رجعت للديوانية مكسورة الخاطر محطمة . افكاري مشوشة . تمنيت لو ان حادث يقع لي في الطريق يعيقني عن العودة الى البيت, تمنيت الموت . لم اكن مستعدة لتلقي النصائح والملامات من ست زهراء وبابا . كنت اتظاهر بعدم الاهتمام لموضوع فشلي وتركي للدراسة . غير اني كنت اغلي من الداخل . كل حياتي تحطمت بسبب عناد بابا . لولا عناده لكنت في افضل حال ولكنت الان برفقة ماما ولدرست الطب ولما حصل كل الذي حصل .
عندما اصل الى الديوانية سانفجر بوجهه لحظة لقائي به وافرغ نار غضبي . هكذا كنت افكر . لكني في حقيقة الامر كنت اعجز من افعل ذلك . ساحاربه بصمتي سانتقم منه بجفائي . ساوحي له بان عناده هو من دمر حياتي وحياة ماما, وتلك هي الحقيقة التي تغيضه . ساجعله يفهم باني اريد الانتقام منه باي وسيلة وان كنت لا اجرؤ على التصريح بذلك .
في ذات الوقت كنت الوم نفسي على ضعفها . كان بالإمكان ان أكون اكثر صلابة وقوة وان لا استسلم امام القدر . كان بامكاني التركيز على دروسي في اخر سنة لي في مدرسة الراهبات لكنت الان في الكلية الطبية ولما عرفت طارق ولا حذام ولا غيرهم ولا كان حصل لي ما حصل . كان بامكاني ان اترك بابا لشأنه واهتم بشؤوني الى ان انهي دراستي . ولكن...؟
لم يخطر على بالي أي عذر بل لم افكر في امر البحث عن حجج وذرائع لتركي الدراسة . ساقولها صريحة لبابا وست ازهار باني ساترك الدراسة نهائيا . بسبب عدم رغبتي دراسة القانون .
وصلت الى االبيت ظهرا, فوجدت باب الدار مقفلا من الخارج بسلاسل من حديد . كانوا هكذا يقفلونه . لا زال بابا في عمله وكذلك ست ازهار .
وضعت الحقائب على عتبة الباب وجلست فوق احداهن بانتظار عودة ست ازهار من المدرسة .
كانت السماء ملبدة بالغيوم ويوشك المطر ان يتساقط . لم تكن لي اية علاقة باي من الجيران كي استجير بهم من المطر ريثما تعود ست ازهار .
كان شارع منزلنا خاليا من المارة .
بدا المطر يتساقط رذاذا خفيفا باردا . أخرجت قميصا من احدى حقائبي ووضعته على راسي كي اتقي رذاذ المطر .
عندها مر شاب من امامي مهرولا . كنت منشغلة بدوامة افكاري المضطربة فصحوت على وقع خطواته ورفعت راسي ونظرت له . التقت عينيَّ بعينيه .
كان ينظر الى بكل وقاحة . ابطأ من سرعة سيره وبدا يمشي بخطوات وئيدة . اطرقت راسي وغضضت بصري تلافياَ لوقاحة نظراته .
تلاشت أصوات خطواته تدريجيا فرفعت بصري ونظرت حيث الجهة التي كان يقصدها .
توقف عن باب بيت تفصله عن بيتنا ثلاث بيوت .
رمقني بنظرة حادة وبرم شاربه الكث وارتسمت على وجهه ابتسامة ذات مغزى قبل ان يتوارى داخل البيت .
أنت تقرأ
رحلة احلام
ChickLitقصة لامراة من ام المانية واب عراقي تقاذفتها الظروف والاحوال وعاشت النقيضين