في الديوانية
ليليتي الأولى في الشافعية حيث نمت بلا سرير وعلى فراش وثير مد على ارض الغرفة, كانت الليلة الأطول في ما مضى من عمري . ابتداتها بجدال عقيم مع ابي الذي حاول جاهداَ اقناعي بضرورة الصبر والتحمل ليومين او ثلاثة ريثما يتدبر لنا امر توفير بيت لائق من بيوت معمل إطارات الديوانية حيث وظيفته الجديدة .
عندما لاحظ نبرة الياس والإحباط وانعدام إيلاء الثقة لوعوده حاول التقرب مني واحتضاني للتخفيف من كم الحزن والالم الباين على ملامحي ونبرات صوتي. غير اني ابتعدت عنه واعطيته ظهري كي لا اضعف تحت مظاهر الابوة التي حاول اصطناعها من لحظة وصولنا الى بيت جدي في الشافعة وحتى لحظة اختلائنا قبل النوم ببعضنا في حجرة النوم البائسة .
ولاني افتقدت كل سند لذا شعرت بالضياع فانخرطت بنوبة بكاء كتمتها بين وسائد الصوف الجديدة التي وضعتها لي جدتي والتي كانت تحتفظ بها للضيوف . بعد ان اكدت لي اثناء اعدادها لفراشي ولاكثر من مرة بانها اعتنت بنفش صوف الوسائد بيديها وخاطتها لها احدى عماتي من قماش ناعم وراعت ان تكون رؤسها من البريسم الوردي .
بعد ان جفت دموعي في مآقيها وبللت قبل ان تجف الوسائد الاثيرة لجدتي, استدرت كي افرغ بعضا من الغل الذي تولد في قلبي تجاه ابي . كنت مصرة في داخلي على ان امطره بسيل الأسئلة التي دارت في خاطري بعد الصمت الذي اعقب نوبة بكائي . الا اني صدمت اكثر حيث وجدت ابي يغط في نوم عميق غير مبالٍ لالام ابنته الوحدية المدللة .
قبل ان يدركني النوم تقلبت وتقلبت على فراشي في الغرفة المعتمة حيث اطفأ ابي انوارها اثناء ما كنت ادس راسي بين الوسائد منخرطة بنوبة البكاء .
عندما استيظت صباحا ظننت باني كنت نائمة على سريري في بيتنا في بغداد . نظرت الى سقف الغرفة بغرابة . دعكت عيني بقفى يدي ومددت ساقيا لانزل من السرير فاكتشفت باني انام على الأرض . عندها ادركت حقيقة كوني في مكان اخر . اصبت بالإحباط وعاودت النوم في فراشي .
لم كن ابي تاة جواري . يبدو انه غادر فراشه مبكرا على غير عادته . سمعت صوته وهو يتجاذل اطراف الحديث مع جدتي .
كنت بامس الحاجة للذهاب الى التواليت وكان ذلك احد اكبر همومي من لحظة ان وطات قدماي بيت جدي .
ترددت كثيرا قبل ان اشد العزم واخرج من الغرفة مسرعة ومطاطاة الراس كي لا أصاب بالحرج من عيون من يراقبونني متوجهة التواليت .
الاشراقة الباهتة لنور الشمس في صبيحة ذلك اليوم الشتوي اضاعت علي قدرة التمييز بين الاتجاهات . جعلتني اشك في إمكانية احتفاظي بقدراتي العقلية . كنت على يقيم تام بان الوقت صباحا, وفي ذات الوقت كنت مقتنعة بان الشمس هنا قد اشرقت من جهة الغروب . او هكذا هيئ لي واني أحاول ان اسابق ضلي قبل ان اكف الستارة البائسة عن مدخل التواليت .
أنت تقرأ
رحلة احلام
ChickLitقصة لامراة من ام المانية واب عراقي تقاذفتها الظروف والاحوال وعاشت النقيضين