آتى.
"ردت عليه بلامبالاة وهى تلتقط هاتفَها ببرود"

نظر إليها ڤير بحزنٍ ثم قال:
-اذن فسألغى تلك الليلة.. لنؤجلها لوقتٍ آخر.

لم ترد عليه وظلت تلعب بهاتِفِها بيدٍ وبالأخرى تلتقط الفشار ببرود.
حضر چورچ الى الصالة و قد غيرّ ملابسه و استعد كما فعل ڤير..
ظل ينظر إلى ڤير و نظراتِه الغاضبة ثم نظر إلى الجالسة ببرودٍ تلعب!
أراد أن يُخفف من هذا الجو المشحون فقال مازحًا:
-يبدو أنكِ متعبة،
اذن هيا بنا نحن ڤير.. نقضي الليلة بدونِها ونصتحبها فى وقتٍ تصير فيه أفضل.
نظر إليه ڤير بنظراتِه النارية فأومىء چورچ له يحثه على ذلك فإقتنع ڤير وغادرا الرجلان خارج المنزل.

لا تنخدع بضحكاتى!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن