فقد سئمت الكتمان!

42 3 3
                                    

على سريرِهما الواسع اتكأ ڤير على ظهره يتأمل السقف فى الإضاءة الخافتة واضعًا يد تحتَ رأسِه و الأخرى على صدره.
أما هى فقد والته ظهرها مُتكئة على جنبِها الأيمن حاضنة الوسادة و هى تلعب بهاتِفها.

-إلى أين ستُلقى أقدار الحياة بنا؟
"سألها بصوتِه الهادئ الذي كسر الصمت المُمل"

-إلى ما نختاره نحن ڤير،
الأقدار لا تُلقى أحدًا..
بل نحن من نصنع تلك الأقدار ثم نحزن و نُلقى عليها اللوم!
"ردت چوليا بهدوءٍ و هى مازالت تُعطيه ظهرَها"
زفر ڤير بحنقٍ ثم قال موبخًا:
-الوقتُ ليس مناسبًا لفلسفتك تلك!
-أى وقت يصلح ليُقال به حكم.. فما الحياة الا حكمٌ و فلسفة!
-متى سننتهى إذن؟
ليس هناك وقتًا للإنتظار..،
أو بالأحرى الوقت المار كعدمه!

-ماذا تقصد بننتهي؟
"قالتها بصدمةٍ و قد التفت إليه بسرعة"

تكلم ڤير بغضبٍ شديدٍ ليُلقي عليها كلماتَه التى وقعت عليها وقع الصعقة:
-متى سينتهي هذا المسلسل السخيف چوليا؟
إلى متى سنظل نعمل كممثلين فى كل وقتٍ!
متى ستحصلين على حريتِك..على حبِك؟
و متى سأعيشُ أنا حياةً طبيعيةً بلا نفاقٍ أو عبء؟

سألت وقد بدأت تتعرق وقلبها ينبض بسرعة شديدة:
-ڤير،
أنت فى وعيك؟

-أنا دائمًا فى وعي و لكننى دائمًا صامت،
والآن حان وقت التحدث فقد سئمت الكتمان.
"أجاب ڤير و قد استعاد هدوء نبرته"

-و لِمَ فُتِحَ هذا الموضوع فى عقلِك اليوم؟
لِمَ عصفت بِك أفكارُكَ فى هذا الاتجاه؟
"سألت و قد بدأ الألم ينتاب قلبها"

-أنا دائمًا أُفكر فى هذا چوليا.. ليس من موقفٍ حدث اليوم أو بالأمس!
أنا دائمًا أفكر فى مدى كوننا صديقين!
الدعم و المشاعر الجميلة تلك و المدُّ بالثقةِ..
كل ما يحدث بيننا ما هو الا صداقة!
لم أرى لمعةَ عينيك لي يومًا..
و لم يخفق قلبي لكِ يومًا!
و أنتِ تعلمين هذا جيدًا!

دمعت عيناها فإحتضنها ڤير و قد حافظ على هدوئه بالكامل ثم أكمل و هو يدفن وجهَه فى شعرِها:
-قد انقطع حبل الوصال الذي كان بيننا... و هى ابنتنا!
و الآن نحن أحرارِ فى اختيارنا لكل شيء...
و أنا أُخيرك جوليا فإختارى :
إما حياة روتينية بلا حبٍ يشعر كلانا فيها بالمسؤلية الكاملة اتجاه الآخر،،
أو حياة ناجحة هادئة عساكِ تجدين من تُحبيه و يُحبك فتعيشين معه قصة حب عظيمة و أتمنى ذلك معى أيضًا.

لفت ذراعَها حوله ثم ضمته بشدة إليها ثم أجابت :
-حياةٌ هادئة بلا مسؤلية.. أو أعباء.

"قالت الكلمة الأخيرة ثم انهارت بين دموعِها فبدآ هو بتهدئتها و هو يبكي فى صمتٍ و يُزيد من ضمه إليها"

توقفت عن البكاء ثم اخذت شهيقًا بعنفٍ ثم زفرت و قالت:
-تستطيع جعل ذلك رسميًا من صباحِ الغد إن أحببت.

تركها مصدومًا فقد أصبح الآن هو المُخير..
نظر إلى عينيها بحزنٍ لاحظته هى فإبتسمت تقويه و قد عادت الدموع تتجمع فى عينيها فإنهمرت دموعهما معاً و هما مازالا ينظران إلى بعضِهما.

-هل لي بطلبٍ؟
"قال ڤير و هو يضغط حنجرته لتُخرج الصوت"

-تفضل عيني إن أردت.
"أجابت سريعًا بهدوءٍ"

-هل لي بقبلةٍ.. إنها الليلة الأخيرة!
"قالها ڤير و هو يحثها بمزاحٍ"

أومئت له بخجلٍ أقبلها ببطءٍ ثم إحتضنها و قال من وسطِ بكائه:
-أنتِ طالق.
أغمضت عينيها بقوة و قد ارتعشت أوصالُها آثر تلك الكلمة اللعينة.
تركها من أحضانِه و نظر إليها مودعًا و خرج من الغرفة و هو صامتٌ يحترق من الحزنِ.
حتى و إن كانا لا يُحبان بعضَهما البعض.. فهنا لا ينسيان أيامهما اللطيفة معًا!
يوم إفتتاح شركتها،
يوم فوزه بجائزةٍ عظيمةٍ لأول مرة،
يوم ميلاد ابنته و يوم وفاتها،
يوم وفاة والداه و يوم ان اكتشف اصابة ابنته بالسرطان،
إحتضانها له عندما يُعاديه العالم و دعمه لها حينما يتركها الجميع!

كل لحظاتِهما سويًا مرت أمام كليهما كشريطِ فيديو..
خرج ڤير مُتجهًا إلى غرفة مكتبه و قد حضر ورقة الطلاق التى اتفقا عليها هو و چورچ و تركها فى الصالة بالخارج حتى تراها هى ثم أكمل طريقه لمكتبِه.
------------------------------------------------------------
قاربت الساعة على الخامسة فجرًا و لم ينم كلاهما...
كلاهما يُفكر فى حياتِهما الشاقة والسعيدة والحزينة والسهلة والصعبة معًا.
حياتهما التى انتهت فى يومٍ و ليلة!

بماذا سيُعلق المعجبون و المعجبات؟

ماذا ستقول الصحافة؟

كم إشاعة ستُقال على هذا الأمر؟

كم من شخصٍ وضيعٍ سيتحدث على أيًا منهما؟

لِمَ حدث هذا من البدايةِ!

كيف ستسير الحياة مع كليهما بعد الانفصال؟

و رست الأفكار الهائجة فى العقولِ على جملةٍ واحدةٍ
"يا ليتها حية معهما..ما كان يحدث ما حدث"

لا تنخدع بضحكاتى!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن