Part 18

66 10 16
                                    

سقط الهاتف من يد ماتيو و قد بدا وجههُ شاحباً كمن رأى شيئاً خارجاً عن الطبيعة يحدثُ أمام عينيه، من الذي اتصل به؟! بل ماذا قال؟ لقد كانت مكالمة مدتها ثلاثُ ثوانٍ فقط!

_ما الذي حدث يا ماتيو؟ لماذا يبدو وجهك هكذا؟

سألتهُ ولكن لا رد، كأنه لم يسمعني فأخذت أُلوّحُ بكلتا يداي أمام وجهه..

_أنا أتحدث إليك.. ماذا حدث؟ بدأتَ تُخيفني.

و مرّةً أُخرى.. لا رد ،هو لا يسمعني، بل هو في إنعزالٍ تامٍ عن ما حوله.
أياً كان ما حدث.. أمسكتُ بيدِه أُخبِرهُ بذلك أنني هُنا معهُ و إلى جوارهِ فوجدتُ أن كفّهُ باردةٌ جداً كمن هو خائفٌ من شيءٍ ما!

_ماتيو أخبرني ما الذي حدث؟

و مرّة ثالثة لم يتكلم و لكنه نهضَ عن الأريكةِ بصعوبةٍ و ارتجاف كأنَّ قدماهُ لا تقويان على حملِهِ!
خرج من الشقةِ فتبعتهُ و قد صعد سيارتهُ و بدأ يقود و هو يردد عبارة(أنا لا أصدق ذلك سأذهب إلى المنزل و ستكون موجودة)، و هنا قد بدأ خوفي يتزايد، هو لا يقودُ جيداً كأنه لا يرى أمامه، و ما الذي يصدقه؟ من التي ستكون موجودة في المنزل؟ أ هي والدته أم شقيقتهُ أم ناتاليا أم شخصٌ آخر لا أعرِفه؟!

دعواتٌ و صلواتٌ لكي لا يصيبنا مكروهٌ في الطريقِ نظراً لقيادةِ ماتيو المتدهوِرة، و أخيراً وصلنا إلى منزِلهِ حيثُ سيَتِمُّ الكشفُ عن المجهول!

دلفنا المنزل و هناك بدأ ماتيو بالركض كمن يُسابِقُ الريح، لا أدري إلى أين.. و لكنني أركضُ خلفهُ بأنفاسٍ متقطّعة بينما الخدم ينظرون تِجاهنا بِحُزن!

برزتْ في آخرِ الممر غرفةٌ كلما اقتربنا منها صِرتُ أسمعُ أصوات أشخاصٍ يبكون و هنا تحديداً عانقني ماتيو بشدّةٍ و قد أحسستُ بذلك الشيء السائل يبلل كتفي.. إنها دُموعه! و أنا أُطالِبُ تفسيراً!

دخلنا الغرفة فإذا بي أجد آنجليتا ممددة على الفراش و ريكاردو الجالس على الأرضية ممسكاً بيدها و دموعهُ تنهمِرُ بصمت، أما أصواتُ البكاء فهي تعودُ لوالدةِ ماتيو، و والدهما تنهمِرُ دموعهُ كالشلال!

اقتربتُ مُهرولةً تجاه ذلك الفِراش و أخذتُ أهُزُّ ريكاردو بقوةٍ بينما أقول بصوتٍ مُرتجف:
_ما بها آنجليتا؟ ما الذي حدث؟ فقط أخبرني أنها مريضة.. هل هي مريضه؟

لم يُجبني أحدٌ حتى ماتيو الذي جلس على الأرض إلى جوارِ أُختهِ مُنكَّس الرأس، أما أنا فقد أخذتُ أسألهم فرداً فرداً ولا أحد يُجيب إلى أن تحوّل صوتي المرتجف إلى بُكاء..

_أخبروني فقط أنها مريضة، أرجوكم.. أريدُ أن أفهم.
_لقد ماتت، ألا تفهمين؟! ابنتي آنجليتا قد ماتت.

إِعزِفْ لِي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن