part 16"الصديق الغائب"

448 22 7
                                    

وقفت حسناء أمام الڤيلا التي أصبحت عبارة عن كتلة كبيرة من الفحم الاسود ، كانت تقف صامتة تماما ، دلفت للداخل تحت أنظار محمد الذي كانت خديجة تتشبث به بخوف وهو يحملها على ذراعه، ويقف الجميع خلفه يبكون بصمت ، دلف محمد ورائها مع خديجة ، همت سوزان بالذهاب خلفه فأمسك آسر يدها قائلا
_"لازم نسيبهم ، هي محتجاه"
أمسكت سوزان يده وابتسمت بحزن وهزت رأسها إيجابا بصمت

في الداخل وقفت حسناء تنظر لجميع جوانب المكان بنظرة خالية من الروح ، بدأت تسترجع تلك الذكريات الجميلة أو بالأحرى هي الذكريات الجميلة الوحيدة التي عاشتها هنا في هذا المنزل ، قضت أجمل أيام حياتها مع إخوتها وابنتها الصغيرة ، تجمعت الدموع في عينيها وهي ترى حال هذا المنزل الان ، كانت عندما تدخل إليه تحس جدرانه تحتضن ضلوعها وقلبها بحنان جميل افتقدته لأعوام ، لكن الان أصبح عبارة عن رماد اسود ، جثت على ركبتيها معلنة الهزيمة وقد نزلت دموعها مؤكدة الأمر ، ظلت تبكي وتنتحب إلى أن احست بيد تسحبها لتصبح في حضنه وتحاوط ابنتها رقبتها بحب ، تمسكت بهما اكثر فهم من أغلى الاشخاص في حياتها ، وأخيرا أبعدها محمد عنه قليلا ومسح دموعها بكفه وقبل جبينها قائلا
_"دموعك غالية عندي يا حسناء ، صدقيني كل حاجة هتبقى تمام ، أنا حاسس بيك بس أنا جمبك ومش هسيبك ، بس انت متستسلميش كده امسكي ايدي وهنطلع من المشكلة دي بإذن الله وهتكون  حياتنا مليانة حب وسعادة من غير مشاكل"
ابتسمت له حسناء وقد ظهر على وجهها الإرهاق الشديد ، ونظرت لابنتها وقبلت وجنتها بحب ، بينما ابتسمت خديجة ببراءة واحتضنت والدتها ، ابتسم محمد ولف ذراعيه حولهما حتى شعر فجأة بارتخاء يد حسناء فنظر لها بقلق ليجدها فاقدة للوعي.

حملها سريعا وهرع للخارج ومعه خديجة ، نظر الجميع له بصدمة وهم يرون حالة حسناء ، تجاهل محمد اسألتهم بسبب قلقه وأدخلها في سيارة مالك وركب معه آسر وكريم وخديجة ، اما الباقي فاستقلوا سيارة عمر الذي طلب منه مالك الحضور مع الشرطة ليحققوا في سبب الحريق.

وقف مالك أمام منزل ما، فقال محمد بغضب
_"انت جايبنا فين يا مالك؟ لازم نروح المستشفى"
نظر له مالك في المرآة قائلا بهدوء
_"مينفعش تروحوا مستشفيات أو أماكن عامة حاليا حياتكم في خطر وأنا متأكد إن الحريق ده خطة مدبرة مستحيل تكون حادثة ، هتعيشوا هنا في بيتي لإني هأمن المكان بعناصر الشرطة والدكتورة أنا كلمتها وهي جاية في الطريق ، يلا انزل"
لم يفكر محمد كثيرا ونزل من السيارة وحمل حسناء بينما تبعه الجميع إلى  الداخل ، أما عمر فذهب عائدا للڤيلا لمتابعة التحقيق، أشار له مالك إلى غرفة بالطابق العلوي وبالفعل وضع محمد حسناء على الفراش وبدأ يقيس نبضها ليطمئن عليها، وبعد دقائق جاءت الطبيبة وطلبت من الجميع الخروج لتفحص حسناء بناءً على طلب محمد ليطمئن أكثر.

في الخارج وقف الجميع ويكاد الخوف والقلق يقتلهم ، فقالت رضوى محاولة تلطيف الأجواء
_"إن شاء الله هتبقى كويسة ممكن تكون مدام حسناء حامل مثلا"
أشرقت ملامح الجميع في تلك اللحظة ، بينما ضحك محمد بخفوت وهو يقول بهمس
_"ياريت بجد"
اقتربت منه خديجة فحملها وقالت بطفولة
_"يعني ايه حامل؟ هي ماما كويسة؟!"
نظر لها محمد وقبل جبينها قائلا
_"ماما كويسة يا ديجا ، وحامل يعني هتجبلنا نونو صغير بس احنا لسه مش متأكدين"
هزت خديجة رأسها إيجابا وقد ابتسمت بفرحة ، قالت والدة مالك بطيبة
_"يا جماعة طب هتفضلوا واقفين كده، اتفضلوا ننزل نقعد على ما الدكتورة تخلص"
اومأ محمد برأسه بتفهم، وأقنع الجميع بالنزول بينما سينتظر هو خروج الطبيبة.

هو أنقذني من عذابيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن