ذات يوم، في إحدي الأحياء الفقيرة الذي تعيش بها العائلات الفقيرة و البسيطة، نجد داخل إحدي المنازل فتاة جميلة ذات وجه ملائكي، و بشرة بيضاء صافية كلون حبات الجليد تتململ في فراشها لتبدأ في فتح عينيها الزرقاوتين التان تشبهان لون البحر الأزرق و السماء الصافية لتستيقظ و علي وجهها ابتسامة عذبة تستقبل بها يومها الجديد، ثم تنهض من فراشها و تبدأ في ترتيبه، ثم تتجه لكي تفتح شرفة غرفتها الصغيرة التي لا توجد بها أشياء كثيرة. فما هي إلا غرفة بها القليل من الأثاث، فهذه الغرفة ما هي إلا وكر تلجأ إليه التي نادرًا ما تغادرها إلا عندما تذهب إلي عملها ، و بالرغم من صغر حجمها إلا أنها كانت نظيفة و مرتبة.
ثم يدخل الهواء فيبدأ شعرها الذهبي ذات الخصلات المشابهة لأشعة الشمس في التطاير لتبتسم ابتسامة هادئة مستعدة لمغادرة غرفتها.
و لاكن سرعان ما تختفي تلك الإبتسامة لتحل محلها ملامح حزينة، واجمة، يائسة. فهي تعلم أنها ستغادر تلك الغرفة علي نفق مظلم لا يعرف الراحة أو السعادة، هذا الظلام الذي خلقه والدها و جعلها تعيش به منذ صغرها بسبب ظلمه الدائم لها و معاملته السيئة لها. فهذا المنزل ما شهد من قبل أي لحظات سعادة فقط الحزن و البكاء، فهي تخشاه كليًا، تخشي النظر إليه أو الحديث معه تخشي أن تتقابل اعينهم سويًا فكلما نظرت إليه كلما شعرت أنها تقف أمام قاضي ظالم سيحكم عليها بالأعدام في أية لحظة فهي تشعر بالاختناق كأن القاضي قد أحاط حلقها بحبال و مستعد لتنفيذ الحكم
هو رجل ساخط، متبرم، غاضب، ظالم. فكيف يسمح لها أن تنفق علي اسرة بأكملها و ان تعمل أثناء دراستها و إلا لما سمح لها باستكمال دراستها لأنه غير مهيأ للإنفاق عليها . فاضطرت أن تعفيه من تحمل مسؤليتها و تتحملها هي و كانت تدخر ما تجنيه لكي تدفع مصاريف دراستها و لكن لم تكن تنجح دائمًا في ذلك حيث كان والدها يأخذ منها المال الذي تجنيه من عملها. فهو لم يكن يعمل و إنما كان ينتظر المال يأتي له علي صحن من ذهب دون بذل أي مجهود. كل هذا كان يحدث تحت أنظار شامتة و سعيدة بما تتعرض له الفتاة، انها انظار زوجة والدها التي دائماً ما تراقب ما يحدث بابتسامة شامتة فهي لا تقل ظلماً عن زوجها و تؤيده في كل ما يقوم به. فعلي الرغم من أنهاليست صغيرة في العمر حيث تبلغ ستة و ثلاثين عاماً و لكنها كانت دائمًا تغار من جمال أنيكا الذي ينبهر به جميع الناس و يتحاكي به مما كان يثير غيرتها الشهيرة لأنه يوجد من هو أجمل منها مما كان يجرح كبرياءها و غرورها لذلك قررت الانتقام منها و جعلها خادمة لديها فعلي الرغم من إرهاق الفتاة في دراستها و عودتها من عملها في ساعة متأخرة من الليل لكن زوجة والدها كانت تطلب منها القيام بجميع أعمال المنزل مثل تنظيف المنزل و إعداد الطعام و غسل الصحون و غيره...و كانت زوجة والدها في كامل سعادتها و هي تري إليزابيت في تلك الحالة و والدها كان يري كل ذلك دون إبداء آي رده فعل
ظلت بطلتنا علي هذه الحالة حتي أنهت دراستها فشعرت أنها قد أتمت جزء من مسئوليتها حتي اصبحت متفرغة لأعمال المنزل التي تكلفها بها زوجة والدها و العمل بالخارج لجني المال الذي يحتاجه والدها.
كل هذا كان يدور في ذهن فتاتنا حتي امتلأت عيناها بالدموع ، لتقف تدعو ربها و تصلي راكعة علي ركبتيها مغلقة عينيها واضعة يديها أمامها وهي تصلي بخشوع ثم ترتدي ملابسها و تستعد لمغادرة غرفتها لاستقبال مصيرها المجهول
ما كادت تخرج من غرفتها حتي تقابلت مع والدها الذي استوقفها بصوته الغليظ الاجش ليسري في جسدها بأكملها رعشة تعبر عن مدي خوفها منه ولكن بالرغم من ذلك حاولت استجماع قوتها لتسمعه يقول لها
الوالد:-رايحة فين؟
أنيكا:- رايحة الشغل، هو أنا بروح غيره
الوالد:- اااه.. طيب علي كده بقي يا ريت تجتهدي شوية عشان تكسبي أكتر أحسن الكام مليم اللي بتديهملي دول مش مكفيين حتي لقمة عيش حاف
أنيكا:- أعمل ايه يعني.. مانا بطلع من الصبح زي مانت شايف اشتغل لحد باليل و كل اللي باخده بديهولك أعمل ايه اكتر من كده!!
الوالد:- مش شغلي... الفلوس ديه مش كفاية ،اتصرفي لو وصلت انك تشتغلي للصبح مش لنص الليل اعملي كده المهم متدخليش البيت ده إلا و انت معاكي مبلغ محترم يعيشنا كويس.. اديكي شايفة العيشة بقت غالية ازااي
لتتابع أنيكا ما يقوله والدها و قلبها يؤلمها لما تسمعه تحت أنظار زوجة والدها التي تتابع ما يحدث بسعادة حتي انتهي والدها اخيرًا من حديثه الذي يقوله لها في كل صباح قبل أن تتجه إلي عملها ، فتخرج من منزلها و تسير في الطريق إلي العمل محطمة من حديث والدها الذي أشبه بجرعة سم تصدر من لدغة الثعبان و لكن هناك فرق، فلدغة الثعبان تميت المصاب علي الفور حيث لا يعطيه وقت للتألم مقارنةً بسم والدها الذي يلدغها يوميًا بحديثه المؤلم و لكنه لم يسمح لها بمفارقة الحياة حتي أصبحت تنتظر اللدغة الأخيرة التي ستودي بحياتها، فلقد رأت مقدار حبه للمال ولكنها لم تري يومًا حبه لها بل أصبحت متأكدة أنه لم يحبها ، لتتابع سيرها وهذه الخواطر و الافكار التي تدور في ذهنها غير حافلة بما يحدث حولها و ما يرتفع من أصوات و ضوضاء تملأ الشوارع و أصوات الأطفال الذاهبين إلي المدرسة و الرجال الذاهبين لعملهم التي طالما حلمت أن يكون والدها من بينهم و لما لا تكون أسرتها مثل باقي الأسر حيث يستيقظ الرجل مبكراً للذهاب للعمل و تعد زوجته الفطور لتجتمع العائلة حول المائدة يتناولون طعامهم وسط الضحكات و الأحاديث المختلفة التي لا تخلو من الفكاهة ثم يغادر رب الأسرة إلي عمله مستمعًا إلي أدعية زوجته له و لكن ماكان كل ذلك إلا أحلام سريعًا ما تلاشت عندما وصلت إلي عملها و التقت مع صديقتها(جوري) وهي إحدي صديقات أنيكا منذ أيام المدرسة و تعتبر صديقتها المقرب التي تستقبلها بابتسامتها المعتادة و كأنها تهون الكثير علي صديقتها قدر ما استطاعت لتقول بمرح
جوري:- الجميل عامل إيه النهاردة؟؟
أنيكا:- زي كل يوم مافيش جديد
لتتفهمها صديقتها علي الفور و تفهم المقصود من حديثها فمهما حاولت الابتسام في وجهها أو المزاح معها فهذا لن يعوضها الحنان الذي فقدته وسط عائلتها لتغير مجري الحوار و تتجه مع صديقتها لارتداء ملابس العمل حيث يعملن كنادلات في مطعم تابع لاحدي الفنادق الفخمة حيمثا يأتي الأغنياء لقضاء أوقات ممتعة و الاستماع إلي الموسيقي ليبدأن بالانخراط في العمل الشاق، و لكن هذا العمل أهون من تذكر قسوة والدي أنيكا
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
أنت تقرأ
ماذا يخبئ القدر؟
Romanceهل يمكن للمال أن يدمر حياة الأشخاص؟ هل يمكن لشخص فقد حبه لعائلته و أصبح لا يعرف معني الحب أن يقع في حب فتاة يومًا ما؟ هل سيأتي اليوم الذي يجد فيه الشخص راحته بعد الظلم الذي تعرض له ؟الجميع يسعي خلف المال فهم يعتقدون أن المال هو المتعة الحقيقية في ه...