𝐏𝐚𝐫𝐭 𝟎𝟑مشروع الفراشة

231K 11.2K 10.5K
                                    

هَلْ تَعْلَمُ عَن الضَّجَّة و تَسَاقَط الْمَبَانِي
و صَفْع الْأَبْوَاب دَاخِلِيّ عِنْدَمَا تَنْظُر إلَيّ ؟

...........................................................................

تنهدت ميلينوي بخفة ثم مدت يدها لمقبض الباب و فتحته لتقابلها رائحة الكحول القوية و الظلام الذي غطى الغرفة بأكملها فانكمشت ملامحها من الرائحة لكن ذلك لم يمنعها من التقدم أكثر ....

أغلقت الباب خلفها و مشت بحذر في تلك الغرفة الملكية الواسعة حيث ذلك الجسد الممد على السرير كجثة بلا حياة....

قارورات من الشراب الفارغة مرمية على الأرض... صينية طعام غير ملموسة....كل شيئ مبعثر و هي فقط لا تشعر....كعادتها....

والدتها ...

كانت نائمة على السرير كمدمنة تلقت جرعة مخدر و دخلت لعالم آخر.....و هي بالفعل كذلك...أدمنت على المهدئات و على المنومات حتى صارت لا تستطيع النوم و حتى العيش من دونهم.....و حالتها تسوء كل يوم...جسديا و نفسيا...

تقدمت ميلينوي أكثر و  ظهر الحزن على ملامحها التي تعودت على الغرور و اللامبالاة....حزن كان عميقا يصرخ بانهزامات و حروب و انكسارات....

لم ترد أن تجلس على السرير أو حتى تصدر صوتا خوفا من أن توقظها و تتلقى نفس العبارات السامة الحاقدة منها....ذلك كان يؤلمها بقدر ما كان يخيفها أن تتخدر مشاعرها يوما تجاه والدتها و تكرهها....

لذا فقط و من تلك المسافة القريبة اكتفت بالوقوف بهدوء و النظر لها و لتلك الهالات السوداء تحت أعينها....و للإرهاق و الشحوب الذي غطى ملامحها التي تذكر ميلينوي أنها كانت جميلة ذات يوم...

علاقتها مع والدتها كانت معقدة...ربما أكثر شيئ معقد في الكون.....لو أردنا وصفها لقلنا أن ميلينوي هي باندورا و والدتها هي صندوق الشرور....كلما لمست ميلينوي أمها...نظرت لها أو حتى تحدثت معها....كانت تغرق في كره و شر هائل ....كأنها كانت الزر الأحمر الذي يخرج كل سوء من أمها....لم تستطع أن تفهم سبب ذلك يوما....

أو ربما فعلت ...فهناك أسرار خطيرة لا تعلمها سوى ميلينوي...و ذلك عبأ آخر حملته لسنوات على أكتافها....

رغم سوء وضع والدتها النفسي...و رغم إدمانها و حالتها الشبه ميتة إلا أنها تفضل رؤيتها هكذا على أن تكون مستيقظة ...على الأقل تنظر لها دون كره و تدعي أنها حظت بلحظة مع والدتها كما يفعل أي شخص طبيعي....

لذا ظلت هناك بتلك الوقفة تنظر لروح بائسة و تشعر باليتم و الفقد ...

أخبرتكم أنها مستعدة لبيع كل حياتها هذه مقابل شيئ واحد فقط....

أن تنظر لها والدتها يوما بحب....أو حتى بالجمود فقط....فالكره كان كثيرا عليها و صار صعبا للتحمل....

نظارات و وشومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن