رمَــادِي 02

14.4K 988 357
                                    

أستغفـرُ اللّـه العظيـم وأتـوب إليـه

🥀

فِي الوقتِ الذي بدَأت فين نجُوم السّماء تتلاَشى وتنطفئُ الواحِدة تلوَ الأُخرى، أفاقَت ذاتُ الثّامِنة عشرَ خريفًـا بِـانزِعاجٍ مِن صَوت المُنبّه القابِع عِند رأسِها، كفّاهَا اِرتقَـت لِوجهِها تفرِكُ محجَريهـا مُقاوِمةً النّعاس، ثمّ اِستَقامَت مِن فِراشِها تزفِرُ مُتنَهّـدة.

الإستيقاظُ صباحًا لم يكُن يومًا مِن مُفضّلاتِها، مع ذلِك هيَ تستيقظُ مُتجاهلَة أفكارَها البائِسة مُتحلّيةً بأمل ليَومٍ جديد. وفقط بعـد أن غسَلت وجهَها وفرَشت أسنانَها، اِتّجهَت لسرِيرِ شقيقِها الأصغرِ تُوقِظه. فاليَوم أوّل أيّامه بثانوِيّة سيول الوطنيّة، بعـد أن أتمّت دفع رسُوماتِ دخُولِـه، لطالمـا حرِصت على تقديم الأفضلِ لـه، حتّى وإن کـان على حِسـابِهـا.

«تايهيونغ! هيّا إستيقظ! لقد حلّ الصّبَاح»

فاهَـت بأرَقّ نبـرةٍ قد تحظَى بِها مُداعِبةً شَعـر شقيقِـها البُندقيّ، والذِي بِمُجرّد أن شعَـر بِحرَكتها تلك، أدرك أنّ وقتَ النّـوم قد إنتهى، فدَفن رأسهُ بِملاءَة السّرِير مُنزوِيًا على نفسِه يُغمغمُ بلکنـةٍ نـاعِسَة.

«قليلًا بعـد، يـوث نُونـا»

اِبتسمت هيَ بنَظراتٍ حالِمة مُطالِعةً مظهرهُ البريء، ثمّ لوهلةٍ سافرت ذاكِرتُها لِما حدث مساء أمسٍ بعد دوامِهَا، مشهدُ ذاك الطّفل الصّغير ذو الثّمان سنوات وهوَ يُحلّق عالِيًا ثمّ يسقط أرضًا لا يزالُ يُعادُ بعقلِها كآلة تسجيلٍ مُعطّلة.

هيَ للآن لا تدرِي ڪيف ستُواجِه الغُرابيّ، ولاَ بأيّ وجهٍ ستنظُر إليـه. لا تعلمُ بعد ماذَا حدث معهُ بالمشفى، خاصّة بعد طردِه لهَا، لكنّهَا عزَمت على الذّهـاب وزيارتهِ مرّة ثانيَة حتّى لَو عنَى ذلكَ تعرُّضها للإهانَة والطَّرد مُجدّدًا.

«هيّا أيّها البطل! إنهض واغتسِل، لايجبُ أن تتأخّر بأوّل يومٍ لك بالمدرسـة!»

تململَ الأصغر فِي فِراشِه، ثُمّ بيديهِ النّاعمَة قامَ بإخفاضِ الملاَءةِ مِن علَى رأسهِ ببُطىءٍ يطالِعُها بنظراتٍ بريئة ناعِسة، فتتّسِع أَساريرُها تُبادلُه الحركَة، مُلصقَة جبِينَها بخاصتّه اليَقّ بِحنانِ أمّ وأمـانِ أب، لطالَما كَانت لهُ كِلاهُمـا.

«صغيرِي تاي؟ أنت ستغتسلُ وتلبسُ ثيابك، وأنا سأذهب لأحضّر لك شيئًـا تأڪُله، حسنًـا؟»

«حليب المـوز! تاي تاي يُريدُ حليبَ المـوز!»

صاح البُندقيّ ينتفضُ مِن مكانِه مُعانِقًـا إيّاها على حينِ غرّة لترتدّ إلى الوراء مُطلقةً ضِحڪة صاخِبة، صداهَا عمّ الغُرفة بأكملِهَـا. مَا أثارَ حفِيظة بَقية أفـرَاد العائِلة، الذِي اِنتهى بِزمجرَة والدِهمَا أن يلتزِمَا الصّمت؛ مُذ أنّه الصّبـاح. والحقِيقةُ أنّ تلكَ كَانت ردّة فعلهِ فِي كلّ مرَّة يلهُوانِ فِيها. عدَا عن تلكَ التي تتنصّتُ عليهِما مِن وراءِ البَاب.

 رمَادي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن