كنت أشعرُ أنني لستُ عاديًا، حسنًا ربما لم أكن فقط من حلَّ الظلامُ على بصيرتهِ، لكن لستُ في نطاق الطبيعِّي كما أراه،
الطبيعي هو أن تكون لك القُدرة على إبصارِ أي شيءٍ، والذي لا أمتلكهُ،
حين كنتُ صغيرًا، كنت أتذمرُ كثيرًا من انعدامِ قدرتي على رؤية برنامجي المُفضل،
كان شيئًا محببًا لي والآن أمسى ذكرى سحيقةُ البعدُ في ذِكراها، كون بمرور الأيامِ ما عدت أتذكرُ ملامحَ أشخاصهُ،
كان سيهون برفقتي معظمِ الأحايينِ، ما كان يبعثُ بي الشعور بالحنقِ بداية الأمرِ أنه لن تتاح لي فرصة رؤيته حين تمر بضعَ سنونٍ من حياتهِ، حين تغمرُ تعاريجًا بسيطة جبينهُ،
وكان أكثرَ من هذا، لم أعد أستطيعَ رؤيتي
لم يكن من الرائع أن يمرَ بك العمر دون أنه تفقهَ كيف تبدو تقاسيم وجهك، بالطبع كان دائمًا ما يردد سيهون أنني وسيم،
لكن لم يكن شيئًا يبعثُ بي راحةً نحو هذا سوى أنني إعتدتُ الأمر،
كانت ساعات اليوم الأولى كروتينٍ ممل لكنه مُحبب عن هدوءِ الغُرفة المُقيت،
حسنًا لا أبغضُ الهدوء على وجهِ العموم لكن أشعرُ بجدرانِ هذهِ الغُرفة تضيقُ حدَّ عدم وجودِ أدنى مجالِ للتنَفس،
كانت العُزلة تتسربُ بين ثنايا روحي، حينها كان شعور العجزُ يعتريني، حين لا يُصيبُ النُعاسَ أجفانِي لا أستطيعُ قراءةِ كتابٍ ما، كان سيهون من يقوم بهذا على الدوام،
حدَّ أنني كنتُ في معظمِ الأحيانِ أسمعُ فيلمًا ما، وأجاهدُ برسمِ مشاهدهُ بمخيلتي، كنت أهربُ من شعورِ عدم الراحة بقتلِ الوقت،
وبموعد عيدُ ميلادي الذي أعرضتُ عن إحصاءِ عددهِ، كانت هديةُ سيهون هذا العام هو الناي،
حين مرَ بضع أشهرٍ على هذا كنت قد فقهتُ بمساعدتهِ كيفية العزفِ، كان العزفُ بمثابةِ الاختلاءُ بروحي،
كان يُظهرُ نقيضَ ما أرددهُ عن كوني بخيرٍ، وفي حقيقةِ الأمر كنتُ بعيدًا كل البعدِ عن هذا،
وحينها شارفتُ على قضاءِ وقتٍ أكثر مع عُزلتي رفقةُ الناي، كان الحزنُ يعتمرُ قلبي، رُبما لم يكن حدثًا عابرًا، لكنها كانت سنون من الجهادِ سبيل راحةٍ زائفة،
بهذا الوقت لم أفر من حُزني،
كان دائمَ السؤالِ عن سببِ حزني، كان يعلمُ أنني لستُ دائمًا بخير، كان يفقهُ حديثي قبل استطاعةِ الحروفِ أن تُغادر سجنُ جوفي،
لكنه كان على الرغمِ من هذا يسأل عن حالي، لرُبما كان يظنُ أنني لن أهوى هذا،
لا يعلمُ أنه أفضلَ، لأنني لم أكن أجاهدُ في صنعِ تعبيرِ زائف، عدا قِلة من المراتِ حينَ أشعُر أنه ليس بخيرٍ، كنت أسردُ له كاذبًا خيرُ أحوالي،
لكن هذهِ المرة أجبتهُ بنبرةٍ مُختنقة أنني سئمتُ، سئمتُ من كلِ شيءٍ واللا شيء،
كان قد بلغَّ بي سوءِ كل شيءٍ حتى بات من العصيِ احتماله،
لرُبما حانَ وقتُ الرحيل، لرُبما أستطيع الراحة بهذا ~
![](https://img.wattpad.com/cover/232102600-288-k130019.jpg)