Part 13

72 13 4
                                    

حزمتُ ثياباً تكفي ليومين ثم إتجهتُ مع ماتيو إلى وجهتنا التي لن تحزروا ما هي.. إنها منزلُ عائلته!
عطلة نهاية الأسبوع في منزل ماتيو، و ما أثار ريبتي هي أن والدته هي من دعتني بنفسها بحجة التعرف عليّ أكثر، أما ما أثار ريبتي أكثر من ذلك هو آنجليتا التي حذرتني كثيراً من المجيء كأن شيئاً سيئاً سيحدث، أما ماتيو فقد سرّهُ ذلك و رحب بي بصدرٍ رحب، و قال أنها فرصة جيدة لقضاء الوقت معاً، أعلم فيما يفكر ذلك الفتى و أفعالهُ الجريئه المُباغِته و لا ننسى مزاحهُ الثقيل، هذا بحد ذاته يُذكرني بيوم ذهابنا إلى غرناطه و مبيتي في غرفته و ما قاله لي عن كوني طلبت منه أن يأخذني معه و تلك التخيلات التي لا أدري كيف يأتي بها ليجعلني أشعر بالإحراج!
و حيث أننا الآن في السيارة قمتُ بتنبيههِ:
_أرجو أن لا تفعل شيئاً أمام والديك الليلة.
إبتسمَ بجانبية ثم سأل :
_أيُّ نوعٍ من الأشياء تعنين؟
كم هو...عجباً لا أدري ماذا أقول!
_أنتَ تعلم.
_هل تعنين تلك القبلة التي شهد عليها جميع الحضور، أم تعنين جولة من التقبيل كالتي شهدت عليها نجوم السماء و نحن في الباحة الخلفية؟
لو أنه فقط يتوقف عن تذكيري بالأمور التي تجعلني أشعر بالإحراج!
_فقط توقف عن ذلك!
قال لي و نظرهُ موجّه للطريق:
_أتوقف عن تقبيلك؟
_نعم.
لساني ينطق بنعم بينما قلبي يقول لا!
_حسناً لكِ ذلك.

°°°
وصلنا حيث وجهتنا و ما إن صارتْ البوابة أمام ناظريّ حتى شعرتُ بأناملهِ تُعانِقُ أناملي فشددتُ عليه أكثر إلى أن اخترق مسامعي صوت شجارِ فتيات و لكنني لم أستطع تمييز تلك الأصوات، و كنتُ سأسألُ ماتيو عن الذي يجري فلمحتهُ يعقد حاجبيه و ينظر لتلك الواقفة هناك تطالعنا من بعيد.. إنها هي،ناتاليا!

كانت تقف و خلفها آنجليتا تمسك بمعصمها و على وجهها إماراتُ الغضب، أما ناتاليا فما إن لمحتها حتى أخذت تجري نحونا، أم أنها تجري نحو ماتيو تحديداً!
إذ قفزتْ عليهِ مُعانقةً إياه تحت ناظريّ، حتى أنها لم تُلقي التحية علي!
كان يمكنني أن أُفسر الأمر على أنها صديقة عزيزة عليه و ما هذا العناقُ إلا عناقٌ أخوي، لكن عدم إلقاء التحية علي لا يعني سوى شيء واحد! حرب نساء.

جاءت آنجليتا نحونا بخطواتٍ غاضبة و انتزعت ناتاليا من حضن ماتيو بقسوة.. ماتيو الذي لم يُحرك ساكناً و لم يُحاول إبعادها!
_متى ستتوقفين عن ألاعيبكِ القذرة، ليس مرغوبٌ بك هنا.
هكذا قالت لها آنج بذات النبرة الغاضبه، فضحكت ناتاليا ضحكة ضاخبة و ردّتْ:
_سأبقى ليومين و أرجو أن لا تُزعجيني كالآن..
نظرتْ لي لوهلة ثم اقتربت و أخذت تقرص خديّ بينما تقول:
_كارا الصغيرة.. أرجو أن لا تكوني من النوع الغيور ولا تنزعجي لأنني عانقت ماتيو فنحنُ مجرد أصدقاء و هو عناق أخوي قد يتكرر كثيراً خلال هاذين اليومين.
ختمتْ كلامها بإبتسامة جانبية بغيضه، أما ماتيو فلم ينطق بحرفٍ منذ وصولنا، حتى أنه لم ينفِ كلماتها المسمومه!
سحبني خلفهُ بقوة و غضب و ذهب إلى الداخل دون إلقاء نظرة عليها كأنها غيرُ موجودة.
و إتّجه إلى غرفة ما في الطابق العلوي كنتُ أظن أنها الغرفة التي سأمكثُ فيها لولا بروز امرأه من داخلها و هي أمه.
دخل الغرفة بذات خطواته الغاضبة، و جلس على الكرسي المقابل لكرسي والدته..
_هل لكِ أن تُفسري لي وجودها هنا؟!
صمتت والدته و أخذت تنظر من النافذه الزجاجية الكبيره، ثم أخذت رشفة من القهوة الموضوعة أمامها..
_مرحباً بكِ كارا، أرجو أن نقضي أُمسياتٍ ممتعة هنا.
ابتسمت لها إبتسامة بسيطه..
_أرجو ذلك سيدتي.
وضعت كوب القهوة على الطاولة مجدداً ثم نظرت لماتيو بوجهها الصارم..
_إنها ضيفتي هنا، أي أنه عليك أن تُحسن معاملتها سواء شئتَ أم أبيت.
نهض ماتيو بانزعاج و غادر الغرفة تاركاً إيايَ هناك مع والدته التي أخذت تُحادثني بطريقة أشبه بالإستجواب..
_أنتِ في الثامنة عشر أليس كذلك؟
_بلى.
_أعلم أنكِ تدرسين مع آنجليتا و لكن لماذا والداكِ ليْسا هنا معكِ؟
_هما لا يعملان هنا في العاصمه.
صمتت لبرهة ثم سألتْ مجدداً:
_و ماذا يعملان؟
_والدي معلم أما والدتي فهي ممرضه.
_غريب أن تدرسَ ابنتهما الفنون..
_ليس غريباً أن يدرس المرء ما يُحبه.
ضحكت بإستهجان ثم قالت لي:
_هذه نفس الجُملة التي قالها لي ابني ماتيو عندما طلبت منه أن يعمل في شركة والده و يتوقف عن تدريس الموسيقى في المعاهد.

إِعزِفْ لِي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن