مرت ثمانِ ساعاتٍ على وجودهِ هنا، إزاء مكتبهِ وقد نال الأرهاقُ منه، أخذَ يُدلكُ بأناملهِ مقدمةِ رأسه ثم أبعدَ نظارتهُ الدائرية عنه،
كان قد أكملَ سردَ يومهِ بكتابِ يومياتهِ المُحبب ذو اللونِ البُني، عادة لم يتوانى عن فعلها،
حين تركه جانبًا جانبَ الرواية التي تحتلُ وقتهُ معظم الأحايينِ حين يكون مُتفرغًا، إلتقط فرشاتهِ وقد وضعها بالحبرِ مُسبقًا وباشر بالكتابةِ على الورقِ أمامهِ،
كانت هذه الرسالة التي لا يعلم عددها، رسائل لن تُقرأ ولن تُرسل، كان يكتبُ بلا توقف حتى قاربَ الحبرُ أن يفنى منه، ثم يتطلع بها ويُمزقها كحالِ الأخريات،
لا يعلم لِمَ يفعلُ هذا!،
خجولُ الطباعِ كحالهِ لن يذهب لفتاةِ ما ويسردُ لها حبهِ، بل سيظلُ جانب كتبهُ يندبُ شخصيتهُ الخرقاء، ويكتب لها،
يكتب لها كلَّ يومٍ، حين يعودُ من الجامعة، حين يراها، يبحثُ عنها بلا سببٍ، ربما كانت رؤيتها تبعث بهِ شعورًا محببًا، شعورًا لا يتمنى زوالهِ،
حين لا يمُر يومًا بلا رؤيتِها يفتعلُ خيالًا كتابيًا، أبطالهُ هو وهي، أحداثٌ يتمنى أن تتحقق، وحين يكونُ مِزاجيًا يُمزقُ تفاهتهِ ويمضي بحطامهِ بعيدًا عن الكتابة،
بعيدًا عن ملاذهِ الآمن ~