Part 5

77 13 2
                                    

_هل نما لكَ جناحان فطرتَ من مدريد إلى هنا؟
كان يبدو كأنه سعيد و لكن ردة فعلي تجاه ظهوره المفاجئ قلبتْ تعابيره كلياً، فشعرتُ بالسوء حيال تصرفي ذلك، فحاولتُ تدارك الموقف قائلةً:
_أعني كيف جئتَ و لماذا؟
يبدو أنني زدتُ الطين بلةً..
_أعني أنه من الجميل رؤيتك هنا معنا.
وجّه نحوي نظرات بارده خاليه من المشاعر و هي نفسها التي كانت مرِحة قبل قليل..
_لا داعي للمجامله، على أي حال أنا هنا من أجل..
_كلا لستُ أجاملكَ، دعنا نجلس أولاً.
قاطعته في محاوله أخرى لتدارك الموقف..
توجهنا نحو أحد المقاعد التي تسعُ شخصين فانتهى بي المطاف جالسه على جواره تفصلنا مسافة قصيره.. لو كان رجلٌ آخر يجلس إلى جواري ما كنتُ لِأهتم بالمسافه بيننا، بل لم أكن لِألحظها حتى، و لكن ماتيو يشعرني بالارتباك..

_إذن.. إبدأ بسردِ قصة مجيئك إلى هنا.
ابتسم إبتسامه صغيره لم تزدهُ إلا وسامة ثم أجاب:
_هي ليست قصه.. كل ما في الأمر أنني علمتُ أنكم تقومون برحله إلى الجبال، و لم أستطع ترك آنجي تحظى بكل المرح وحدها، ثم إن الجبال محيط جيدٌ لكتابه الموسيقى.

لم أكن أعلم أنه يُحب المرح أو ما شابه، كما لم أكن أعلم أنه يقوم بكتابه الموسيقى كذلك، و لكن ماذا بِشأن دراسته؟!
_ماذا بشأن دراستك؟ لم تتغيب عن الجامعه أليسَ كذلك؟
_لقد تخرجت بالطبع، أ ليس ذلك واضحاً؟
هذا صحيح.. للتو انتبهتُ على ذلك، فهو يقوم بتوصيلي عند نهايه الدوام، إن كان مشغولاً بالدراسه فما كان ليفعل.. لكن ألا يعمل في وظيفه؟
_كم عمرك الآن؟ و هل تعملُ بوظيفه ما؟
ابتسم تلك الابتسامه الصغيره مجدداً ثم أعقب..
_أرى أنكِ أصبحتِ فضوليه بشأني.
شعرتُ بالتوتر و الغضب كذا التفاجؤ إزاء كلامه..
_كلا هذا ليس فضولاً، أو سمِّهِ ما شئت، كأنني أهتم!
اتسعت ابتسامته كأنني قلتُ ما يدعوه للابتسام..
_و لِمَ الغضب؟أنا أُمازِحكِ فحسب.. على كلٍ أنا في الثانيةِ والعشرين، و أعمل مدرساً للموسيقى.
هكذا إذن.. هو يكبرني بأربعِ سنوات..

خيّم الصمت علينا مجدداً و لم أجد ما أقوله فاكتفيتُ بالنظر للماره و تأملِ السماء المتوشحه بالأسود و المتحليه بالنجوم..
_إذن؟
اخترق مسامعي صوته، يبدو كأنه ينتظرُ مني قولَ شيء ما..
_ما الأمر؟
سألته و أنا أحدق لعينيه، ظننته سيقول شيئاً مهماً و لكنه قال:
_كيف كان يومكم و أنتم ترسمون؟
لِمَ لا يقول لي كيف كان يومكِ بدلاً من مخاطبتي بصيغه الجمع كأنه مهتم بالباقين؟!
_كان جميلاً، عدا أنني لم أُبلي حسناً في الرسم و سأقوم باعادتها غداً، إذا أننا سنغادر الجبال بعد غدٍ صباحاً.
قلتها بنبرة متثائبه إذ أنني حقاً متعبه و أرغب بالنوم..
_هوِّني عليك يا فتاة، أنا على ثقه أنك ستُبلين جيداً غداً.
ابتسمتُ له ابتسامه صغيره كالتي يُهديها لي..
_آملُ ذلك.
صمتتُ لبرهة ثم أردفت:
_متى ستغادر غرناطه؟
_بعد غد... سأقضي نفس المده التي ستقضونها.
أومأتُ له بصمت ثم واصتُ تأمل السماء.. و لكن خطرت لي فكره و هي أن نذهب إلى أرض عشبيه قريبه من الجبال و نستلقي هناك و نحن نُشاهد السماء، إنها الأفكارُ الرومنسيه التي تراودُ الفتيات ليلاً..

إِعزِفْ لِي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن